قصه الجاريه مع الامام موسى بن جعفرعليه السلام
قال العامري: إن هارون الرشيد أنفذ إلى موسى بن جعفر جارية خصيفة، لها جمال ووضاءة لتخدمه في السجن فقال قل له " بل أنتم بهديتكم تفرحون " (1) لا حاجة لي في هذه ولا في أمثالها، قال: فاستطار هارون غضبا وقال: ارجع إليه وقل له: ليس برضاك حبسناك، ولا برضاك أخذناك، و اترك الجارية عنده وانصرف، قال: فمضى ورجع ثم قام هارون عن مجلسه وأنفذ الخادم إليه ليستفحص عن حالها فرآها ساجدة لربها لاترفع رأسها تقول: قدوس سبحانك سبحانك. فقال هارون: سحرها والله موسى بن جعفر بسحره، علي بها، فاتي بها وهي ترعد شاخصة نحو السماء بصرها فقال: ما شأنك ؟ قالت: شأني الشأن البديع إني كنت عنده واقفة وهو قائم يصلي ليله ونهاره، فلما انصرف عن صلاته بوجهه وهو يسبح الله ويقدسه قلت: يا سيدي هل لك حاجة اعطيكها ؟ قال: وما حاجتي إليك ؟ قلت: إني ادخلت عليك لحوائجك قال: فما بال هؤلاء ؟ قالت: فالتفت فإذا روضة مزهرة لاأبلغ آخرها من أولها بنظري، ولا أولها من آخرها، فيها مجالس مفروشة بالوشي والديباج، وعليها وصفاء ووصايف لم أر مثل وجوههم حسنا، ولا مثل لباسهم لباسا، عليهم الحرير الاخضر، والاكاليل والدر والياقوت، وفي أيديهم الاباريق والمناديل ومن كل الطعام، فخررت ساجدة حتى أقامني هذا الخادم فرأيت نفسي حيث كنت. قال: فقال هارون: يا خبيثة لعلك سجدت فنمت فرأيت هذا في منامك ؟ قالت: لا والله يا سيدي إلا قبل سجودي رأيت فسجدت من أجل ذلك فقال الرشيد: اقبض هذه الخبيثة إليك، فلا يسمع هذا منها أحد، فأقبلت في الصلاة، فإذا قيل لها في ذلك قالت: هكذا رأيت العبد الصالح )عليه السلام( فسئلت عن قولها قالت: إني لما عاينت من الامر نادتني الجواري يا فلانة ابعدي عن العبد الصالح، حتى ندخل عليه فنحن له دونك، فما زالت كذلك حتى ماتت، وذلك قبل موت موسى بأيام يسيرة .