TODAY - January 31, 2011الزعماء العرب لا يتعلمون الدرس
من السهل الظن بأن احتجاجات تونس ومصر سببها غلاء الأسعار وتفشي البطالة، لكن لب المشكلة يكمن في نوعية إدارة الحكم.
تلك هي خلاصة ما خرج به وزير خارجية الأردن الأسبق مروان المعشر من مقاله بصحيفة ذي غارديان البريطانية.
يقول المعشر -الذي سبق أن تبوأ منصب نائب رئيس الوزراء في بلاده- إن من الضروري أن يستقي الزعماء العرب الدروس المناسبة من الأحداث في البلدين العربيين إذا كانوا يريدون تفادي نفس مصير الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، وإلا فإن الأزمات ستتوالى على المنطقة ولن تكون مصر وحدها في دائرة الخطر.
ورغم أن التذمر من الأوضاع الاقتصادية هو ما أطلق موجة التظاهرات فإن من الخطأ الظن بأن الاقتصاد كان هو السبب في كل ذلك، ذلك أن الخطر الحقيقي على الاستقرار في العالم العربي يكمن في سوء الحكم.
ويمضي المعشر -الذي يعمل حاليا نائبا لرئيس مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي- إلى القول إنه من المهم أن نضع في البال أن ما أثار غضب المتظاهرين التونسيين سبب يتجاوز بكثير علوم الاقتصاد.
لقد كانت تونس -كما يقول الكاتب- دولة بوليسية استشرى فيها الفساد طويلا، وكانت المطالبة بالحقوق السياسية هو ما دفع الناس هناك للنزول إلى الشارع.
ويرى المسؤول الأردني السابق أن الأزمة غير المتوقعة التي حدثت في تونس قادت إلى تغيير الوضع الراهن في العالم العربي، ومن الأهمية بمكان ألا تعود المنطقة إلى سابق عهدها.
ولكي لا يحدث فإن على القادة العرب أن يستلهموا ثلاثة دروس مما يجري من أحداث، على حد تعبير المعشر.
أول تلك الدروس هو أنه من السهل توجيه إصبع الاتهام لغلاء الأسعار والبطالة باعتبارها الأسباب الرئيسة وراء تلك الاحتجاجات، لكن الأمر ليس بتلك السهولة.
فقد شرعت العديد من الدول في اتخاذ خطوات قصير المدى، كدعم السلع الأساسية وزيادة الرواتب، لكن مثل تلك الإجراءات لن تكون دوما ذات جدوى، فالحلول الحقيقية تتطلب الارتقاء بالحقوق الديمقراطية والسياسية ومحاربة الفساد وصون حكم القانون.
أما الدرس الثاني فهو أنه ما من دولة في مأمن مما يجري، فكل الدول العربية مهددة.
وثالث الدروس المستفادة هو أن الحجج القديمة التي تبرر فرض قيود صارمة على الممارسات السياسية للحيلولة دون وصول الإسلاميين إلى سدة الحكم بدأت تتقوض من أساسها.
فالحكومات -كما يقول المعشر- تستغل الخوف من الإسلام ذريعة لإقامة نظم سياسية مقفولة تفرض قيودا صارمة على كل أشكال التعبير عن الاستياء.
ويبقى السؤال الآن هو ما إذا كان العالم العربي سيستوعب الدرس أم لا. غير أن المعشر يبدو متشائما حين يقول إن كل المؤشرات حتى الآن مخيبة للآمال، إذ "لا يبدو أن الزعماء العرب يستلهمون العبر الصحيحة".