لا يستغني عاقل في حياته عن مصادقة ومصاحبة أو مؤاخاة ومخاللة، وقد عُرفت الصداقة منذ القدم، وكتب عنها كل ذي رأي وقلم، وأعلن عن أهميتها كل ذي فكر.
فمما رسخ عند الخاصة والعامة أن الصاحب ساحب، ويكفي قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل".
وقال بعض الشعراء:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه .. فكل قرين بالمقارن يقتدي
فإذا كان للصداقة والصحبة كل هذه الأهمية وذاك الأثر، كان حريا بالعاقل أن يولي الاختيار أولى همه.
والسؤال: هو كيف يختار الإنسان صاحبه؟
والجواب: هو أن تجيب أولا عن هذا السؤال: لماذا تريد الصديق؟..
فإن مرادك منه هو الذي سيحدد كيفية اختياره؛ فإن الصحبة وصفات الصاحب تختلف باختلاف الغرض منها، والأصدقاء أنواع وأقسام
"الإخوان الاصدقاء على ثلاث طبقات: فإخوان كالغذاء لا يستغنى عنهم أبدا، وهم إخوان الصّفاء، وإخوان كالدواء يحتاج إليهم في بعض الأوقات، وهم الفقهاء، وإخوان كالدّاء لا يحتاج إليهم أبدا، وهم أهل الملق والنفاق لا خير فيهم".
فعلى حسب مرادك من الصديق تتحدد معالم اختباره واختياره.. فصاحب الدنيا ليس كصاحب الآخرة، وصديق المرح ليس كصديق السفر، وزميل الدراسة ليس كزميل العمل، وصاحب السعة ليس كمن يعد لوقت الحاجة والضيق.
وقال الشاعر:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه .. .. فكل قرين بالمقارن يقتدي
إذا كنت في قوم فصاحب خيارهم .. .. ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي
فإن العقل الموفور يهدي إلى مراشد الأمور، ومعاداة العاقل خير من مصادقة الأحمق، فإنه من حمقه .. ربما أراد نفعا فأضر.. قال امير المؤمنين علي عليه السلام : لا تصحب الأحمق فإنه يجهد نفسه لك ولا ينفعك، وربما ضرك من حيث أراد نفعك، سكوته خير من نطقه، وبعده خير من قربه، وموته خير من حياته.
وفي النهاية لا تثبت مع الحمق مودة، ولا تدوم لصاحبه معه صحبة.
قال بعض الشعراء:
المرء يجمع والزمان يفرق .. .. ويظل يرقع والخطوب تمزق
ولأن يعادي عاقلا خير له .. .. من أن يكون له صديق أحمق
فاربأ بنفسك أن تصاحب أحمقا ..إن الصديق على الصديق مصدق.
كل المودة لكم اصدقائي