TODAY - February 05, 2011
أثر دعوات بتقليل التفاوت بالمرتبات وبالمستوى المعيشي
المالكي يستجيب ويتنازل عن نصف مرتبه لحزينة الدولة
متظاهرون في بغداد يطالبون بالخدمات ومعالجة الفساد
بعد ساعات من خروج احتجاجات ودعوات رجال بتقليل المرتبات وتقليص الفوارق الطبقية في العراق أعلن رئيس الوزراء نوري المالكي تنازله عن نصف مرتبه الشهري وإعادته إلى خزينة الدولة مساهمة بتقليل التفاوت بين مرتبات الموظفين وبما يساعد في تقليص الفوارق في المستوى المعيشي لمختلف طبقات المجتمع.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــ
وجه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بخفض نصف مرتبه الشهري كرئيس لمجلس الوزراء واعادته لحساب خزينة الدولة. وقال رئيس الوزراء في توجيه الى "يخفض خمسون بالمائة من راتبي الشهري كرئيس لمجلس الوزراء واعادته لحساب خزينة الدولة اعتبارا من الشهر الحالي مساهمة بتقليل التفاوت الحاصل بين رواتب الموظفين في مؤسسات الدولة وبما يساعد في تقليص الفوارق في المستوى المعيشي لمختلف طبقات المجتمع وبالتزامن مع مناقشة مجلس النواب للموازنة المالية الاتحادية للدولة".
وليست هناك ارقام رسمية عن مرتبات الرؤساء الثلاثة للجمهورية جلال طالباني والحكومة نوري المالكي ومجلس النواب أسامة النجيفي لكن سياسيين يقولون انها تتراوح بين 700 الف دولار و360 الفا سنويا.
اجراءات لتوفير مفردات البطاقة التموينية
وتزامن قرار المالكي مع تشكيل وزارة التجارة العراقية "خلية أزمة" لمعالجة وصول مفردات البطاقة التموينية في المحافظات والمناطق التي تعاني من نقص". وقال وزير التجارة وكالة روز نوري شاويس ان الوزارة شكلت لجنة عليا لمتابعة ملف وصول مفردات البطاقة التموينية إلى المحافظات والمناطق التي تعاني من عدم توفرها بشكل منتظم.
واوضح ان خلية الازمة ستبدأ عملها اليوم السبت وسترفع تقريراً مفصلاً عن المعوقات والمشاكل التي تقف وراء عدم وصول مفردات البطاقة التموينية بشكل منتظم الى المحافظات. وتأخرت وزارة التجارة في تسليم مفردات البطاقة التموينية في هذه السنة في اغلب المحافظات لأسباب تصفها بالفنية.
وقطعت الحكومة العراقية في وقت سابق مفردات البطاقة التموينية عن كبار الموظفين وأصحاب الدخل المالي الكبير بهدف توفير الأموال اللازمة لتجهيز المواطنين بحصة كافية.
يذكر أن التخصيصات المالية للبطاقة التموينية في موازنة عام 2010 بلغت حوالي ثلاثة مليارات دولار. واستبعدت وزارة التجارة إلغاء توزيع مفردات البطاقة التموينية خلال العام الحالي 2011 مؤكدة أن لديها خطة جديدة للنهوض بالجودة الغذائية لمفردات البطاقة. وقالت انها انتهت من اعداد خارطة طريق جديدة لتوزيع مفردات البطاقة تؤكد على ضرورة اعطاء اولوية للطبقات الفقيرة في البلاد.
واصيب اربعة اشخاص بجروح اثر اطلاق الشرطة النار على متظاهرين في قضاء الحمزة الشرقي جنوب محافظة الديوانية (180 كم جنوب بغداد). كما خرجت تظاهرات احتجاج ضد البطالة والفساد امس وسط العاصمة العراقية وفي منطقة الحسينية بضواحي بغداد الشمالية الشرقية.
دعوات لتقليل المرتبات وتقليص الفوارق بين الطبقات
وجاء قرار المالكي بعد ساعات من تحذير خطباء الجمعة في العراق السياسيين من غضب شعبي مثل ما يحدث في مصر وتونس واليمن مشيرين الى ان القادة بدأوا يتهاوون بسبب "الفساد والقهر والظلم".
وقال الشيخ عبد المهدي الكربلائي ممثل المرجع الشيعي الاعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني خلال خطبة الجمعة في مدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) ان ما يجري من غليان شعبي وجماهيري وغضب من بعض الشعوب العربية ضد حكامها سببه وجود فوارق كبيرة اجتماعية ومالية بين طبقة مترفة تتوفر لها جميع وسائل الراحة والتنعم الدنيوي وبين طبقات محرومة فقيرة تعاني من بطالة وحرمان وكذلك وجود فساد مالي كبير بحيث يرى أبناء الشعب أنّ أمواله وثرواته تنهب ولا علاج جذري لها.
وأضاف ان هذين السببين هما وجود دكتاتورية سياسية من خلال تسلط حاكم واحد أو حزب واحد بمقدرات الشعب وتحكمها مع بطانتها والمقربين منها على ثروات البلد مقابل وجود طبقات فقيرة وكبيرة تفتقر إلى أبسط مقومات العيش. واضاف إن النظام الديمقراطي إن لم يتوفر فيه مسؤولون يحرصون على ألا تكون لهم امتيازات مالية واستغلال للواقع والمناصب لتحقيق امتيازات دنيوية ويحرصون على أن تكون معيشتهم قريبة لمعيشة أبناء الشعب ويحارب فيه الفساد المالي والإداري وان يكون هناك تمثل حقيقي للسلطة التشريعية والتنفيذية لمن انتخبهم، بحيث يحرص هؤلاء المنتخَبون على تطوير الواقع المعاشي والتربوي وتقليل الفوارق الطبقية فإن مثل هذا الوضع يُنذر أيضًا بانفجار وان كان بعد حين.
من جهته، قال عبد الستار الجنابي امام وخطيب الجمعة في مسجد الامام ابي حنيفة النعمان في بغداد، "اشتعلت الازمات في البلدان العربية وبدأ الحكام يتهاوون الواحد تلو الاخر والسبب معلوم لدى الجميع وهو ظلم الحكام لشعوبهم".
وفي كركوك الشمالية دعا سوران عبد الله عبد الرحمن امام وخطيب مسجد "امير المؤمنين" الحكومات المحلية والمركزية الى "الاسراع بخدمة الشعب والا فان التغيير قادم لان ثورة المصريين والتونسيين كانت نتيجة الظلم والحرمان". وفي الكوفة قال ضياء الشوكي خطيب الجمعة ان "الحكومات المركزيه والمحلية نهبت الاموال العامة من خلال مشاريع وهمية". وندد بقمع المتظاهرين في الديوانية الخميس قائلا "نستغرب هذه التصرفات لان المتظاهرين لم يطالبوا بتغير الحكومة كما يحدث في مصر او كما حدث في تونس انما طالبوا بالبطاقة التموينيه وتحسين الخدمات اليست هذه مطالب مشروعة.
وفي النجف قال صدر الدين القبانجي خطيب الحسينية الفاطمية "انتهى عهد استحمار الشعوب وامتطاءها وانتهى عهد الانقلابات السياسية والدكتاتوريات". واضاف ان "ثورة شعب تونس كانت من اجل البطالة وفي مصر كذلك وليس لاسباب سياسية".
ومن جهته، قال مهند الموسوي خطيب الجمعة في مدينة الصدر ببغداد "على جميع الحكومات ان تبادر الى اصلاح اوضاعها وخدمة شعوبها فما يجري في المنطقة سريع العدوى والانتشار فليسمع ذلك من يجلس على الكراسي في العراق". وتابع ان "الجوع لا يعرف قانونا ولا نظاما فحذاري من هذه العدوى".
مرتب طالباني 700 الف دولار والمالكي 360 الفاً
وكان مصدر عراقي كشف في وقت سابق عن أعلى مرتبات سنوية لعشرة مسؤولين في الدولة العراقية في مقدمتهم الرؤساء الثلاثة للجمهورية والحكومة ومجلس النواب حيث تتراوح هذه المرتبات بين 700 الف دولار و360 الفا سنويا.
واشار الى انه طبقا لبيانات قدمتها مكاتب هؤلاء المسؤولين فأنه هذه المرتبات ربما تكون اقل مما ينفق في الحقيقة بسبب عدم وجود طريقة لتدقيق حسابات الكبار في وقت علق رئيس هيئة النزاهة القاضي رحيم العكيلي على الامر بالقول أن مؤسسته لا تمتلك التفاصيل الدقيقة لمصروفات الطبقة السياسية العليا لأن مرتباتهم ومخصصاتهم لاتخضع لقانون محملا مجلس النواب السابق كامل المسؤولية حيال غموض ملف المصالح المالية لأكبر 10 موظفين في العراق.
وكان مصدر عراقي اشار في تشرين الاول (أكتوبر) الماضي الى ان مخصصات اعلى 10 موظفين في الدولة وهم رئيس الجمهورية جلال طالباني ونائباه عادل عبد المهدي وطارق الهاشمي ورئيس الوزراء نوري المالكي ونائباه رافع العيساوي ونوري شاويس ورئيس مجلس النواب اياد السامرائي ونائباه خالد العطية وعارف طيفور اضافة لرئيس مجلس القضاء الاعلى مدحت المحمود ظلت متناقضة وغير واضحة.
وقال على سبيل المثال ان مكتب الرئيس جلال طالباني لم يكشف عن حجم المنافع الاجتماعية المتاحة للرئيس لكن المكتب ذكر ان الرئيس يتلقى شهرياً راتباً ومخصصات تبلغ 75 مليون دينار (أي 900 مليون دينار سنوياً) حوالي 700 ألف دولار سنويا. وذكر المكتب ان بين ذلك المبلغ نحو 45 مليون دينار مخصصات بينها 2 مليون و250 ألف دينار للضيافة.
واضاف ان كلا من نائبي رئيس الجمهورية كما قالت مكاتبهم للجهات الرقابية يتلقون مرتبا مع المخصصات قدره 60 مليون دينار شهريا (سنويا 720 مليون دينار اي نحو 600 ألف دولار سنويا). دون كشف تفاصيل ذلك ولا حجم المخصصات او المنافع الاجتماعية.
وكان نائب الرئيس عادل عبد المهدي تحدث لوسائل الاعلام مطلع العام الحالي قائلا انه يتلقى نحو مليون دولار شهرياً مرتبا ومخصصات ومنافع. ويقول المصدر ان مكتب رئيس الوزراء ابلغ الجهات الرقابية بأنه يتلقى 36 مليون دينار شهرياً (432 مليون دينار سنويا اي نحو 360 ألف دولار سنويا بينها 21 مليون دينار مخصصات خطورة لكنه لم يكشف مخصصات الضيافة ولا المخصصات الاستثنائية.
المصدر استغرب الرقم لأن معلوماته تشير إلى أن المالكي مثل رئيس الجمهورية في الحقوق المالية وليس اقل منه لكنه اكد عدم وجود سبيل لتدقيق ذلك. واوضح ان رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي مدحت المحمود يتلقى مرتبا أقل من مرتب الوزير هو 10 ملايين دينار شهرياً دون علم بمخصصاته. اما نائب رئيس الوزراء فيتلقى 17 مليون دينار دون علم بمخصصاته. اما تقاعد كل من هؤلاء فهو "عبارة عن 80 في المائة من الراتب والمخصصات مجتمعين لذلك نخرج بأرقام كبيرة".
وتعليقا على هذه المعلومات قال القاضي رحيم العكيلي رئيس هيئة النزاهة ان رواتب كبار المسؤولين بنيت بشكل غير منطقي عموماً. ويضيف انه وفي كل بلدان العالم يتلقى الموظف التشريعي اقل من الموظف التنفيذي لأن مسؤوليات الأول أقل ولا أحد يلاحقه بعقود وسياسات "لكن النواب العراقيين استبقوا الأمر وقالوا: لن نحدد رواتبنا برقم. نحن نأخذ بقدر الوزراء. وهذه مخالفة واضحة لقاعدة عالمية، وعليها نقيس باقي الاشياء".
وحسب معلومات القاضي العكيلي فإن هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الاميركية على سبيل المثال سجلت نموذجاً مهماً في هذا الإطار فقد كانت عضوا في الكونغرس الأميركي تتلقى راتب موظف تشريعي أقل بكثير من راتب الوزير. وحين انتقلت كوزيرة خارجية في إدارة باراك أوباما أجبرتها أجهزة الرقابة على أن تبقى تتسلم مرتب نائب البرلمان حتى لا تختلط الصفقة السياسية بشبهة الحصول على مرتب أعلى.
ويبدو ان العكيلي طلب من البرلمان مراراً أن يشرع هذه القوانين لكن النواب لم يحركوا ساكناً «وهم يتحملون كامل المسؤولية بشأن نقص المعلومات حول رواتب الرئاسات ومنافعهم الاجتماعية التي يفترض أن تنفق في وجوه الخير العامة حسب قوله. واضاف ان البرلمان كان يصرخ بقوة بشأن الفساد لكنه لم يشرع القوانين الثلاثة الخاصة بنفقات الرئاسات وهي بمئات الملايين".
ولذلك فهو يرى ان الإصلاح يبدأ من مجلس النواب وعليه أن يضع القوانين الثلاثة المتعلقة برواتب الرئاسات ونفقاتها على جدول أولوياته القصوى "لأن إزالة الغموض عن هذا الملف هو حجر أساسي لنزاهة مؤسسات الدولة فإذا انفقت عشرات ملايين الدولارات بلا قانون فكيف نحصل على قطاع عام نزيه؟" كما يتساءل القاضي العكيلي.
وكانت النائبة شذى الموسوي قالت مؤخرا ان مجمل مخصصات الرئاسات الثلاث يتجاوز 800 مليون دولار اميركي سنويا وأن مرتبات كل منهم غير معروفة للبرلمان.
Elaph