السيارة المفضلة لقيادات الجيش الصيني….. سريعة وسوداء وفارهه
السيارة المفضلة لقيادات الجيش الصيني….. سريعة وسوداء وفارهه
السيارة المفضلة لقيادات الجيش الصيني….. سريعة وسوداء وفارهه
السيارة المفضلة لقيادات الجيش الصيني….. سريعة وسوداء وفارهه
تلمع الشمس في سماء بكين بينما يتجول سكانها في وسط المدينة، أمام أحد المتاجر الكبرى توجد سيارة سوداء باهظة الثمن، بعض المارة يتوقفون قليلا لتفقدها، ولكن ليس مظهر السيارة هو ما يهمهم بل اللوحة، لأنها باللون الأبيض ما يرمز أنها تابعة للجيش الصيني .. مشهد بات مكررا بصورة شبه يومية لظاهرة جديدة تجتاح عاصمة البلد الشيوعي.
تفيض منتديات الإنترنت بالانتقادات الموجهة لرجال الجيش بسبب المبالغ المرتفعة للغاية التي يتم إنفاقها على مثل هذه السيارات الفارهة، وعلى الرغم من أن الرئيس تشي جين بينج الذي يشغل أيضا رئاسة الحزب الحاكم أعلن ما أسماه بـ”الحرب” على الإسراف في الإنفاق العام، إلا أنه في كل يوم على منصات التواصل الاجتماعي المحلية مثل (ويبو) والمعروف باسم (تويتر الصيني) في إشارة للشبكة الاجتماعية العالمية الشهيرة، تظهر في كل مرة صورا أكثر لسيارات رائعة تحمل اللوحة البيضاء، العلامة المميزة التي تثبت تبعيتها للجيش.
ورسميا، وإن كان الواقع يقول شيئا مختلفا، فإن آخر هذه الممارسات وقعت الشهر الجاري حيث أعلنت وزارة الدفاع قبل مطلعه أنه يتوجب تغيير كل تراخيص سيارات العسكريين بشكل يمنعهم من استخدام سيارات فارهة باهظة الثمن من ماركات مثل (مرسيدس بنز) و(بي إم دابليو) و(بورش) و(فولكسفاجن)، وحينها قالت وكالة الأنباء الرسمية الصينية (شينخوا) “يجب على الجيش مكافحة الفساد التي تنعكس في مسألة السيارات الفارهة قبل تحسين قدرته في الدفاع عن بلادنا”.
على الرغم من هذا فإن الخبراء لديهم شك في مدى فاعلية هذا الإجراء على المدى الطويل في القضاء على ظاهرة السيارات باهظة الثمن التي يمتلكها العسكريون، حيث يقول شين جيرونج البروفيسور بجامعة سيشوان بشمال غرب البلاد في تصريحات لجريدة (ساوث تشاينا مورننج بوست) “خلال العقود الأخيرة تم منع السيارات باهظة الثمن في الجيش حوالي خمس مرات، إلا أنها عادت لتظهر مجددا، ونفس الأمر سيتكرر”.
علاوة على هذا ينتقد الأستاذ بأكاديمية العلوم الاجتماعية الصينية أيضا بشكل قوي الجنود المهووسين بالسيارات الفارهة خاصة بعد معاينته على شبكة الإنترنت صورة لسيارة (ميسراتي) سوداء تحمل لوحة بيضاء تقترب قيمتها من 250 ألف يورو، حيث يقول “جعلني هذا الأمر أفتح عيوني، دائما ما كنت أشعر بالشك حينما يخبرني البعض عن وجود سيارات يقدر سعرها بالملايين من عملتنا المحلية تسير في شوارعنا، ولكن أنا الآن مقتنع بهذا”، كل هذا في الوقت الذي يتم فيه تداول على الإنترنت تساؤلات أخرى مثل: هل تستخدم هذه السيارات في العمل فقط؟ ولماذا في الأساس يحتاج رجل عسكري إلى سيارة خدمات باهظة الثمن بهذه الصورة؟.
وخرج شين جيرونج بتصور ونظرية جديدة، حيث يرى أن العسكريين قاموا بإنشاء أعمال خاصة لهم بهذه السيارات الفارهة ذات اللوحات البيضاء، يتمثل في تأجيرها مقابل 100 ألف يورو سنويا لرجال أعمال في قطاع البورصة والمقاولات.
وأضاف جيرونج “هذا الأمر به الكثير من المزايا بالنسبة لرجال الاعمال، على سبيل المثال إعطاء انطباع بوجود علاقة قوية مع الجيش، ليس فقط في بكين بل بمدن أخرى أيضا، وما يترتب على ذلك من سلطة ونفوذ”.
الأمر فقط لا يقتصر على رجال الأعمال والبورصة، حيث أن غيرهم يفضل أيضا الصورة الرائعة لسيارة فارهة بلوحة بيضاء، حيث أن وسائل الإعلام الصينية تحدثت في آذار/ مارس الماضي عن أن نجم سينما الحركة الشهير جاكي شان، شوهد في سيارة تحمل لوحات عسكرية في شوارع بكين مما تسبب في ظهور انتقادات جديدة على الإنترنت.
ذكر أن جيش التحرير الشعبي الصيني يعد الأكبر في العالم حيث يتعدى عدد جنود وضباطه مليوني فرد، فيما أن نمو الاقتصاد الصيني انخفض خلال الربع الأول من العام الجاري وتوقف عند 7.7% على أساس سنوي، في الوقت الذي ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الذي يعد المقياس الرئيسي للتضخم بالصين بنسبة 2.4% على أساس سنوى خلال أبريل/نيسان الماضي بعدما سجل 2.1% خلال آذار /مارس الماضي.
يعتبر الجيش من أهم عناصر تحقيق “الحلم الصيني” الذي روج له الرئيس الجديد تشي جين بينج، لتأكيد طموح الإمبراطورية في تأكيد سيادة التنين الصيني عالميا، وهو نفس الطموح الذي أكده الزعيم ماو من خلال إعادة إنتاج للفكر الماركسي، وعلى خطاه سار الرؤساء السابقون هو جين تاو ومن قبله جيانج زيمن ولكن بصورة غير تصادمية مع قيم وأفكار أيديولوجيات أخرى.
هذا الوضع البارز الذي يعززه طموح “حلم الجيش القوي” كما أطلق عليه الرئيس الحالي، دفع ببعض عناصر الجيش للسعي من أجل تحقيق مكاسب شخصية، باتوا بمرور الوقت يعتبرونها حقا مكتسبا.
العقيدة الأساسية للجيش الصيني تكمن في الحفاظ على بقاء الحزب الشيوعي كسلطة حاكمة، برغم خفوت سطوة الشيوعية كنظام يحكم الحياة في الصين، إلا أن الرئيس جين بينج يؤكد دائماً بوضوح أن سقوط الاتحاد السوفييتي حدث بسبب انحراف الروس عن العقيدة الشيوعية الأصيلة والانضباط الصارم. حيث يقول في مشروعه (الحلم الصيني): “الشيوعي الحقيقي يجب أن يكون صاحب مثل عليا”.
ومن ثم فإن تعامل الرئيس جين بينج مع سيادة القانون سيكون اختبارا حقيقياً لحلمه الكبير، نمو الاقتصاد الصيني بحاجة إليه، سعادة الشعب الصين وقوته ستكون مرتبطةً بوجود سيادة حقيقية للقانون كجسد مستقل وغير خاضع لأي تدخل أو تجاهل.
الفساد وثراء المسؤولين الحكوميين وكبار رجال الجيش المهووسين بالسيارات الفارهة، سيتراجع إذا أصبح الدستور أقوى من الحزب. هذه الحقيقة نشرتها صحيفة إصلاحية في الأول من كانون ثان / يناير الماضي في مقال بعنوان “الحلم الدستوري”، حيث طالب المقال بأن تكون الأولوية لتطبيق مبدأ سيادة الدستور والقانون إذا أرادت الصين أن تصبح “دولةً حرةً وقوية”.