يبدو أنّ ما يطلق عليه اسم "الكولسترول الحميد" هو مجرّد خرافة لا
تستند على أساس علميّ حقيقي، فهذا النوع من الشحوم الذي يترقّب الأطبّاء ارتفاع معدّلاته في فحوصات الدم بفارغ الصبر، لا يحمي قلب المريض -كما يعتقدون- ولا يضيف أيّة حصانةٍ ضدّ نوبات قلبيّة مستقبليّة.
إذ أظهرت الدراسة التي قادها باحثون من أهمّ جامعات العالم -هارفرد- ونشرت في واحدة من أشهر المجلّات الطبيّة - The Lancet- بتاريخ السابع عشر من أيّار، عدم وجود رابط سببي بين ارتفاع معدّلات الكولسترول الحميد وبين انخفاض خطر الإصابة بالنوبات القلبيّة، وهي النتيجة التي تتحدّى الفرضيّة الشائعة في الأدبيّات الطبيّة عن دور هذا النوع من الشحوم في الوقاية من الاحتشاءات القلبيّة -أو ما يسمّى الجلطات، النوبات-.
سمّي هذا النوع من الشحوم بالحميد لأنّ دراسات سابقة كانت قد وجدت أنّ ارتفاع معدّلاته في الدم يرتبط بانخفاض خطر الإصابة بالنوبات القلبيّة، مما دعى العلماء إلى افتراض وجود رابط سببي وراء ذلك، وبمقابل الكولسترول الحميد HDL يطلق العلماء على نوع آخر من الكولسترول اسم السيّئ LDL، إذ أنّ ارتفاع معدّلاته يرتبط بخطر النوبات القلبيّة، وقد أُثبت أنّ الإجراءات الطبيّة التي تهدف إلى خفض معدّلات هذا النوع من الشحوم -أدوية، حمية- تقلّل من خطر الإصابة بالنوبات القلبيّة بنسبة كبيرة، أي بمعنى آخر، يسعى الأطبّاء دوماً إلى خفض معدّلات الكولسترول السيئ عند مرضاهم، ويستبشرون خيراً بارتفاع معدّلات الكولسترول الحميد.
لكن، "تظهر نتائج الدراسة أنّ ارتفاع معدّلات الكولسترول الحميد لا يقلّل ربّما من خطر النوبات القلبيّة -احتشاء عضلة القلب- عند البشر، لذا لا يمكن لنا بعد اليوم أن نفترض أنّ التدخّلات الدوائيّة التي تهدف إلى رفع معدّلات الكولسترول الحميد عند المرضى لها فاعليّة في تقليل خطر النوبات المستقبليّة" كما يعلّق مؤلّف الدراسة.