الحاسة السادسة
ـ كيف يكتسب الانسان الحاسة السادسة؟
من المعروف أن هناك بعض الأفراد لديهم القدرة على توقع الأحداث دون أن يكون لديهم المؤشرات أو الوقائع المادية التي تشير أو تؤكد امكانية وقوع هذا الحدث لذا فهو احساس داخلي ينتاب الانسان ويجعله متصورا لما حدث وسيحدث في المستقبل القريب وليس لديه تفسير عقلي أو عملي لهذا الاحساس وقد تصدق هذه الأحاسيس ويتحقق هذا التوقع وقد يخيب ولكن اذا صادق وصدق احساس الانسان فإن هذا يزيد من إيمانه.
وهذا لا يمنع من أن العباقرة من العلماء مثل اينشتاين ونيوتين وفرويد وغيرهم لديهم مظاهر الحاسة السادسة ولاشك أن الانسان كلما اقترب من الفطرة وكلما كان تلقائيا بسيطا ومرتبطا بالطبيعة كلما زادت الحاسة السادسة لديه لأنه قد يعتمد عليها في أمور حياتية كثيرة، فقبائل أفريقيا تستطيع عن طريق هذه الحاسة توقع التقلبات الجوية أو معرفة أماكن المياه في الأرض وبعض مظاهر تقلبات الطبيعة الأخرى. ويضيف د. ممتاز عبدالوهاب: ولكن مع تطور الأبحاث والاكتشافات العلمية الحديثة واعتماد الانسان عليها وارتباطه بها فكريا أصبح خضوعه للمنطق والاسلوب العلمي هو السائد وبذلك تقل لديه هذه الحاسة السادسة لأنه يتجاهلها ولا يستخدمها بل هناك من لا يثق فيها ويقوم بالعمل على كبتها لأنها لا تتعلق بالواقع الطبيعي أو الحسابات العلمية الدقيقة التي يخضع تفكيره لها.
أما البسطاء من الناس والذين يرتبطون بالطبيعة نجد أن نسبة الحاسة السادسة تواجدها لديهم أكبر كذلك المرأة تزيد لديها الحاسة السادسة عن الرجل وقد يعود هذا الى احساس المرأة الدائم بعدم الأمان والقلق من جانب الرجل ولذا فهي تستخدم التوقعات والهواجس لمعرفة المستقبل الغامض لكي لا تفاجأ أو تصدم في أمور حياتها، فهي سريعة لقراءة واستنباط أسرار وحركات زوجها وأحيانا تلجأ الى قراءة حظك اليوم في الصحف وتحرص عليها في القراءة وقد تلجأ الى العرافين فقد يأتي لها شعور بأن زوجها خائن وقد تكتشف ذلك دون مساعدة أحد.
أما عن الكتاب والادباء وأصحاب الروايات والقصص الخيالية الذين يتحدثون في رواياتهم عن بعض الأحداث والتوقعات التي قد تقع وتتحقق فيما بعد كما حدث مع الروائي مورجان روبرتسون صاحب رواية (الباخرة تيتانك) والكتابة ثيبث التي تنبأت بالحرب العالمية الأولى وجون انجلبر تنبأت بالثورة الفرنسة، فهذه الأحداث والتي ذكرت في بعض الكتابات قد حدثت بالفعل ولكن هنا الأديب أو المفكر لا يستعمل الحاسة السادسة لأنها مشاعر وأحاسيس ليس لها أي ارتباط أو توقع أو منطق بينما الكاتب يذكر احداثا ودراسات للواقع وبما اكتسبه من معرفة للتاريخ وما يتمتعون به من خيال خصب يجعلهم يتوقعون بعض الأحداث أو يتخيلون مستقبلا قد يثبت صدقه ولكن هذه الخواطر عملية إبداع وعمل عقلي وتمكن من استغلال القدرة على التخيل وليس بها إحساس أو مشاعر.
ـ ما هي مظاهر الحاسة السادسة؟
قد يتحكم الانسان في بعض الأمور الخاصة مثل رفضه لمشروع ما دون سبب واضح فهو يشعر باحساس بعدم الراحة أو الخوف من المستقبل وقد تتحكم الحاسة السادسة في علاقة الانسان بالآخرين فأحيانا ما يكون الانطباع الأول عن الانسان هو ما يحكم العلاقة المستقبلية مع هذا الانسان وأحيانا أن هذا الانطباع الأول كثيرا ما يثبت خطأه ويثبت العكس مع الأيام بأن هذا الانسان الذي أصدرنا عليه حكما بأننا لم نشعر معه بالراحة النفسية في أول لقاء بدا لنا مع الأيام أنه يتمتع بميزات وقيم انسانية كبيرة ثم نندم على ذلك الانطباع وهناك بعض الأفراد الذين يثقون في فراستهم ويصدقون في أحاسيسهم يكونون ضحية لهذا الانطباع الأول الأمر الذي يجعلهم يخسرون كثيرا من الناس أو القرارات السريعة بينما لو تريث الانسان وأخضع هذه الحسابات للعقل وللتجربة العملية فقد تكون قراراته منطقية أكثر ومرتبطة بالواقع وخاضعة للتقييم العقلي وبعيدا عن الأحاسيس التي لا تخضع لقواعد.
وغالبا من يؤمنون بالحاسة السادسة هم أيضا ضحية للتفاؤل والتشاؤم وهذا لأنهم قد يتفاءلون أو يتشاءمون من مواقف معينة أو أشياء تثير فيهم مشاعر الاطمئنان والراحة أو مشاعر اليأس والاحباط وهذا ناتج من فراغ ولكنها غالبا ما تكون عملية تحدث في العقل الباطن الذي يستوعب كثيرا من الأحداث والمواقف التي قد لا نستوعبها بعقلنا الواعي، فالعقل الباطن هو بمثابة الصندوق الأسود الذي يحتفظ بالأحداث التي قد يرى الانسان بعضها بأنها غير مهمة في حياته، كذلك هناك مشاعر وأحاسيس يريد أن يهرب منها الانسان ويتناساها ويكبتها فهي تنتقل الى العقل الباطن وكذلك بعض الأحداث التي ننتبه لها والأخرى التي تمر علينا دون أن ندركها يمكن أن تخزن في العقل الباطن، وهذا المحتوى الكبير في العقل الباطن لا يفقد طاقاته وقدراته ولكنه يظل محتفظا بها وقد تنعكس آثاره على أحلامنا ومشاعرنا وأحاسيسنا والتي قد نطلق عليها الحاسة السادسة فتوقع حدث معين قد يكون بناء على توقعات وأحداث موجودة بالعقل الباطن وتظهر في صورة احساس لا نعرف مصدره ولكنه يتحكم فينا.
الحاسة السادسة كما يقول د. ممتاز عبدالوهاب لا يمكن التدريب عليها ولا يمكن اخضاعها للتجربة لأنها احاسيس انسانية عميقة ودائما ما تكون قريبة من الطبيعة وصادقة وتلقائية ولكن لو تدخل فيها العقل أو التدريب فإنها تفقد تلقائيتها وصدقها.
ويضيف د. ممتاز عبدالوهاب ان هناك بعض الأفراد يمتلكون بعض القدرات الخاصة ولكنها تختلف عن الحاسة السادسة، فهناك تبادل الخواطر عن بعد حيث يمكن ان يتطابق فكر انسان مع آخر في مكان آخر وعلى مسافة بعيدة عبر آلاف الأميال كما حدث مع الامام عمر بن الخطاب أمير المؤمنين عندما نادى على سارية أحد قواد جيشه وقال له (يا سارية الجبل) ليحذره من خطر فسمعه على بعد مئات الأميال وأنقذ الجيش. كذلك الرؤيا التي يراها الصالحون أحيانا وفيها قد تظهر لهم بعض الأمور والحقائق المستقبلية القريبة وتتحقق أمامهم ويتمتع بها هؤلاء الصالحون فهي تختلف عن الحاسة السادسة، وكذلك تكثر هذه الحاسة لدى الأفراد الذين يتمتعون بمشاعر جياشة واحساس مرهف وتقل لدى الأفراد العمليين الذين يعطون العقل الأهمية الأكبر وأخيرا فإنه ليس هناك علاقة بين الحاسة السادسة ودرجة الذكاء وما زال علماء النفس يحاولون دراسة مثل هذه الظواهر لايجاد تفسيرات علمية لها واخضاعها للتجارب المعملية في محاولة التحكم فيها والوصول الى حقيقتها لخدمة البشرية والانسان.
تقبلوا خالص تحياتي