المداخل الفكرية المعاصرة في بناء المناهجالمنهاج
أولا: مفهوم المدخل الفكري
هو المنطلقات الفكرية لرؤى المربين حول المنهاج.
فميدان المنهاج مثل غيرة من ميادين العلم النظري أو العلمي يتأثر بالفلسفات والمدارس الفكرية والتيارات الفكرية السائدة بالمجتمع الإنساني سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة وبما يستجد منها
ثانيا: تصنيف المداخل الفكرية المعاصرة في بناء المناهج.
تصنف إلى ثلاث مجموعات هي:
المجموعة الأولى : المداخل الفكرية التي تهتم بالمتعلم .
وتفاوت نظرات المربين تجاه المتعلم بالآتي:
أ- العقل باعتبار المتعلم عقلا محضا ، وهذا المدخل يسمى المدخل الأكاديمي ويهتم بتنمية العقل وتزويده بكم هائل من المعارف والمعلومات ؛ من تاريخ الأمة وما يشمل من علوم ومعارف وعادات ووظيفة المدرسة الرئيسة تنمية عقول المتعلمين وزيادة مخزونها المعرفي وتثبيت المخزون وحل المشكلات المستجدة بالتطبيق .
وتطوير المنهاج يركز على النواحي المعرفية لدى المتعلم والتركيز على المادة الدراسية من حيث النسق التركيبي والبناء المعرفي ؛فالمعلم لديه مخزون معرفي حتى يكون مصدر رئيس من مصادر المعرفة ولديه مهارات وقدرات عالية في تبسيط المادة المعرفية المجردة.
ب- الناحية النفسية للمتعلم ويسمى المدخل السيكولوجي يهتم بتنظيم المعرفة والخبرات التعليمية بطريقة سهلة تساعد المتعلم على فهمها واكتسابها وتعلمها من خلال تنمية العلاقات ذات معنى وتهتم بالمتعلم نفسه (التعليم ذو معنى ) والاهتمام بالنظريات النفسية، وبخاصة نظريات التعلم.
ت- البيئة الاجتماعية التي يعيشها المتعلم.
ويسمى هذا المدخل بالاجتماعي فهو يلبي احتياجات المجتمع ويثري معارفه ويزيد من خبراته والمحافظة على ثقافته وعلى ثوابته فهو يهتم بالوسط الاجتماعي بكل مكوناته المادية والمعنوية ( بقاء ونماء وتقنية وإثراء ) والمدرسة مهمتها إعداد المتعلم ليعيش بأمن ويتكيف معه ويهتم بتنمية شخصيته بناء متوازنا وشاملا .
ث- الجانب الأيديولوجي السائد في المجتمع .ويسمى المدخل الأيديولوجي ويتمثل في نشر وسيطرة مفكريها وقادتها بأفكارها التي وضعوها السياسيون والمفكرين ومن الأمثلة النظم الشمولية من شيوعية واشتراكية .
المجموعة الثانية:
المداخل الفكرية التي تهتم ببناء المنهاج . وبرز اتجاهان :
أ- الاتجاه الأول :
الاتجاه العلمي : يرى أصحاب هذا الاتجاه أن المنهاج علم كغيره من العلوم ، له مقدماته ومساره وخطواته وإجراءاته التي ينبغي مراعاتها وقد نشا هذا الاتجاه على يد العالم التربوي فرانكلين بوبيت الذي تأثر بالنمو الصناعي والتكنولوجي في عصره.
وسعت الإدارة العلمية الى تحسين الكفاية الانتاجية وخفض التكاليف المادية واختصار الزمن وزيادة الانتاج مع التقليل الفاقد والإهدار الاقتصادي واهتمت بزيادة الاعتماد على تحليل الأعمال وأنشطة الحياة وتأثر بوبيت بذلك وحاول نقل تلك الأفكار إلى التربية من أجل تحسن الكفاية التعليمية وظهر هذا الاتجاه في ثلاثة مداخل رئيسة الأهداف والتكنولوجيا والنظام .
المدخل الأول :
مدخل الأهداف : يعد الأخذ بالأهداف منطلقا لبناء المناهج وأكثر ما يعبر عنه المداخل الفكرية العلمية ،الأهداف تمثل العنصر الرئيس والخطوة الأولى لأي عمل جاد وسلوك يأخذ المنحنى العلمي ، ويتم اشتقاق الأهداف ورسمها من خلال تحليل الأعمال وأنواع الأنشطة وتحديد الحاجيات والتطلعات وهي المعيار الذي يرجح إليه الحكم في نجاح سير الأعمال وفي تقويمها وتطويرها وتحسينها .
المدخل الثاني :
مدخل التكنولوجيا :
ثمرة من ثمار التقدم الصناعي وأثرت في الفكر التربوي المتعلق بالمناهج ، وبدأ التأثر في العقود الأولى من القرن العشرين واهتم التربويين بأساليب الإدارة العلمية في عملية التعليم.
وبرز الاتجاه التكنولوجي في مجال المناهج مع ظهور حركة الاختبارات القائمة على الكفايات وحركة المسؤولية التي أرجعت فشل المتقاعسين في إنجاز الأهداف المخطط لها إلى فشل المدرسة وليس المتعلمين ، وجرى استخدام التكنولوجيا لغرضيين رئيسين في المنهاج هما:
- تنظيم المعرفة في العلوم السلوكية من خلال الحاسوب.
- تقويم المنهاج والأنظمة التعليمية.
والمدخل التكنولوجيا يعنى بتطبيق المبادئ العلمية والإفادة منها في التخطيط والتنفيذ والتقويم .ومن مبادئ المنهاج التكنولوجي مثلا :
1- معرفة الأهداف وتزويد المتعلمين بها قبل البدء بفعاليات الموقف التعليمي والتدريسي المرن
2- معرفة النتائج من خلال الحصول على تغذية راجعة .
المدخل الثالث:
مدخل النظام :
نظام المنهاج جزء من النظام التعليمي ؛ فنظام المنهاج جزء من إطار العمل المنظم لمدرسة ما.
ويتضمن مفهوم النظام مجموعة من العلاقات الضابطة التي يتصل معظمها بنوعية الأفراد المطلوبة في عملية تطوير المنهاج واستخدامه وتقويم المهام الأساسية له لضبط إطار العلاقات المطلوبة .
ويتضمن مهام المنهاج : 1- اختيار مجال صنع قرارات المنهاج وانتقاء الأشخاص واشتراكهم في تخطيطه والنظم والفنيات المستخدمة والكتابة الفعلية للمناهج وتحقيقه وتقويمه وتوفير التغذية الراجعة وتعديله.
وبناء المناهج يعني بناء علميا بكل ما يعنيه العلم من معان ومستحقات ومتطلبات وما يترتب عليه من آثار ونتائج وإجراءات.
الاتجاه الثاني :
الاتجاه الإنساني :
مراعاة الطبيعة البشرية والفروق الفردية واستخدام مقاييس التحصيل باعتبارها المحك الوحيد لتنفيذ المنهاج ويكون دور المتعلم بارز بدلا من الاهتمام بالمعرفة والمادة الدراسية ويهدف أصحاب هذا الاتجاه الى زيادة الوعي الشخصي للمتعلم ؛ ليتعلم تعلم ذاتي ويتمثل المدخل الانساني في مدخلين رئيسيهما:
1- مدخل المنهج الخفي :
يكتسب المتعلم المعرفة والخبرة التربوية من خلال تفاعله مع المواقف التعليمية المخطط لها مسبقا .وهناك عوامل وعناصر تزيد نوع التعلم وهي مغفلة في العملية التربوية بالرغم من أهميتها مثل رفع كفاية التعليم بتحسين المخرجات التعليمية وتفعيل المواقف الصفية وزيادة درجة التركيز والاتقان كل هذه تتأثر بسعة غرفة الصف وبالتهوية والإنارة وكثافة المتعلمين ونوع الإدارة الصفية فيما كانت تسلطية ام تسببيه فوضوية ............
ويشير كل من فلاته وفلمبان إلى أهمية المنهاج الخفي متمثل في الجو المدرسي وطرق التدريس وأساليب التوجيه والإشراف في نفسية المتعلم وتشجعه على التعلم فتشجعه على النمو الشامل جسميا وفكريا واجتماعيا.
2- مدخل القيم :
تعد العلاقات بين المنهاج والمنظومات القيمية من أقوى العلاقات والركائز واهتم المخططون للمناهج وباعتبارها منطلقا رئيسا لعملهم سواء أكانت هذه القيم متعلقة بأداء المخططين ام المتعلمين ام المنفذين للمنهاج .
فالقيم نتاجا للثقافة المتولدة عن الأفراد والجماعات وتعد أحد العوامل المهمة في المحافظة على أوضاعهم الاجتماعية والمحركة لها ويتم اكسابها للأفراد وتعلمهم لها يتم من خلال المؤسسات الاجتماعية مثل: المدرسة والأسرة والمسجد والمجتمع ويتم تعلم القيم بصورة مباشرة من خلال العمليات التعليمية أو التثقيفية المقصودة والمخطط لها أو غير المقصودة بالقدوة الملاحظة .
إن أهم المشكلات المتعلقة بالمنهاج تتلخص في الإجابة على السؤال التالي:
ما الذي يجب تدريسية للمتعلم داخل المدرسة ؟
والإجابة عن السؤال يكون بطريقتين هما:
- الطريقة الأولى:
- تحديد ما هية القيم التي ستدرس من خلال تحقيق المنهاج المدرسي .
- الطريقة الثانية:
- تحديد ما هية القيم التي سيعتمدونها معايير لسلوكهم أو محكات في صنع قرارات المنهاج .
المجموعة الثالثة :
المداخل الفكرية التي تهتم بما هية المنهاج .
اتخذت النظرة الى المنهاج مسارين هما :الأول :النظر إلى المنهاج باعتباره مجال الدراسة، والثاني النظر إليه باعتباره عملية .
فكانا مدخلين :
المدخل الأول :
مدخل المنهاج باعتباره مجال الدراسة . بمعنى أنه يمثل ميدانا محدد المعالم له عناصره ومكوناته ومصادره وعملياته ومعاييره وهذه جميعا يضمها اطار لا يخرج عن نطاق المنهاج.
وقام تايلور بوضع عناصر المناهج في كتابه الشهير (المبادئ الأساسية للمنهاج والتدريس ) .
عناصر المناهج الأربعة :
1- الأهداف
2- المحتوى
3- طرائق التدريس
4- التقويم.
والنظر الى المنهاج باعتباره مجال الدراسة يستلزم وجود بعدين هما:
- بعد أساسي يتكون من كل لاعتبارات الضرورية لصنع قرارات عن تصميم المنهاج.
- بعد عمليات يتكون من كل العمليات التي تجعل المنهاج وظيفيا بمعنى قابلا للتطبيق فالمنهاج يتكون من تصميم دزاين وهندسة جرفت .
المدخل الثاني :
مدخل المنهاج باعتباره عملية .
يعد ستفهاوس احد المنظرين المهمين الذين أخذوا بمفهوم المنهاج باعتباره عملية ، ومن خصائص هذه النظرة أن المحتوى يمثل العنصر الرئيس في تصميم المنهاج ، والتأكيد على التفاعل الصفي لكل من المتعلمين والمعلم والمحتوى الدراسي ؛ بحيث يظهر التفاعل البيئي بين المتعلمين في مشاركتهم وتبادلهم الأدوار مع معلمهم وفي الإفادة من المعرفة والخبرة التربوية ، واكتسابا وتوظيفا وإثراء وتطويرا ، والتأكيد على دور المعلم في تنفيذ المنهاج وعلى أهمية التقويم الذاتي وسيكولوجية التعلم ومنطقية بناء المحتوى وتراكم المعرفة والخبرة .
والخلاف بين المدخلين ناشئ عن الانتقال من التركيز على المحتوى المراد تعلمه الى عمليات التعلم ذاتها.
هناك تداخل بين المنهاج باعتباره مجال الدراسة والمنهاج باعتباره عملية ؛ فالذين ينظرون الى المنهاج باعتباره مجال الدراسة يعتمدون على فكرة تصميم المنهاج بتحديد عناصره الأربعة :
1- البناء.
2- التنفيذ.
3- التقويم.
4- التطوير.
والذين ينظرون الى المنهاج باعتباره عملية لا ينكرون عناصر المنهاج بل يعدون المحتوى هو العنصر الاساس في المنهاج وعليه خلاف بين النظرتين سهل وبسيط.