السيد جعفر الحلي
أبو يحيى السيد جعفر بن حمد بن محمد حسن بن كامل بن منصور بن كمال الدين، ينتهي نسبه الى الحسين ذي الدمعة، الى الحسين بن علي أبن أبي طالب عليهم السلام، وتسمى عائلتهم بالحلة الفيحاء بآل كمال الدين، ويسكن أجداده بقرية السادة التي تبعد عن مركز الحلة الفيحاء بحوالي كيلو متران تقريبا.
ولد الشاعر السيد جعفر الحلي سنة 1277 هجرية، وتوفي سنة 1315 هجرية وعمره ثمان وثلاثون سنة هجرية.
وكان السيد جعفر الحلي ذكيا وقارئا نهما لسيرة من تقدمه من الشعراء، ومتابعا ومتتبعا لأخبار الأولين وأحاديثهم، وترك الحلة الفيحاء وهو بعمر الخامسة عشر سنة ليتجه صوب النجف الأشرف حاضرة العلماء ومنجبة الشعراء، ودرس الفقه والشريعة على يد والده وأخوته وكبار علماء عصره كالشيخ عباس بن الشيخ علي كاشف الغطاء، والشيخ محمد طه نجف، وكان السيد جعفر سريع البديهة يرتجل البيت والبيتان بأحايين لا تحصى، برع السيد جعفر الحالي في مدح ورثاء آل البيت الأطهار عليهم السلام.
وجه الصباح علـي ليل مظلم.
وجه الصباح علي َّليل ٌمظلم ُ = وربـيع أيامي علي َّمحرم ُ
والليل يشهد لي بأني ساهر = إن طاب للناس الرقاد فهوموا
بي قرحة لو أنهـا بيلملـم = نسفت جوانبه وساخ يلملم ُ
قلقا تقلبني الهموم بمضجعي = ويغور فكري في الزمان ويتهم
من لي بيوم وغى يشب ضرامه = ويشيب فود الطفل منه فيهرم
يلقي العجاج به الجران كأنه = ليل وأطذرا الأسنة أنجم
فعسى أنال من الترات مواضيا = تسدى عليهن الدهور وتلحم
أوموتة بين الصفوف أحبها = هي دين معشري الذين تقدموا
ما خلت أن الدهر من عاداته = تروى الكلاب به ويظمى الضيغم
ويقــدم الأمـوي وهو مؤخر = ويؤخر الـعلوي وهو مقدم
مثل ابن فاطمة يبيت مشردا = ويزيد فـي لذاتــه متنعم
يرقى منابـر أحمد متأمرا = في المسلمين وليس ينكر مسلم
ويضيق الدنيا على ابن محمد = حتى تقاذفه الفضاء الأعظم
خرج الحسين من المدينة خائفا = كخروج مـوسى خائفا يتكتم
وقد انجلى عن مكة وهو ابنها = فكأنما المأوى عليه محرم
لم يدر أين يريح بدن ركابه = وبه تشرفت الحطيم وزمزم
فمضت تأم به راق نجائب = مثل النعام بـه تخب وترسم
متعطفات كالقسي موائلا = وإذا رتمت فكأنما هي أسهم
حفته خيـر عصابـة مضرية = كالبدر حين تحف فيه الأنجم
ركب حجازيون بي رحالهم = تسري المنايا أنجدوا أو أتهموا
يحدون في هزج التلاوة عيسهم = والكل فـي تسبيحه يترنم
متقلدين صـوارمـا هندية = من عزمهـم طبعت فليس تكهم
بيض الصفاح كانهـن حائـف = فيهـا الحمام معنون ومترجـم
إن أبرقت رعدت فرائص كل ذي = بأس وأم مـن جوانبـه الدم
ويقومـون عواليـا خطيـة = تتقاعـد الأبطـال حن تقـوم
أطرافها حمـر تزين به كما = قد زين بـالكف الخضيبة معصم
وتباشر الوحش المثار أمامهم = بيديه ساب كما يسيب الأرقم
وتقمصـوا زرد الدموع كأنه = ماء به غص الـصبا يتنسم
تقاسم اهلي الميراث وانصرفوا = من نـسج داود أشـد وأحكم
نزلـوا ابحومة كربل افتطلبت = منهـم عوائدهـا الطيور الحوم
وتباشر الـوحش المثار أمامهم = أن سوف يـكثر شربه والمطعم
طمعت أمية حين قل عديدهم = لطليقهم في الفتح أن يستسلموا
ورجـوا مذلتهم فقلن رماحهم = من دون ذلك ان تنال الأنجم
حتى إذا اشتبك النزال وصرحت = صيد الرجال بما تجن وتكتم
وقع العذاب على جيوش امية = من باسل هو في الوقائع معلم
ما راعهـم إلا تقحـم ضيغم = غيـر ان يعجظـه ويدمـدم
عبست وجوه القوم خوف الموت = والعباس فيهم ضاحك متبسم
قلب اليمين على الشمال وغاص في = الأوساط يحصد في الرؤس ويحطم
وثنى ابو الفضل الفوارس نكصا = فرأوا أشـد ثباتهم أن يهزموا
ماكر ذو بأس لـه متقـدا = إلا وفـر ورأسـه الـمتقـدم
صـبـغ الخـيول برمحه حتى غدى = سـيان أشـقر لونها والأدهم
مـاشـد غـضـبانا على ملمومة = غلا وحل بـهـا الـبـلاء الـمبرم
وله إلى الأقـدام سرعة هارب = فكانما هو بالتـقدم يسلم
بطـل تورث من ابيه شجاعة = فيها أنوف بني الظلالة ترغم
يلـقي السلاح بشدة من بأسه = فالبيض تلثم والرماح تحطم
عرف المواعظ لا تفيد بمعشر = صموا عن النبأالأعظيم كماعموا
فانصاع يخطب بالجماجم والكلى = فالسـيف ينثروالمثقف ينظم
أوتشتكي العطش الفواطم عنده = وبصدر صعدته الفرات المفعم
لوسد ذو الأقرنين دون وروده = نسـفته همته بماهو أعظم
ولو استقى نهر المجرة لارتقى = وطـويل ذابله إليها سلم
حامي الضعينة اين منه ربيعة = أم أين من عليا أبـيه مكدم
في كفه اليسرى السقاء يقله = وبكـفه اليمنى الحسام المخذم
مثل السحابة للفواطم صوبه = ويصيب حاصبة العدو فيرجم
بطـل إذا ركـب المطهم خلته = جبلا أشم يخف فيه مطهم
قسما بصارمه الصقيل وإنني = في غير صاعقة السما لا أقسم
لولا القضا لمحى الوجود بسيفه = والله يقضي ما يشاء ويحكم
حسمت يديه المرهفات وانـه = وحسامه من حدهن لأحسم
فغدى يهيم بأن يصول فلم يطـق = كالليث إذ أطرافه تتقلم
أمن الـردى مـن كان يذر بطشه = أن البغاث إذا أصيب القشعم
وهوى بجنب العلقمي فليتـه = للشاربين به يداف العلقم
فمشى لمصرعه الحسين وطرفه = بين الخيام وبينهم متقسم
ألفاه محجوب الجمال كأنه = بدر بمنحطـم الوشيج ملثم
فأكب منحنيا عليه ودمعه = صبغ البسيط كأنما هو عندم
قد رام يلثمـث فلـم يرى موضعا = لـم يدمه عـض السلاح فيلثم
نادى وقد ملأ البوادي صيحة = صـم الصخـور لهوله تتألم
أأخي يهنيك النعيم ولم أخل = ترضى بأن أرزى وأنت منعم
أأخي مـن يحمـي بنات محمـد = إن صرن يستر حمن من لا يرحم
ما خلت بعدك أن تشل سواعدي = وتكف باصرتـي وظهـري يقصم
ما بـي مصرعـك لـفضيع وهـذه = إلا كمـا دعـوك قبـل وتنعـم
هذا حسامك من يذب به لعدا = ولواك هذا من به يتقـدم
هونت يابن أبي مصارع فتية = والجرح يكنه الذي هو آلم
يا مالكا صـدر الشريعة إنني = لقـليـل فـي بكـاك متمأم
نفديش والله
فلاح العيساوي تسلم
ألقحوها فأنتجت كربلاء
نظمت في ذكرى شهادة سيد الشهداء الامام الحسين (عليه السلام) بقلم: الأستاذ الأديب هاشم السهلاني
(محرم 1427 هـ شباط 2006 م )
*******************************
عِـبـرةٌ ثـم عَـبـرةٌ وبكــاءُ
ومصـاب قد عـزَّ فيـه العـزاء...ُ
حيـث كل الشمـوخ فيـك تجـلّى
واسـتعار الإبـاءَ منـك الإبـاءُ
قلـت هـيهـات أن نُـذَل ونحـيا
إنمـا المـوت للعـزيـز بـقاء
فمضـت صرخـة تؤسـس فـكراً
ومضـى يفتـح الطـريق نـداء
أيهـا السـبط يا فـداءَك نفـسٌ
منـك بدءٌ لهـا وفيـك انـتهاء
كيف للشـعر أن يكـون بيـانـاً
وهو منك الصـدى وأنت ارتقـاء
ولئن عشـتُ فيك عمـراً حزينـاً
فمن الحـزن قـد يكون العطـاء
فـتـثور النـفوس تنـكر جهـلاً
أوغـلـت فـي دروبـه الجهـلاء
ونكوصـاً عـن الطـريق بحـقدٍ
عمّـقـتـه عصـابـةٌ رعـنـاء
منـذ أن أنـكـروا بلاغـا بخـمٍ
حســداً منـهم فكـان البـلاء
سـلكوا غير شـرعةِ الحـق حتى
عمّـت الأرضَ فـتـنـةٌ عميـاء
أسـسوا حينـها لقـتل حسـين
ألقحـوها فأنـتجـت كربــلاء
ليس بدعـاً ما حلَّ منهـا ولـكن
قبلهـا اسـقطوا البتول وسـاؤوا
بضـعـة من محمد ما رعـوهـا
ورضـا الله مـن رضاهـا سـواء
وعليـاً قد خضـبوا منه شيـبـاً
بدمـاءٍ عـزّت وجـلّـت دمـاء
وهو نفس الرسـول من غير شـكٍ
أجـزاء الرســول هـذا الجـزاء
يا حسـين الابـاء وهـو عظيـم
أن نـرى كيـف تخـلد العظمـاء
يا رفيـعَ الجنـاب يا خـير خلـق
خمسـة ضمهـم إليـك الكسـاء
صحت في الموت أن يكون خـلوداً
وهـو كـرهٌ ومـحنـةٌ وفـنـاء
فليرى شانـئوك كيف أُستجيـبت
دعـوة الحـق واختـزى الأشـقياء
إن صرحـاً نـراك فيـه شموخـاً
كعبـةٌ حـجَّ عندهـا الأتـقيـاء
وضريـح يجمـع الشـمل دومـاً
للمـلايـين حـين يعلـو دعـاء
ونفـوس لهفـى تطـوف وتسعـى
تنـثر الحـزن إذ يطـول بـكـاء