TODAY - January 23, 2011
الجزيرة و ويكيليكس
الجزيرة تعدّ مفاجأة “غير سارة” لزعماء عرب يوم 23 يناير
على غرار موقع “ويكيليكس”، كشفت قناة “الجزيرة” أنها ستعرض ابتداء من الأحد الموافق 23 يناير 2011 خبايا وأسرارا وحقائق وذلك بعد أن حصلت على وثائق ومحاضر مهمة لجلسات خلف الستار.
ولم يقف الأمر عند ما سبق، فقد أكدت “الجزيرة” أيضا أنها ستطلق موقعا خاصا يضم جميع المحاضر والوثائق عن تلك الأسرار والحقائق.
ورغم أن “الجزيرة ” لم تكشف تفاصيل حول الجهات المعنية بتلك الوثائق، إلا أن الأرجح أنها لن تخرج عما يحدث في كواليس السياسة العربية وعلاقاتها بأمريكا وإسرائيل.
بل وهناك من أشار أيضا إلى أن خطوة “الجزيرة” غير بعيدة عن القنبلة التي فجرها مؤسس موقع “ويكيليكس” جوليان أسانج في 29 ديسمبر الماضي.
وكان أسانج أكد امتلاكه وثائق وصفها بـ”الخطيرة” ضد مسئولين وموظفين كبار في الدول العربية سربوا معلومات حساسة عن بلادهم لمسئولين أمريكيين من الممكن أن “تحدث انقلابا خطيرا في العالم العربي”.
وأضاف مؤسس موقع ويكيليكس خلال لقائه مع الإعلامي أحمد منصور في برنامج “بلا حدود” على قناة “الجزيرة” أن بعض المسئولين العرب الذين يشغلون مناصب كبيرة في حكوماتهم كانوا يتبرعون بالذهاب إلى أمريكا بصفة دورية من أجل الإدلاء بمعلومات خطيرة وكتابة تقارير مستمرة تكشف عما يجري في بلادهم ، لافتا إلى أن نشر تلك المعلومات سيحدث انقلابات في بعض الدول العربية.
وأكد أنه سوف يقوم بنشر تلك الوثائق في القريب العاجل بشرط أن يتم ضمان حياة هؤلاء المسئولين في حال اتهامهم بـ”الخيانة”، مشددا أيضا على أن ضمان عدم تعرض هؤلاء المسئولين للاغتيال يمثل شرطا آخرا لنشر تلك الوثائق.
وتابع أسانج ” أنا مؤمن بالعدالة وضرورة محاكمة هؤلاء المتهمين في بلادهم أمام القانون دون تعرضهم لأي محاولات لتصفيتهم إيمانا مني بضرورة أن يأخذ القانون مجراه”.
وفجر أسانج أيضا في هذا الصدد مفاجأة كشف خلالها أنه يمتلك حوالي سبعة آلاف وثيقة تخص مصر ، قائلا :” أكثرها يحمل درجة الخطورة ، حصلت على بعض التسريبات الخطيرة من وزارتي الدفاع والخارجية الأمريكيتين في هذا الصدد”.
وبجانب ما سبق ، لفت أسانج أيضا لبعض الوثائق الحساسة التي تخص قضية النفط في العالم العربي وسرقته ونهبه من خلال بعض العقود التي يحررها المسئولون العرب الذين يعملون في بعض المواقع المهمة، بالإضافة إلى حصوله على وثائق تخص بعض صفقات الأسلحة في العالم العربي.
وأضاف أن نشر تلك الوثائق سيحدث تغييرا كبيرا في العالم كما سيؤدي إلى تغيير تصور الناس تجاه أمريكا وبعض المسئولين العرب وسوف يصحح نظرة الناس أيضا تجاه الكثير من القضايا في العالم.
وبالنظر إلى أن قناة “الجزيرة” أحد رعاة موقع ويكيليكس بجانب صحيفة “الجارديان” ، فإن الأرجح أن الأسرار التي سيتم نشرها ابتداء من 23 يناير غير بعيدة عما ذكره أسانج.
-ويبقى التساؤل اللغز : لماذا أقدمت “الجزيرة” على تلك الخطوة في هذا الوقت تحديدا ؟.
ويبدو أنه بالنظر إلى الظروف المحيطة بالمفاجأة التي أعلنتها “الجزيرة “فإن الإجابة لن تنحصر في تفسير واحد حيث هناك من فسر الأمر بسعي “الجزيرة” لأخذ زمام المبادرة في كشف المستور حول ما يحدث في كواليس السياسة العربية وعدم انتظار قيام الآخرين بتلك المهمة خاصة وأن هناك شاشات عربية أخرى بدأت تسير في هذا الاتجاه .
ففي 17 يناير ، بدأت قناة “الجديد” اللبنانية وعلى غرار ما سربه موقع “ويكيليكس” من أسرار الدبلوماسية الأمريكية في بث حلقات “حقيقة ليكس” المثيرة للجدل وهي تسجيلات صوتية لبعض جلسات التحقيق الدولي في جريمة اغتيال رفيق الحريري وشهود الزور.
وأظهر أحد التسجيلات معرفة وثيقة بين سعد الحريري وشاهد الزور محمد زهير الصديق حيث تحدث الأخير عن علمه بتفجيرات حدثت في لبنان وبدا وكأنه يلقن الحاضرين ومن بينهم محققون دوليون ما ينبغي كتابته في التقرير الدولي حول عملية الاغتيال.
ومن جانبه ، أبدى الحريري في التسجيل الصوتي رأيه ببعض الشخصيات أبرزها الرئيس السوري بشار الأسد وعلاقته بوالده ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية السورية آصف شوكت الذي وصفه بالسفاح وشبهه بالأمير السعودي محمد بن نايف.
بل وتحدث الحريري أيضا خلال جلسة التحقيق عن الأمير السعودي الوليد بن طلال الذي قال إنه حصل على الجنسية اللبنانية سعيا لرئاسة الوزراء فضلا عن شخصيات سياسية وإعلامية أخرى داخل لبنان وخارجه.
وعقب بث التسجيل السابق ، قالت قناة “الجديد” في نشرة إخبارية لاحقة إن مكتب الحريري أصدر بيان اعتذار ونسب التسجيلات إلى سنوات خلت ، مشيرا إلى أنها تهدف لتوتير علاقاته مع شخصيات يعتز بصداقتها ، هذا فيما ترددت تقارير حول أن المحكمة الدولية تسعى حاليا لمحاسبة القناة على تسريب الجلسات التي قالت إنها سرية.
وبصرف النظر عن موقف سعد الحريري والمحكمة الدولية ، فإن قناة “الجديد” أصرت على مواصلة بث حلقات “حقيقة ليكس” وهو الأمر الذي شجع فيما يبدو “الجزيرة” للمسارعة بخطوة مماثلة وإن كان على نطاق أوسع ليشمل كافة الدول العربية وليس لبنان فقط .
وفي المقابل ، يرى البعض الآخر أن “الجزيرة” وجدت أن هناك تغييرا يحدث في العالم العربي بعد أحداث تونس ولذا سارعت لتكرار ما فعله “ويكيليكس” حينما فضح فساد محيط الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وهو أمر سيضاعف بلا شك من قلق بعض الزعماء والمسئولين العرب خاصة في ظل التحذيرات المتصاعدة من احتمال انتشار عدوى تونس .
وأيا كانت صحة التفسيرات السابقة وبصرف النظر عن أهداف “الجزيرة” من مفاجأة 23 يناير وما إذا كانت مهنية بحتة لنشر الحقيقة أم لها دوافع سياسية خفية ، فإن تلك “القناة” التي تتمتع بأكبر نسبة مشاهدة في العالم العربي ستقع في خطأ فادح في حال ركزت على دول بعينها وتجاهلت أخرى وخاصة قطر.
نقلاً عن موقع قناة الجزيرة