::
::
دَمعَةٌ نُزِفت عَلى جِدَار الذّكرى لَيلاً فـ رَأى وَجهه الذابِل هَمّاً فِي انعِكاسِ العَبَرات !
لَيسَ يَرفعه أحدٌ ولَا يُدنيه ، هَائِمٌ كَـ أسرَابِ طَيرٍ تُحلّقُ فِي حُلكةٍ عَاصفة ، إِذا مَال عَنها يَميناً صَفعته يَـدهَا اليُسرى .! بَل صَفَعَته الآمَال التِي تَهذِي فِي جَوفهِ / تُثرثرُ ولَا تَرحمه ..
تَمتلِئُ رِئتاهُ بـ الفَراغِ فـ يختنق وضَجِيجُ الصّمتِ فِي الحَنايَا أعمَى ثَنَاياه ، يُبحِرُ فِي فَلكٍ مِن جُنون ، مِن حَنينٍ :
~ لـ جُثثٍ مَا كُتِبَ لَها أن تَعود / غَادرت إلى رِيَاضٍ ربّما فِي الجَنّة وَسحَبته إلى سُبُلٍ من جَهنّم الفَقد
~ لـ ظَامِئٍ لَن يَصحو وإن سَقيتَه كُلّ دُموعك ، وإن أزهقتَ رُوحك لـ يعود
~ لـ كَربٍ امتَلَأ بـ رحيلهم وَخيبتك !
مِسكينٌ أنتَ إن ظَننتهم مَاتوا ، ومسكينٌ أكثر إن انتظرتهم عَلى أمل / هُم اختفوا مِن يَومِك ، فاقتلهم فِي جَوفِك ، مِن عَقلك وعَلى أوصال ذاكرتكَ التِي لَا تعرفُ سِوى اسمهم حَبلاً يَمُدّك للمَاضي المُشبعِ بـصورهم وابتساماتهم التي لَم تُورّثك سِوى الخَيبات ، وَبّخ بَقاياك توبيخ الأب وهو يُربت عَلى كتف وَلَده واغسِل كَفّك إن تلطّخت بـ إثم معصية قلبك !
ارفع يديك لـ توازي وَجهَ السّماء و ادع الله أن يبعث فِي خافقك قُوّة تنسيكَ ما افتعله الغَائبون ، تنسيكَ ملامحهم التي شَوّهتها أفعاليهم وما آن لَها أن تتشوه فِي داخلك ، ربّما لأن ذاكرتنا مَا زالت تضع عليهَا مَساحيق التّجميل لكيلا تؤذينا حقيقتهم بينما تنطلي علينا الخدعة فنصدّق بأنها ملامحهم الأصيلة !
اجعل من دُموعك الحرّى نَهراً جَارياً والدّعاء مَركباً صَلباً قَويّاً يَقُودك فِي حَشا الليل إلى النجاة ، إلى رَب كُل مَن ظَلمَ فِيكَ نَبضةً دَقّت بـ صدقٍ واجعل تلك السّيول المُتدفقة تجرفُ غُبار الزّمن المُتراكم عَلى قلبك ، دَعها تتكلَم وتبثّ للمولَى حاجتها وأنت يعمّك السكوت وقبل أن تنتهي ضَع يدك عَلى صَدرِك وادعُ بأن يُبَارك الله ما فيه ..
ارتدِ ثُوباً من سَكينةٍ يَجعل بينك وبين المَاضِي حِجَاباً لَا يُعيد للحظَاتك حَتى سَعادته ، كَيلا تفتح لِـ فَرحك مَأتماً جَـدِيداً ! وَلا يُذَكرك بتجربتك كَيلا يصيبك "الهلع" من كل تجربةٍ مماثلة َ!
لنخرج كُلنا من قوقعةِ مَاضٍ - هُم أَفسدوه - بـ قلوبٍ نضرةٍ حَلّ عليها الحُزن بشكلٍ أفضل لكن لَم تَصلها أياديهم الملوّثة ، فَيتهَادى الرّبيع عَلى الأفئدة بِـ رقّة ويغمرها بالسّكون ..
لِ سماءِ ذائقتكم من تلقاءِ ذائقتي