بدتْ المشكلةُ ، في بدايتها ، مستعصيةً على أيّ حل .
كانت " الذبابةُ " تحومُ حولي ، وتلتصقُ بي ، وتطنُّ حول أذني ، وتدخلُ إلى صيوانها ، وإيوانها ، كأنهُ مُلْكُ العائلةِ الكريمةِ " الصِرْفْ " ، الذي وَرَثَتهُ أبّاً عن جِدْ . ثم تمادتْ .. فبدتْ تلحسُ شفتي ، ثم تقفزُ ، لتحومَ حول عيني ، ثم تتسللُ الى داخل ما تبقى من شَعْرِ رأسي ، وتُدغدغني من هناك .
وكان ردّي عليها مُتحضّراً ، ومنسجماً مع ثقافتي الكونيّة . أوماتُ إليها بيدي .. فوقفتْ على يدي .. ثم ذَرَقَتْ فوق كفّي .. ثم استعانتْ بصديقٍ ، وتزاوجتْ معهُ فوق أنفي .
هَشَشْتها بودٍ .. فلم تتزحزح . فتحتُ لها الأبوابَ والنوافذَ .. فتجاهلتْ جنوحي للسِلْم ِ .. ولم تغادرْ حدودي المُنتَهكّةْ .
سياسيا ، ودبلوماسياً .. تَدرّجْتُ في استخدامِ المصائدِ .. من أكثرها بدائيةً ، إلى اكثرها حداثةً .. فتمادتْ في غيّها .
عسكرَياً .. تدرّجْتُ في استخدام العقاقير والمبيداتِ .. من الأقراص المنومة والمهدئةِ .. إلى اسلحةِ الدمار الشامل ، فلم تهدأ ، ولم تخَفْ ، ولم تخمدْ .. بل رفعتْ عقيرة طنينها ، وأزدادتْ إلتصاقاً بي .. بل و " تحالفت " و " توافقتْ " ، مع كلّ من هبّ ودبّ من الذباب .. حتّى تحوّلَ البيتُ كلّه الى مدينة مفتوحة للذباب الدوليّ .
سحبتُ " نعالي " الصيني الخفيف المستورد ( عيار 45 ملم ) ، وضربتها ، على كامل مساحتها ، ضربةً هائلةً .. فألتصقَتْ بالمنتوج الصيني المستوردِ ، و" تماهتْ " معهُ " وجوديّاً " .. وأنتهى الأمر .
عماد عبد اللطيف سالم