قال الصادق (ع) : ما بعث الله نبيا قط حتى يأخذ عليه ثلاثا : الإقرار لله بالعبودية ، وخلع الأنداد ، وأنّ الله يمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء .
بيان: قال الصدوق رحمه الله في التوحيد : ليس البداء كما تظنه جهّال الناس بأنه بداء ندامة - تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا - ولكن يجب علينا أن نقرّ لله عزّ وجلّ بأنّ له البداء .. معناه : أنّ له أن يبدأ بشيء من خلقه فيخلقه قبل شيء ، ثم يعدم ذلك الشيء ويبدأ بخلق غيره ، أو يأمر بأمر ثم ينهى عن مثله ، أو ينهى عن شيء ثم يأمر بمثل ما نهى عنه ، وذلك مثل نسخ الشرائع ، وتحويل القبلة ، وعدّة المتوفّى عنها زوجها .
ولا يأمر الله عباده بأمر في وقت ما ، إلا وهو يعلم أن الصلاح لهم في ذلك الوقت في أن يأمرهم بذلك ، ويعلم أنّ في وقت آخر الصلاح في أن ينهاهم عن مثل ما أمرهم به ، فإذا كان ذلك الوقت أمرهم بما يصلحهم ، فمَن أقرّ لله عزّ وجلّ : بأنّ له أن يفعل ما يشاء ، ويؤخّر ما يشاء ، ويخلق مكانه ما يشاء ، ويؤخّر ما يشاء كيف يشاء ، فقد أقرّ بالبداء ، وما عُظّم الله عزّ وجلّ بشيء أفضل من الإقرار بأنّ له الخلق والأمر ، والتقديم والتأخير ، وإثبات ما لم يكن ، ومحو ما قد كان ..
والبداء هو ردٌّ على اليهود لأنهم قالوا : إنّ الله قد فرغ من الأمر ، فقلنا : إنّ الله كل يوم في شأن ، يحيي ويميت ، ويرزق ويفعل ما يشاء ، والبداء ليس من ندامة إنما هو ظهور أمر ، تقول العرب : بدا لي شخصٌ في طريقي أي ظهر ، وقال الله عزّ وجلّ : { وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون } أي ظهر لهم ، ومتى ظهر لله - تعالى ذكره - من عبد صلة لرحمه زاد في عمره ، ومتى ظهر له قطيعة رحم نقص من عمره ، ومتى ظهر له من عبد إتيان الزنا نقص من رزقه وعمره ، ومتى ظهر له منه التعففّ عن الزنا زاد في رزقه وعمره ، ومن ذلك قول الصادق (ع) : ما بدا لله بداء كما بدا له في إسماعيل ابني يقول : ما ظهر لله أمرٌ كما ظهر له في إسماعيل ابني ، إذ اخترمه ( أي أماته ) قبلي ، ليُعلم بذلك أنه ليس بإمام بعدي
:
: راجيا رضا الله