TODAY - January 26, 2011
توفر الأمن والعمل والسكن والإندماج في المجتمع
العراق يدرس خطة أممية لعودة الملايين في الداخل والخارج
بدأت الحكومة العراقية دراسة تطبيق خطة أممية لإعادة ملايين النازحين إلى الداخل والهاربين إلى الخارج إلى بلدهم ومناطق سكناهم، مع التأكيد على أن تكون هذه العودة طوعية، ومع ضرورة الحفاظ على التنوع العراقي قوميا ودينيا باعتباره بلداً يضم كل جذور الحضارات، وأن يتم إغلاق معظم ملفات الهجرة والنزوح في نهاية العام الحالي
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
بدأت الحكومة العراقية، دراسة تطبيق خطة أممية لإعادة ملايين النازحين إلى الداخل والهاربين إلى الخارج إلى بلدهم ومناطق سكناهم، مع التأكيد على أن تكون هذه العودة طوعية، ومع ضرورة الحفاظ على التنوع العراقي قوميا ودينيا باعتباره بلداً يضم كل جذور الحضارات، وأن يتم اغلاق معظم ملفات الهجرة والنزوح في نهاية العام الحالي.
وقدم هذه الخطة المفوض السامي لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيرس الى المسؤولين العراقيين الذين التقاهم في بغداد خلال اليومين الماضيين يتقدمهم رؤساء الجمهورية جلال طالباني والحكومة نوري المالكي ومجلس النواب أسامة النجيفي اضافة الى وزير الخارجية هوشيار زيباري وزعيم الكتلة العراقية أياد علاوي. وهذه الزيارة للمفوض الأممي الى العراق هي الأولى منذ تشكيل الحكومة العراقية الجديدة أواخر الشهر الماضي. ويمكن وصف الخطة بأنها وطنية تقودها الحكومة وبدعم ومشاركة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وتستهدف توفير المناخ المناسب لمئات آلاف المشردين داخل وخارج البلاد للعودة إلى ديارهم.
وأبلغ غوتيرس المسؤولين العراقيين أن الخطة تتضمن أهدافاً واضحة لمعالجة القضايا الأمنية وإعادة الإندماج وقضية الممتلكات حتى يتمكن الناس من العودة إلى ديارهم بأمان وكرامة. وتشمل الخطة استراتيجية لدمج المشردين داخلياً في المناطق التي فروا إليها إذا فضلوا البقاء حيث هم. وترتكز هذه العودة على ضرورة ان تكون طوعية لأن إجبار الناس على العودة إلى ديارهم حيث ينعدم الأمن أمر غير مقبول، كما ترى المفوضية مشيرة إلى ترحيل العديد من العراقيين مؤخراً من دول أوروبية عدة قسراً، وهو أمر ترى أنه مرفوض تماماً. وتشدد الخطة على "ضرورة الحفاظ على تنوع العراق الذي يضم كل جذور الحضارات، موضحة أن انتهاء ملف اللاجئين والنازحين العراقيين سيتم في وقت قريب بعد أن تم تغيير العمل من تقديم المساعدة إلى خطة إيجاد الحلول.
أوضاع اللاجئين مزرية
تشير إحصائية رسمية لمفوضية اللاجئين إلى ان عدد اللاجئين العراقيين بلغ نحو ثلاثة ملايين لاجئ خارج البلاد ومليون مهجر في الداخل. ويوجد حاليا 196 الف لاجئ عراقي في سوريا والأردن ولبنان، بينما تشير تقديرات المفوضية إلى وجود 1.3 مليون مشرد داخلي يعيش نصف مليون منهم في أوضاع معيشية مزرية.
وقال غوتيرس في مؤتمر صحافي في ختام زيارته الى بغداد "هؤلاء الأشخاص يعيشون في أوضاع مزرية للغاية فهم بلا مأوى أو يعيشون في مناطق عشوائية ويشعرون باليأس وعلينا أن نوفر المساعدة الإنسانية لأكثر الفئات احتياجا". وقد انتهت المفوضية مؤخرا من مشروع يهدف لبناء أو إعادة بناء 20 ألف منزل في المناطق المدمرة في أنحاء البلاد.
وأشار المفوض السامي إلى أنه "بينما انخفض عدد اللاجئين العراقيين المسجلين مع المفوضية في البلاد المجاورة، إلا أنهم ما زالوا في أوضاع هشة حيث يعاني الآلاف مشاكل صحية مزمنة، كما أن هناك أعدادا كبيرة من الأسر تعيلها النساء". واعتبر عمليات الترحيل القسري التي تمارسها بعض الدول الأوروبية بحق اللاجئين العراقيين منافية لحقوق الإنسان. وجاء هذا الرفض الأممي ردا على قيام بعض الدول الأوروبية بإجبار اللاجئين العراقيين على العودة الى بلادهم بذريعة "تحسن الوضع الأمني" في العراق. وأشار غوتيريس الى انه "على الرغم من التحسن الأمني الذي يشهده العراق في غالبية مناطقه ولا سيما التي عانت تهجيراً قسريا خلال أحداث العنف الطائفي لكن ذلك لا يعني أن الوضع استقر تماما".
وقد أدت عمليات العنف الطائفي هذه التي شهدها العراق في الفترة بين مطلع عام 2006 ونهاية عام 2007 إلى موجات نزوح إلى داخل البلاد وخارجها.
وأوضح غوتيريس أن مفوضيته ورغم مساعيها لإغلاق ملف اللاجئين العراقيين إلا أنها تعارض الترحيل القسري للعراقيين الذي قامت به بعض الدول الأوروبية. وأضاف أن "عملية عودة اللاجئين إلى العراق يجب أن تكون طوعية لا قسرية".. مشددا على ضرورة توفير الأجواء المناسبة لعودتهم. وعلى الرغم من محاولات الحكومة العراقية لإعادة اللاجئين العراقيين إلى البلاد من دول مجاورة إلا أن محاولاتها لم تنجح إلا بإعادة عدد قليل حسب تقديرات الأمم المتحدة.
معوقات العودة
الشعور بعدم الامان ليس العقبة الوحيدة التي تمنع مئات الآلاف من اللاجئين العراقيين والنازحين في الداخل من العودة لديارهم، إنما هناك عقبات اقتصادية تحول ايضا دون عودة كثيرين. وفي هذا المجال قال غوتيريس "من المهم التأكيد على ان مسألة العودة لا تتعلق بالامن فحسب.. تحدثت الى كثيرين فتكلموا عن الحاجة لمساكن ووظائف وتعليم". وأكد أن "الامن شرط مهم ولكنه ليس الوحيد.. ظروف المعيشة هي الاهم لضمان عودة ناجحة". وتراجع العنف في العراق تراجعا حادا خلال السنوات الثلاث الاخيرة عن ذروته في 2006 و2007 ولكن التفجيرات وأعمال القتل ما زالت مستمرة. وتستهدف معظم أعمال العنف الاغلبية المسلمة ولكن في الاشهر المنصرمة استهدفت سلسلة من الهجمات الاقلية المسيحية.
واوضحت المفوضية العليا للاجئين الشهر الماضي ان حوالى ألف أسرة مسيحية أو ستة آلاف شخص فروا الى المنطقة الكردية في الشمال أو الى دول المنطقة منذ الهجوم على كاتدرائية الكاثوليك السريان في بغداد في 31 تشرين الاول -أكتوبر الماضي في عملية تبناها تنظيم دولة العراق الاسلامية الذراع العراقي لتنظيم القاعدة.
ويعيش كثير من النازحين الى الداخل في فقر بمخيمات غير نظيفة منذ سنوات. ففي مخيم ام البنين، وهو واحد من 94 مخيما أقامتها المفوضية للنازحين في بغداد، يعيش حوالى 600 شخص في أكواخ من غرفة واحدة اسقفها متداعية وتغطيها البطاطين التي كثيرا ما يتسرب منها الماء حين تهطل الأمطار. وتغطي مياه الصرف الطرق المتربة خارج المخيم. وسارع المسؤولون بتنظيف المخيم ورفع اكوام الانقاض والقمامة قبل زيارة غوتيريس له الاثنين الماضي .
ويأمل غوتيريس ان تتمكن الحكومة العراقية الجديدة من وضع "خطة شاملة" لإنهاء معاناة اللاجئين والنازحين العراقيين مع مضي البلاد قدما في تنفيذ استثمارات ومشروعات إعادة بناء ضخمة. وقال انه بعيدا عن المخاوف الأمنية ينبغي ان توفر الحكومة مسكنا مناسبا وخدمات صحية وتعليم وتعويضات عن الممتلكات. واضاف "ثمة الكثير ينبغي عمله، اذا شاركنا جميعا الحكومة العراقية والمجتمع الدولي يمكن ان ننظر للوضع الحالي على انه بمثابة بداية لإنهاء ازمة النزوح في العراق". وقال ان البطالة والمصاعب الاجتماعية والاقتصادية تشكل العائق الاكبر امام عودة النارحين واللاجئين العراقيين الى اماكن سكناهم. واضاف "اكدت غالبية الاشخاص الذين تحدثنا اليهم ان انعدام فرص العمل اكثر اهمية من القلق الناجم عن الاوضاع الامنية".
واشار الى عودة اكثر من 89 الف لاجئ الى العراق خلال السنوات الثلاث الماضية، لكنه اوضح ان معدل العودة قد تباطأ مؤخرا، وواصل طالبو اللجوء الجدد التسجيل لدى المفوضية في البلدان المجاورة. وقال إن اكثر من 456 الف نازح قد عادوا الى مناطقهم الأصلية بين مطلع العام 2008 واواخر العام 2010 .
خطة عراقية للعودة
من جهته قال وكيل وزارة الهجرة والمهجرين العراقية أصغر الموسوي إن خطة المفوضية السامية للاجئين تتزامن مع خطة أخرى وضعتها الوزارة للانتهاء من ملف النازحين والمرحلين داخليا. واشار الى انه قد تم طرح هذه الخطة على مجلس النواب، مؤكدا أن الوقت قد حان الآن لوضع حد لهذه المشكلة من خلال إعادة النازحين إلى أماكنهم الأصلية أو دمجهم في الأماكن التي يقيمون فيها حاليا.
وفي هذا الاطار فقد اعلنت الوزارة اليوم عن مواصلة المشاريع الخاصة ببناء المجمعات السكنية المخصصة للمهجرين. وقال مدير عام دائرة التخطيط والمتابعة في الوزارة علي شعلان موحان عن انجاز نسبة 51 بالمئة من عملية بناء المجمع السكني في محافظة ميسان الجنوبية الذي يضم 300 وحدة سكنية مع ملحقاته كافة وخدماته، ومنها مدرسة ابتدائية ومركز صحي ومسجد وبناية للإدارة ووحدة للإطفاء واسواق تجارية، مشيراً الى ان المشروع ينفذ من قبل وزارة الإسكان والاعمار خلال فترة 18 شهراً. واضاف انه تم البدء ايضا بتنفيذ مشروع ثان في محافظتين جنوبيتين فيشمل بناء 300 دار في الديوانية و90 دارا في البصرة بالتعاون مع مجلس اللجوء الدنماركي.