TODAY - February 02, 2011
الاندبندنت: موقف اوباما المتردد من احداث مصر فشل اخلاقي
العالم يحبس انفاسه وينظر الى مصر ليكون شاهدا على الاحداث الكبيرة التي تشهدها وتداعياتها على المنطقة والعالم برمته من مختلف الجوانب.
الصحف البريطانية الصادرة اليوم غطت "المسيرة المليونية" التي شهدتها العاصمة المصرية القاهرة الثلاثاء والتي انتهت مساء باعلان الرئيس المصري حسني مبارك ترك منصب الرئاسة بنهاية فترته الحالية والتي تنتهي في شهر سبتمبر/ايلول المقبل.
اضاعت واشنطن الفرصة لكسب قلوب المصريين
كبير مراسلي الاندبندنت روبرت فيسك الذي غطى الكثير من الاحداث الكبيرة حول العالم من لبنان الى افغانستان الى العراق كتب تحت عنوان "اغنياء وفقراء، علمانيين ومتدينين خرجوا في مسيرة واحدة ولنفس الهدف" في اشارة الى الهدف الذي يجمع مختلف اطياف المعارضة المصرية وهو التخلص من حكم مبارك.
وتناول فيسك في مقالته الموقف الامريكي من الاحتجاجات التي تشهدها مصر منذ نحو اسبوع والتردد الذي اتسمت به مواقف ادارة الرئيس اوباما ازاء ما يجري في مصر مما ادى الى شعور بالغضب والمرارة لدى المصريين اتجاه الموقف الامريكي دون ان يتحول ذلك الى كره للولايات المتحدة.
فشل اخلاقي
ويقول فيسك قبل خمسة ايام فقط كنت شاهدا على هجوم بلطجية الحكومة ومخبري الامن من السجناء السابقين ومدمني المخدرات على المتظاهرين في ساحة التحرير في قلب القاهرة تحت سمع وبصر قوات الامن التي كانت تحيط بالمتظاهرين الذي تغلبوا عليهم في النهاية وطردوهم الى خارج الساحة.
حينها لم نسمع باي موقف غربي مؤيد لهؤلاء الرجال والنساء الشجعان اللذين حولوا الاعتصام الى موجه غضب عارمة اتسعت لتجتاح مصر برمتها.
ورغم ذلك ليس هناك شعور بالعداء للغرب وخاصة للولايات المتحدة.
ان المرء يشعر بالاشفاق على الرئيس اوباما الان فلو انه التزم بما اعلنه في خطابه في جامعة القاهرة بعد ستة اشهر من وصوله الى البيت الابيض ودعا الى رحيل ديكتاتور من الدرجة الثالثة عن الحكم مثل مبارك لكان المتظاهرون الان يحملون صوره الى جانب علم مصر ولكانت واشنطن قد نجحت في تحقيق معجزة وحولت الكره العميق لها بسبب الحرب في العراق وافغانستان و "الحرب على الارهاب" الى علاقة ودية مع العالم العربي كما كان الوضع في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي.
لكن امريكا اضاعت الفرصة خلال بضعة ايام بسبب ضعف وجبن ادارة اوباما بينما نجح المصريون في تحقيق ما عجزنا نحن في الغرب عن تحقيقه خلال عقود وهو تحويل الديكتاتوريات الى ديمقراطيات.
ان الفشل الاخلاقي للغرب بذريعة الخوف من الاسلام السياسي والحفاظ على الاعتدال قد يكون احد اكبر المآسي في الشرق الاوسط في العصر الحديث حيث شاهدنا رئيسا امريكيا يمد يده للعالم الاسلامي لكنه سحبها عندما بدأ الشعب في دولة اسلامية بالتصدي للديكتاتورية والمطالبة بالديمقراطية.
هناك خوف تقليدي لدى الغرب من الاسلاميين
ويضيف فيسك ان المآساة قد تستمر اذا وقف الغرب الى جانب الخليفة الذي اختاره مبارك وهو عمر سليمان لان كل مصري يدرك ان حكم سليمان سيكون عبارة عن نخبة عسكرية جديدة وسيكون على المصريين وضع امالهم تحت رحمتهم واجراء انتخابات حرة ونزيهة لكن هل حقا سيحقق الرجل المفضل لدى اسرائيل آمال المصريين ويمنحهم الحرية والديمقراطية التي يتوقون اليها؟.
اشارات مشجعة
كتب اد حسين العضو في حركة الاخوان المسلمين الدولية في الفاينشيال تايمز ان الغرب ما زال يدفقع ثمن تجاهل البسطاء الايرانيين بوقوفه الى جانب نظام حكم الشاه في ايران عندما اندلعت الثورة الايرانية عام 1979 وقاد العلمانيون الثورة الايرانية وفي نهاية المطاف خطفها الاصوليون.
والسيناريو قد يتكرر في مصر الان حيث قاد بسطاء المصريين المظاهرات بينما ينتظر الاخوان المسلمون بنتظيمهم الواسع وشبكاتهم في النقابات والجمعيات الخيرية في الظل.
وينصح الكاتب الغرب بدفع الاخوان المسلمين للقبول بالتعددية السياسية وبالتخلي عن منظموتهم الفكرية التي تنزع للصدام والتفوق وتطمح الى اقامة خلافة اسلامية وهمية.
ويدعو الكاتب الغرب الى التحاور مع الحركة والخوض في نقاش معها حول عدد من القضايا مثل دور الاسلام في الحكم حيث لا زال الاخوان يرددون مقولة "القرآن هو دستورنا" رغم ان اغلب المسلمين يرون ان القرآن كتاب مقدس وليس وثيقة سياسية.
ويلفت الكاتب الى ان هناك اشارات مشجعة صدرت اخيرا عن عدد من قادة الاخوان في مصر اذ صرح زعيمهم محمد بديع عارف ان الحركة ترغب بان تكون جزء من ادارة مدنية لحكم مصر بينما اعلن كمال الهلباوي بان الحركة لا يمكنها حكم مصر لوحدها ودعا الى التعاون مع القوى العلمانية في مصر.
الجيش حما المتظاهرين
كما ان من الدلائل المشجعة الدعوات المتكررة للحركة الى احترام حقوق الانسان لكن يجب الضغط عليها للافصاح عن موقفهم حول عدد من القضايا مثل المساواة بين المرأة والرجل وحماية حقوق الاقليات الدينية والتخلي عن عقوبات مثل الرجم والجلد.
"ارحل"
الجارديان نشرت مقالا للروائية المصرية التي تعيش في بريطانيا اهداف سويف وكتبته من ساحة التحرير تناولت فيه التطورات في مصر قالت فيه ان حناجر ملايين المصريين في ساحة التحرير دعت مبارك الى الرحيل عندما رددت الثلاثاء في ساحة التحرير كلمة "ارحل".
لكن رد النظام على ثورة الشعب مزيجا من القسوة والتحايل الذي ميز حكم مبارك طيلة ثلاثية عاما ماضية.
وتنقل الكاتب عن رجل مصري بسيط شارك في مظاهرة الثلاثاء الى جانب زوجته المنقبة قوله : هل ولدت بلحية؟ عندما يرحل مبارك سيكون بامكاني شراء شفرة حلاقة لحلاقة لحيتي".
وتضيف الروائية ان المصريين ان اللذين اجتمعوا في ساحة التحرير اكتشفوا انهم يشبهون بعضهم وهم يتقاسمون الخبر والماء وحينما عطست سارع احدهم الى تقديم منديل لي.
وختمت قائلة انها لم تتخيل ان يأتي يوم ترحب فيه بتدخل الجيش في الشؤون السياسية لكن الجيش المصري الذي هو جزء عضوي من الشعب المصري يوفر لنا الفرصة للقيام بثورتنا "السلمية، الديمقراطية، الشبابية، الجامعة، العلنية والشعبية".