فهكذا يجب أن تتأدب النفوس أمام البلاء وأن تحمد المنعم والمثيب وهو (الله).
3 ـ التمييز بين الصابر وغيره :
الصبر: حبس النفس عن الجزع، وهو درجة من درجات السالكين ومنزلة من منازل المخلصين والمحبين، وفي هذا الجانب الأساسي للإيمان (الصبر) الذي هو بمنزلة الرأس من الجسد كما ورد في الأحاديث الشريفة، فكان من درجة التكامل الإنساني لذا كان من مصلحة العبـاد أن يجعـل الله (عز وجل) لهم سبباً في بلوغ هذه الدرجة ـ درجة الصابرين ـ فكان (الابتلاء) سبباً يصل به الإنسان إلى هذه الدرجة .
ولنا في القرآن الكريم شواهد يمكن من خلالها أن نصل إلى المراد، قال تعالى:
{وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ}( [2]).
ففي هذه الآية يبين الله (عز وجل) الابتلاء الشديد الذي وقع على النبي’ ومن معه من المؤمنين، وكيف واجهوه؛ لذا يقول ـ فيه ـ أحد المفسرين : إن شدة البلاء قد وصلت في هذه المعركة إلى درجة أن أحدهم كان لا يستطيع أن يتخلى.
ثمّ هكذا كانت شدة البلاء عليهم فلم يجزعوا بل صبروا صبر الأحرار وازدادوا تمسكاً بدينهم وإخلاصاً لربهم ونبيهم، وهكذا كان أصحاب الحسين× في واقعة كربلاء صبروا جميعاً حتى استشهدوا فنالوا منزلة عظيمة؛ لصبرهم أمام محنة البلاء، فقد رفعهم الله جل وعلا وخلدهم التأريخ.
قوة الصبر دليل على قوة الإيمان وكيف لا ؟!
وقد روي عن المصطفى’ أنه قال: (الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد...) ، فبالصبر يرقى قوم وبالجزع يخسر آخرون, وهذا ما بينه الإمام الصابر في ذات الله أمير المؤمنين(ع) بقوله: (من لم ينجه الصبر أهلكه الجزع) ، وكذلك رُويّ وفي التهذيب عن أبي عبد الله× أنه قال:
(إن من صبر صبراً قليلاً، وان من جزع جزعاً قليلاً ،عليك بالصبر في جميع أمورك فان الله عز وجل بعث محمد’ فأمره بالصبر والرفق فقال : {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً * وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً}( [3]).
وقال جل وعلا {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}( [4]).
فصبر النبي’ حتى نالوه بالعظائم ورموه بها فضاق صدره ، فأنزل الله عليه : {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ}( [5]), ثم كذبوه ورموه فحزن لذلك فأنزل الله : {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ * وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا}( [6]) فألزم النبي’ نفسه الصبر, فتعدوا وذكروا الله جل وعلا فكذبوه فقال :
(قد صبرت في نفسي وأهلي وعرضي ولا صبر لي على ذكر إلهي فأنزل الله عز وجل : {وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ}( [7]) فصبر في جميع أحواله ثم بشّر في عترته^ فقال (جل ثناؤه) فيهم : {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ}( [8]) فعند ذلك قال النبي’: (الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد) فشكر الله ذلك فأنزل الله: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ}( [9])، فقال: إنها بشرى وانتقام، فأباح الله له قتال المشركين فأنزل الله عليه: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ}( [10]) {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ}( [11]).
فقتلهم الله على يد رسول الله’ وأحبائه وجعل له ثواب صبره مع ما ادّخره له في الآخرة.
فمن صبر واحتسب لم يخرج من الدنيا حتى يقر الله عينه في أعداءه مضافاً إلى ما يُدّخر له في الآخرة.
4 ـ قوة البصيرة وتمام السريرة :
قوة البصيرة أي شدة الحجة, والعقل حجة فيكون المعنى شدة أو قوة العقل وتمام المكتوم أي اكتمال المكتوم، فكلما كان الفرد يمتلك قوة البصيرة كلما كان تحركه بحكمة وتدبر.
وأما تمام السريرة فمن السر وهو الإضمار الباطني فلا يعلم هذا الإضمار الباطني ـ الذي يخفى عن الناس ـ إلا الله (جل وعلا) فهو يعلم ما تخفي الصدور ، فالإنسان الذي يعيش لله لابد له من أن يتفاعل مع المصيبة والمحنة التي يبتلي بها بدرجة واحدة وبنحو واحد، حيث إن تفاوت درجة التفاعل لابد أن تعالج من ذات الفرد، لكي يعيش لله عز وجل وحتى يحرز درجة الصديقين.
فقضت الحكمة الإلهية في كشف الضمائم أن تكون بوسيلة من الله في اختبار العباد ألا وهي الابتلاء حيث قال جل وعلا : {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}( [12]) .
حيث إنه (جل وعلا) يمتحن عباده بإقبال الدنيا وإدبارها ليظهر أفعاله التي يستحق عليها الثواب والعقاب ؛ لأنه جلت حكمته لا يحاسب الإنسان على ما فيه من قابلية واستعداد للخير والشر، وإنما يحاسبه على أعماله التي تظهر للعيان، ففي الضيق والبلاء تظهر حقيقة الإنسان فيُعرف عندئذ الصادق من الكاذب والعياذ بالله، ولنا في قوة البصيرة ما قيل عن فتح الموصلي حين اشتد به المرض، وأصابه مع مرضه الفقر والجهد فقال : >الهي وسيدي ابتليتني بالمرض والفقر فهذا فعالك بالأنبياء والمرسلين فكيف لي أن أؤدي شكر ما أنعمت به عليَّ(ع) ( [13]).
5- تعـلـم اللاحـقين من السابقين كيفية مجاهدتهم واستقامتهم بالدين :
قال الله جل وعلا : {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ}( [14]).
كلام يشد القلوب بإثارة وعِظة، وأجلى بيان لشرح سُنة الله تعالى الجارية في الأمم من أنه لا يمكن الحصول على المقصود ولا الظفر بالمطلوب إلا بعد بذل غاية الجُهد، ولا يتحقق الانتصار إلا بعد الصبر والاصطبار ومُقاسات الهموم والشدائد.
والخطاب لمن هداه الله تعالى إلى الإيمان وأمرهم بالاعتبار من أحوال الماضين الذين بدّلوا ما أنعم الله عليهم كفراً فحلّ عليهم غضب من ربهم.
(والمعنى) يا أيها المؤمنون كيف تتوهمون وتطمعون أن تدخلوا الجنة ولما يجر عليكم ما جرى على الصالحين من قبلكم في شؤون دينهم ودنياهم ؟!
فأنكم تبتلون وتمتحنون بمثل ما جرى على الغابرين فإن الطريق المسلوك واحد فكل ما جرى على السابقين من البلاء والامتحان من الباري (جل وعلا) يجري على اللاحقين لوحدة المبدأ والغاية والسلوك.
وذكر الواحدي في أسباب النزول أن هذه الآية نزلت في غزوة الخندق حين أصاب المسلمون ما أصابهم من الجهد والشدة والحر والبرد(والخوف) وسوء العيش وأنواع الأذى فكان بلاءاً عظيماً.
نعم، كان كما قال الله تعالى : {وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ}( [15]) وحكم الآية ليس في هذا الموقع فقط ولكنه عام إلى قيام الساعة، قال تعالى : {سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً}( [16])، فالابتلاء سنة لا يستثنى منها لا قوم ولا أمة فلا بد لكل أمةٍ أن تمر بطريق الامتحان, ولابد للإنسان أن يعتبر ويتعلم من السابقين، من كيفية مواجهتهم ومجاهدتهم واستقامتهم في الدين، ففي الآية الكريمة إرشاد للمؤمنين إلى أن يكونوا مثلهم في الصبر وتحمل الأذى والفزع إليه والاتكال عليه (جلّ جلاله).
وعن أبي عبد الله(ع) قال : (يؤتى بالمرأة الحسناء يوم القيامة التي قد افتتنت في حسنها فتقول : يا رب، حسنت وجهي حتى لقيت ما لقيت ؟ ! فيُجاء بمريم÷ فيقال : أنت أحسن أو هذه؟ قد حسناها فلم تفتتن،
ويُجاء بالرجل الحسن الذي قد افتتن في حسنه فيقول: يا رب، قد حسنت خلقي حتى لقيت من النساء ما لقيت ؟
فيُجاء بيوسف (ع) فيقال: أنت أحسن أو هذا قد حسناه فلم يفتتن ؟ !
ويُجاء بصاحب البلاء الذي قد أصابته الفتنة في بلائه فيقول : يا رب، شددت عليّ البلاء حتى افتتنت ؟ فيؤتى بأيوب (صلى الله عليه) فيقال: أبليتك أشد أم بلية هذا فقد ابتلي ولم يفتتن).
هكذا يحاجج الله (عز وجل) اللاحقين بالسابقين، وهكذا يتعلم اللاحقون من السابقين والعبرة لمن اعتبر.
6 ـ بلوغ الدرجات الرفيعة :
كل إنسان يعيش على هذه الدنيا يرغب في نيل الدرجات الرفيعة في الدنيا والآخرة هذا من جهة المخلوق، أما من جهة الخالق (جل وعلا) فأنه يكافئ العبد المخلص المحب له على هذا التمسك مكافئة من خالق كريم فيرزقه الدرجة الرفيعة لما صبر ورضى فكانت حكمته (جل وعلا) أن يكون الابتلاء والامتحان خير سبب لإبلاغ هذا المؤمن إلى الدرجة الرفيعة، فليس وقوع البلاء فقط عند اقتراف الذنوب أو للتذكير أو لأي سبب ولكن قد يبتلي الله (سبحانه وتعالى) وخصوصاً من ارتضاهم ممن قد تجاوز مرحلة الذنوب والتذكير من الناس.
ورد عن رسول الله(صلى الله عليه وآله), في مضمون قوله لسيد الشهداء الإمام الحسين(ع): (إن لك منزلة عند الله لن تبلغها إلا بالشهادة) ولكن، أي شهادة هي شهادة البلاء التي مرّ بها في واقعة الطف.
إنّ هذه المنزلة التي رفع الله بها الإمام الحسين(ع) إنما جاءت بعد رضا الله (جل وعلا) عنه(ع) فهو الصابر في المحن والبلاء والمحامي عن حرم الله ؛ لذا رفعه الله وعلى لسان نبيّه الصادق’ بأن جعله سيداً لشباب أهل الجنة أجمعين، فعن أبي عبد الله(ع) أنه قال :
(إن عظيم الأجر لمع عظيم البلاء، وما أحب الله قوماً إلا ابتلاهم)( [17]).
فبالصبر والرضا يعتلي المؤمن ويخرج من الاختبار والامتحان حائزاً على أرفع الدرجات وهذا ما أشار إليه أمير المؤمنين(ع) شهيد محراب الكوفة حينما غدره ابن ملجم اللعين بضربه بالسيف، قال(ع) بصوته الكريم (فــزت ورب الكعبــة)، أي فزت بالدرجة الرفيعة بعد الابتلاء العظيم والنصر فيه، فأن الدنيا قد أعدت لبلاء النبلاء؛ لأنهم هم أحباء الله وأحبابه ولابد لهم أن يُرفعوا درجات ودرجات، فهنيئاً لرسولنا وأهل بيته الميامين الأطهار (صلوات الله عليهم أجمعين) لبلوغهم أرفع الدرجات في الدنيا والآخرة بما صبروا وجاهدوا فنعم عقبى الدار لهم وهنيئاً لمن سلك طريقهم من التابعين لهم كأبي ذر الغفاري، وعمار بن ياسر، وميثم التمّار، وسعيد بن جبير، وغيرهم أعزهم الله (عز وجل) ورفعهم في الدنيا والآخرة. وهكذا اللاحقين بهم من العلماء العارفين والمخلصين العاملين من أجل رفعة الإسلام وإعلاء كلمة الله والوقوف بوجه إسرائيل وبلائها وفتنتها ، أمثال السيدين الصدرين الشهيدين (رضوان الله عليهما) وذلك لتحملهما عظيم البلاء وقوة الصمود على طريق الرسالة المحمدية وولاية أهل البيت (صلوات الله عليهم أجمعين) هنيئاً بما قال الله سبحانه : {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً}( [18])، هكذا ترتقي النفوس العظيمة بعد انتصارها وتجاوزها المحن والبلاء العظيم .
7- الإرادة الإلهية في تنقية العبد المؤمن من الذنوب في الدنيا :
إن هذه الحكمة الإلهية والإرادة الربانية في ابتلاء العبد المؤمن، هي من اللطف الإلهي الكبير الذي منّ الله به على المؤمنين، فمن ذا الذي لا يتمنى أن يقف بين يدي الله (عز وجل) وهو نقي من الذنوب ليس عليه تبعة, ومن لا يتمنى حسن العاقبة, فكان من عظمة لطفه سبحانه أن يجعل للمؤمن ما ينقيه من الذنوب في الدنيا، فكان البلاء سبباً في تنقية العبد المؤمن من الذنوب في الدنيا.
فعن أبي عبد الله(ع): (إن العبد إذا كثرت ذنوبه ولم يكن عنده ما يكفّر به ، ابتلاه الله بالحزن ليكفّر عنه ذنوبه ، فإن فعل به ، وإلا عذبه في قبره ؛ ليلقاه عز وجل وليس عليه شيء يشهد عليه)( [19]).
وعن رسول الله’ انه قال : (ساعات الوجع يذهبن ساعات الخطايا)( [20]), ولذا لابدّ للإنسان المؤمن أن يعي هذا اللطف العظيم الذي لا يزيده إلا صفاءاً ونقاءاً ، وأن يحمد الله ويثني عليه في بلائه الذي يصيبه في الدنيا لما فيه من عظيم الحكمة واقتضاء المصلحة الربانية لشخص الإنسان المؤمن ويحمد الله الذي لا يحمد على مكروه وبلاء غيره ، ففي كتاب الكافي عن أبي جعفر(ع) قال: (مر نبي من أنبياء بني إسرائيل برجل بعضه تحت حائط وبعضه خارج قد نقبته الطير ومزقته الكلاب ، ثم مضى فرفعت له مدينة فدخلها ، فإذا هو بعظيم من عظمائها على سرير مسجى بالديباج حوله المجامر فقال : يا رب أشهدُ أنك حَكَمٌ عدل لا تجور ، وعبدك لم يشرك بك طرفة عين ، أمتّهُ بتلك الميتة ، وهذا عبدك لم يؤمن بك طرفة عين أمتّه بهذه الميتة؟ قال الله عز وجل : أنا كما قلت حكم عدل لا أجور ، ذلك عبدي كانت له عندي سيئة وذنب ، أمته بتلك ؟ لكي يلقاني ولم يبق عليه شيء وهذا عبدي كانت له عندي حسنة فأمته بهذه الميتة لكي يلقاني وليس عنده شيء)( [21]).
قال الشيخ الصدوق في العلل تحت عنوان :
(العلة التي من اجلها تُعجّل العقوبة للمؤمن في الدنيا) عن أبي عبد الله× انه قال :
(إذا أراد الله تعالى بعبد خيراً فأذنب ذنباً تبعه بنقمة ويذكره الاستغفار ، وإذا أراد الله تعالى بعبد شراً فأذنب ذنباً تبعه بنعمة لينسيه الاستغفار ، ويتمادى به وهو قول الله تعالى: {سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ}( [22])، أي بالنعم عند المعاصي)( [23]).
وعن أبي جعفر(ع) أنه قال: (قال الله تعالى: وعزتي لا أخرج عبداً من الدنيا أريد رحمته إلا استوفيت كل سيئة هي له، أما بالضيق في رزقه، أو بلاء في جسده، وأما خوف أدخلته عليه فان بقي شيء شددت عليه الموت)( [24]).
اللهم طهرنا من الذنوب في الدنيا يا لطيف يا رحيم .