TODAY - January 22, 2011
إدمان ونرجسية ولاخصوصية وإنتحار
مفردات فرضها فايسبوك ليقلق راحتك النفسية
انتحرت لأن حبيبها وضع صورها على الفيس بوك، خبر تصدر الصحف العربية في العام السابق، بعد انتحار المدرسة البريطانية في مدينة (أبو ظبي) التي خدعها صديقها ووضع صورها على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك). قصص كثيرة حدثت وقد تتوالى أحداث مثيرة مستقبلا بعد ان اجتاح الفايسبوك حياة كل بيت دون استثناء. فمن منا لم يخض تجربة ذلك الموقع الاجتماعي وأمضى ساعات من التواصل مع أصدقاء قدامى وجدد أيضا. وكثيرا ما نسمع عن خلافات زوجية وعائلية بسبب ساعات تُمضى يوميا في تحميل وتقليب صور وتعليق عليها وما يستدعي من رد وشكر وإعجاب، الى ان وصل الامر لدى بعض الفئات الى حد الادمان وأخرى الى حد النفور من الفايسبوك لتدخله في تفاصيل شخصية باتت مفتوحة أمام مئات الاصدقاء. في هذا الملف نحاول الاضاءة على ظاهرة الفايسبوك وما تحمله من سلبيات وايجابيات على الصعيد النفسي والشخصي من خلال تجارب حية إضافة الى قراءة للظاهرة من منظور نفسي.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ
الفايسبوك يزيد من العزلة والفصام والانحراف بين الشباب
انتحرت لأن حبيبها وضع صورها على الفيس بوك، خبر تصدر الصحف العربية في العام السابق، بعد انتحار المدرسة البريطانية في مدينة (أبو ظبي) التي خدعها صديقها ووضع صورها على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك).
لم تكن هذه هي الحالة الأولى أو الأخيرة التي تُستغل فيها الحياة الشخصية للآخرين، بهدف التشهير أو الاغتيال المعنوي للأفراد أو المشاهير من مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي، مما يعطي مؤشراً خطيراً عن ضرورة الالتفات إلى الآثار السلبية التي قد تنتج عن استخدام مثل هذه المواقع في بيئتنا العربية. فقد أشار الدكتور (ديفيد غرينفيلد)، أستاذ الطب النفسي الأميركي، ومؤسس مركز دراسات الانترنت إلى أن :الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي تحديداً تعتبر وسيلة للتفاعل، إلا أنها تؤدي إلى العزلة والوحدة الاجتماعية في نفس الوقت، فكثرة استخدام شبكات التواصل الاجتماعي قد تؤثر على التكوين الدماغي للشباب، وتجعلهم أكثر أنانية ونرجسية.
إدمان العالم الافتراضي للفيس بوك
إن الذعر الذي انتاب مستخدمي موقع الفيس بوك بسبب إشاعة غلقه خلال الأيام السابقة، تؤكد على عدم قدرة مستخدميه الاستغناء عنه، فحسب الإحصائيات، يحتل موقع الفيس بوك، المركز الأول في شبكات التواصل الاجتماعي، حيث يستخدمه ما يزيد عن 500 مليون زائر على مستوى العالم، ليعتبر أكثر المواقع استخدماً على شبكة المعلومات في البلاد العربية، وتتصدر مصر المركز الأول عربياً وإفريقيا في استخدامه، بعدد 5 مليون مستخدم. مما يشير إلى حالة الانسحاب الاجتماعي في الدول العربية إلى العالم الافتراضي الذي أصبح أكثر تأثيراً في تشكيل الوعي النفسي للشباب العرب، خاصة إذا علمنا أن أغلبية مستخدمي هذا الموقع تتراوح أعمارهم من 18 ـ 24 عاماً ، ويحتل الذكور النسبة الأعلى (حسب إحصائيات موقع أليكسا)، أي أن هذه المرحلة العمرية يتشكل وعيها الآن عن طريق العالم الافتراضي الوهمي.
فالفايسبوك يخلق عالماً اجتماعياً وهمياً موازياً للعالم الحقيقي، يعتقد مستخدميه في مصداقية العلاقات التي تنشأ من خلاله، رغم سرعة تكوينها أو التخلص منها، مما يزيح عن كاهل الشباب أي مسؤولية اجتماعية أو نفسية تصحب تكوين العلاقات والصداقات في العالم الواقعي، ويأتي هذا متسقاً مع عدم النضج الانفعالي والعاطفي للشباب في هذه المرحلة العمرية. فنشوة تكوين العلاقات السريعة التي قد تتجاوز القيود الأخلاقية أو الاجتماعية في المجتمعات العربية قد تؤدي إلى الرغبة في الاستمرارية والتعود على استخدام الفيس بوك، ينتج عنها حالة صنفها علماء النفس بأنها إدمان قد يحتاج إلى علاج لما فيه من فضولية للتعرف على الحياة الشخصية للآخرين، رغم ما قد يسببه هذا من اضطرابات نفسية لا يعيها الشباب في هذه المرحلة.
النرجسية وحب الظهور
تبعاً لنتائج الأبحاث التي أجريت على شريحة من مستخدمي المواقع الاجتماعية من الشباب وعلى رأسها الفايسبوك، وُجد أنه يؤثر سلباً عليهم، ويسبب لهم بعض الاضطرابات النفسية اللاشعورية، نتيجة للدعم الذي يتلقوه من أصدقائهم المشتركين معهم في نفس الموقع، سواء بالإعجاب أو التعليق على أفكارهم و صورهم الشخصية، مما ينتج عنه حالة من تضخم مفهوم الذات الوهمي، الذي يؤدي بدوره إلى النرجسية تصحبها مزيداً من الرغبة في استعراض حياته الشخصية لنيل مزيداً من الإعجاب والدعم النفسي الوهمي، مما قد يخالف الواقع، فقد يكون نفس الشخص مفتقد لأي تقدير ذاتي أو اجتماعي من المحيطين به، فيحاول تجاوز تلك العقبة الشخصية في العالم الافتراضي.
فنتيجة للانغلاق الاجتماعي وعدم قدرة الشباب على التكيف مع الواقع المحيط بهم، يلجأون إلى الحصول على تقدير لنشاطهم الممارس على الفيس بوك، مثل وضع الفتيات صورهن شبه العارية أو في مواقف حياتية خاصة جداً على صفحتهن، لجذب الانتباه وحب الظهور والشهرة. فالفيس بوك يصنع حالة من الانفصال بين الذات الحقيقية والوهمية، مما يشكل عائقاً في التواصل الاجتماعي الفعلي.
الازدواجية والفصام
من المشاكل الرئيسية التي تدعهما شبكات التواصل الاجتماعي، ضعف الثقة بالذات وعدم القدرة على التواصل الحقيقي، فهي تطرح حلاً يشكل المنفذ الطبيعي لمن يتسم بتلك السمات النفسية، فقد يلجأ بعض المستخدمين إلى تقمص شخصيات وهمية كالفنانين والمشاهير، أو أشخاص من الجنس الآخر لشعورهم الدائم بالنقص ، وعدم رضاهم عن ذواتهم، مما يؤدي بهم إلى حالة يفسرها علم النفس بأنها فصام نفسي، بحيث تعبر صفحته على الفيس بوك عن عالمه اللاشعوري الذي يرغب في أن يكون عليه.فيؤثر ذلك بشكل سلبي على التطور والنضج النفسي السوي خاصة في مرحلة الشباب، ويضعه في عزلة اجتماعية نفسية، وقد يصيبه بالاكتئاب في بعض الأحيان لعدم قدرته على التصالح النفسي مع ذاته، وارتكانه على الشخصية الوهمية التي أنتجها في خياله الافتراضي.
كما يسهم الفايسبوك في إنتاج حالة من الازدواجية في القيم والمعايير المجتمعية والفكرية، مثل ادعاء القيم الدينية أو الفكرية بعكس الانتماء الفعلي للمستخدم، فالحرية التي تتمتع بها المواقع الاجتماعية وغياب الحظر والرقابة المجتمعية يساعد على نمو شخصية ازدواجية تمارس أدواراً قد تكون غير متحققة بالكلية في الواقع، مثل ممارسة أفعال لا أخلاقية قد يدينها المجتمع أو الدين بمنظوره الاجتماعي على صفحات الفيس بوك.و يؤدي هذا بدوره إلى تكوين شخصيات مشوهة وغير متزنة تُصدر انفعالات سلبية تجاه الأخر والمجتمع، مما يسبب حالة من الصراع النفسي والفكري مع الذات.بل قد يتسبب في نمو تيارات معادية للمجتمع.
الكبت والعزلة وحرية التعبير
يشكل الكبت الذي يمارسه المجتمع بشتى طوائفه السياسية أو الدينية والاجتماعية دافعاً رئيسياً لانتماء الشباب إلى مواقع التواصل الافتراضي، الذي أصبح وسيلة للتعبير عن أرائهم بحرية قد تكون غير متوافرة لهم في الواقع، دون قيود أو خوف لما يعرضونه من قضايا سواء كانت شخصية أو اجتماعية، لتعرضهم لمختلف أنواع القمع والرفض من الأخر أياً كان، فيجدون الدعم والقبول لأفكارهم وتجاوب من آخرين يقعون أيضاً تحت نفس الأزمات النفسية والاجتماعية ، مما يفرض بقبول كليهما لبعض.
فقد أصبح الفايسبوك متنفساً طبيعياً وآمناً، تقصده فئات عمرية واجتماعية مختلفة، للإعلان عن وجودهم وأرائهم.فالنسبة المرتفعة لمستخدمي الفيس بوك على مستوى العالم والبلاد العربية خاصة، تعطي مؤشراً يعتبره علم النفس غاية في الخطورة، وهو عدم قدرة أعداد كبيرة من الأشخاص ممارسة حقهم الطبيعي في التعبير أو المشاركة الاجتماعية الفعالة، مما قد ينتج على المدى الطويل، مجتمعات أكثر انغلاقاً وعدم وعياً بالمشاكل الحقيقية المعاشة بالفعل وتوهمهم بالمشاركة الفعالة في حل قضاياهم الاجتماعية.فرغم ما تمثله شبكة المعلومات بشكل عام من تنوع ثقافي وفكري، يُعتبر مبهراً للكثيرين، إلا أن الانغماس المفرط فيه ـ كما أشارت العديد من الدراسات النفسية في هذا المجال ـ قد يعزز الإحساس بالعزلة و التوحد مع الذات، وفقدان الصلة الملموسة بالواقع الفعلي.وعدم فهم لغة الجسد والتعبيرات المصاحبة للحالة الانفعالية.
الفايسبوك وقبول الآخر
ورغم ما تراه بعض الدراسات النفسية من سلبيات أنتجها الاستخدام المفرط للفايسبوك وغيره من شبكات التواصل الاجتماعي، إلا أن مثل تلك التفاعلات الافتراضية ساعدت على توحيد الهم الإنساني ، والتعاطف مع القضايا السياسية والاجتماعية في مختلف المجتمعات والثقافات الإنسانية على تعددها.مما قد يساعد الشباب في حال الاستخدام المعتدل والهادف لمواقع التواصل الاجتماعي، في التعرف على سمات إنسانية متعددة ومختلفة باختلاف المجتمعات، بل قد يكون ساحة جيدة لعرض العديد من الأفكار المتناقضة والمختلفة أحياناً مما قد يساعد على تعلم قبول الآخر والتفاعل الإيجابي معه..
فمع تزايد مستخدمي شبكة المعلومات بشكل يفرض نفسه على الضروريات الحياتية المختلفة، خاصة في مجتمعاتنا العربية، أصبح من البديهي اللجوء لمثل هذه الشبكات الاجتماعية التي قد تساعد على تطور البناء الثقافي والنفسي للشباب، لما يوفره من إطلاع مباشر وبدون قيود على عيوب المجتمع ومحاولات التغيير، بالمشاركة الفعالة.
أخصائية نفسية
إيجابياته كثيرة لكن سلبياته تبقى طاغية بقوة
الفايسبوك في المنظور النفسي والإجتماعي: سبب للإنطواء والعزلة
شهدت ثورة الانترنت بروز الكثير من الشبكات الاجتماعية يبقى أهمها الفايسبوك، لكن التأثير النفسي على مستخدميه بات كبيرًا بخاصة مع وجود أشخاص أعلنوا الانتحار عبره، ماذا يقول علم الاجتماع عن الفايسبوك و كيف يغيِّر نمط التواصل الاجتماعي عند البشر، وهل يؤدي الى العزلة والادمان؟
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــ
تلتفت إلي رنا لتقول لي انها اقفلت حسابها على شبكة الفايسبوك لانه بات الامر يشكل تدخلاً في خصوصياتها، وتشرح لنا رنا انها في بداية الامر تحمست في فتح حسابها على فايسبوك لكن سرعان ما بات الأمر يشكل ازعاجًا لها اذ تغير نمط حياتها وباتت مدمنة نوعًا ما عليه، وأصبحت تقضي فترات طويلة أمام شاشة الكمبيوتر بدل ان تخرج مع أصدقائها، فضلاً عن ذلك عاد الكثيرون ممن لا تريد عودتهم الى الظهور في حياتها من جديد من خلال الفايسبوك.
إن الحرية التي تميز بها الاعلام الجديد بمختلف أشكاله وأدواته، سمحت له بأن يحتل مكانة مرموقة في أوساط المستخدمين، وصلت حد الادمان أحيانًا ، حيث يقضي الكثير من المستخدمين ساعات طوال على الشبكات الاجتماعية دون فائدة تذكر، أو هدف محدد، وهذا باعتراف الكثير منهم على صفحات الفايسبوك أو تويتر، ما يدعونا لطرح تساؤلات عدة حول علاقة المستخدمين بالشبكات الاجتماعية، وهل أثّر استخدام هذه الأخيرة على نمط حياتهم عمومًا؟ وفيم تجلى هذا الأثر إن وجد؟
في محاولة بسيطة لازالة الغموض حول هذا الموضوع، تقول العالمة الاجتماعية نهاد عوني لإيلاف أنه تبين من خلال استبيانات عدة ان أكثر الخدمات شعبية هي الشبكة الاجتماعية "فايسبوك" ، وان أكثر من 50 % من الاشخاص يقضون من 3 إلى ست ساعات يوميًا على الشبكات الاجتماعية وهي فترة طويلة نسبيًا .
وهذا يبين مدى تعلق المستخدمين بشبكات التواصل الاجتماعي ، وبلا شك فإن تخصيص وقت دائم ويومي بالساعات لتصفح هذه المواقع له تأثير على حياة المستخدمين سواء بشكل إيجابي أو سلبي ، خصوصًا من ناحية العلاقات الاجتماعية التي تقل حتما لصالح الاستخدام المفرط لأدوات الاعلام الجديد.
ويمكن للشبكات الاجتماعية ان تؤثر على حياة الاشخاص بشكل إيجابي، فالاثر الايجابي لاستخدام أدوات الاعلام الجديد تجلى في الحصول على معارف جديدة، وتكوين صداقات، تبادل الافكار والآراء، النقاش حول مواضيع مختلفة، زيادة الرصيد المعرفي والثقافي، تكوين نمط جديد سهل وعصري لتصفح الانترنت، التحول من الافتراضية للواقعية عن طريق تكوين صداقات عبر الانترنت ثم تطور العلاقة الى ان تصبح صداقة حقيقية، المشاركة في ملتقيات وندوات، الاحاطة بجميع أخبار العالم الخارجي، المساهمة في التواصل السريع، والتعرف على الشخصيات المهمة ، نافذة جديدة للتعبير عن الافكار بخاصة المدونات، سهولة التواصل وسرعته واختراق حاجز المكان والزمان، الاحساس بالانتماء لجماعات معينة لها الافكار ذاتها، تواصل أكثر تنظيم أكبر، معرفة جديد التكنولوجيا، الحصول على معارف ووجهات نظر مختلفة حول عدة مواضيع ، بناء علاقات عمل .
أما عن السلبيات فتقول عوني انها تتمثل بكونها مضيعة الوقت وهي من أكبر السلبيات التي تواجه المستخدمين، الادمان، التأثير على الصحة، نقص في النشاط البدني، الادمان على بعض هذه المواقع خلق فراغ بين عالم الانترنت والعالم الحقيقي، وكذلك التأثير على الحياة الاجتماعية (الدراسة، العمل، التقليل من الخروج من المنزل..الخ )، ومن سلبيات استخدام هذه المواقع أيضًا التواصل الجنسي عبر الانترنت.
إنطوائية الأطفال وإدمان الانترنت
عن إنطواء الاولاد من خلال الادمان على مواقع اجتماعية على الانترنت كالفيسبوك مثلاً تقول عوني إن جذور هذه المشكلة هي البيت، من حيث نوعية العلاقة بين الوالدين ببعضهما البعض، ونوعية العلاقة بين الوالدين والأبناء، كما أن نوعية علاقة الأسرة بالأقرباء والجيران من الناحية العاطفية تؤثر تأثيرًا كبيرًا سلبًا وإيجابًا في عملية الانطواء أو الانبساط، وللفروق الفردية من حيث التكوين الجسدي والنفسي والعقلي وما رافق حياة الطفل من ظروف محيطة خاصة.
وتتابع عوني كل ذلك يحدد أيضًا ملامح شخصية الطفل المنبسطة أو المنطوية فكلما كان الطفل ذو تكوين جسمي سليم وقوي ونمو عقلي سليم و صحيح وكلما كانت حياة الطفل خالية من ظروف غير طبيعية وكانت علاقة الأبوين ببعضها ببعض وبأفراد الأسرة جيدة وكانت علاقة الأسرة بالجوار والأقرباء طبيعية و منتظمة كان الطفل أقرب إلى الانبساط منه إلى الانطواء، ومثل هذا الطفل غالباً ما يكون طبيعيًا في المدرسة، فالطفل الاجتماعي في الأسرة والجريء لا يمكن أن يكون انطوائيًا في المدرسة، أما الطفل الذي تربى تربية منعزلة ومدمنًا على الكمبيوتر والانترنت فهو مهيأ أكثر من غيره للانطواء، حيث أن وجود مدرسة أو مدرس شديد أو مخيف الشكل أو التصرفات يجعل الطفل ينكمش ويبتعد عن إقامة علاقات اجتماعية مع زملاؤه وبخاصة إذا كانت الظروف المحيطة بالطفل ظروف متوترة وقد يكون السبب في الانطواء سفر الوالد وبقاء البيت دون علاقات اجتماعية كما أن وقوع أحداث مخيفة جدًا يجعل الطفل يصاب بردة فعل قد تصل إلى درجة الانكماش عن كل شيء والانسحاب إلى الذات.
اما علاج مشكلة الانزواء فتكون بابعاده نوعًا ما عن مواقع الانترنت وإدخال الطفل في مجموعات متعددة النشاطات ومتعددة الفاعليات.
تشجيع الطفل لإنشاء صداقات وبذل الجهود لتوفير جو من المرح ودمج الطفل وتشجيعه على النقاش عبر العالم الحقيقي وليس العالم الإفتراضي.
"الفايسبوك" وقصص حية من تذمر وعزلة وتفكك عائلي
رغم تزايد تحذيرات الخبراء من إدمان الشباب على "الفايسبوك"، إلا أن دائرة المتعلقين بهذا الموقع الاجتماعي في اتساع إلى درجة عزلت المقبلين على هذه "العلاقة الحميمية" في العالم الافتراضي عن العالم الواقعي.
أيمن بن التهامي من الدار البيضاء:سجلت العديد من الحوادث المتعلقة بالإدمان على الفايسبوك، الذي فرض على البعض حمل جهاز كومبيوتره المحمول معه حتى إلى السرير، كما أن العديد من الأسر باتت متذمرة من عزلة أبنائه، في حين أن زوجات غرقن في هذا العالم، حتى نسين، في بعض اللحظات، شكل التواصل المباشر مع أسرهن الصغيرة.
يقول فؤاد مرسالي، موظف في القطاع الخاص، "تجربتي مع الفايسبوك غريبة شيئا ما لأنني كنت من الرافضين لفكرة الدخول إلى هذا العالم، لأنني كنت دائما من المدافعين على الحفاظ على الخصوصية".
إلا أنه، ونزولا عند رغبة أصدقائي، يضيف فؤاد، لـ "إيلاف"، "ولجت هذا العالم، الذي كلفني كثيرا على مستوى العمل، إذ أن ملاحظات رؤسائي في العمل زادت، بسبب تأخري في إنجاز عدد من الملفات، كما أنني بدأت أحضر متأخرا إلى العمل، خاصة أنني أمضي ساعات طويلة ليلا أمام الكومبيوتر، وهو ما وتر علاقتي مع زوجتي".
من جهتها، أشارت آمال شوادي، مدربة رياضية، إلى أن "عائلتها بدأت تتذمر من الوقت الطويل، الذي تقضيه في الفايسبوك، رغم أنها لا تتأخر في القيام بواجباتها المنزلية".
وأوضحت آمال، لـ "إيلاف"، أنها "أحضرت معها جهازها المحمول، في حفلة عائلية ليلة رأس السنة، وانعزلت في الغرفة، في وقت كانت عائلتها تقضي أوقات ممتعة"، مضيفة أنها "سمعت تعليقات كثيرة من أفراد أسرتها بسبب هذا التصرف".
ورغم هذه الحوادث والتأثيرات المتباينة للمواقع الاجتماعية، إلا أنه من المستحيل، بالنسبة للبعض، معالجة إدمانهم عليها، لكونهم يعتبرون أنفسهم بأنهم ليسوا في حاجة إلى ذلك، وبأنهم يجب أن يكونوا حاضرين في هذا العالم.
يقول عبد الحق بنطالب، المختص في شؤون التكنولوجيا الحديثة، "ليس الشباب وحدهم من يدمنون على الفايسبوك، بل جميع الشرائح الاجتماعية"، مشيرا إلى أنه "في السابق كان الناس يربطون صداقات حميمية وعلاقات عن طريق غرف الدردشة، لكن حاليا أضاف هذا الموقع الاجتماعي أشياء أخرى، وبالتالي فيما كان يمضي هؤلاء ساعة أو أكثر في الدردشة على الشبكة العنكبوتية، باتوا الآن يقضون وقت أكثر على الفايسبوك".
وهذا ناتج، يشرح بنطالب، أن "فضول كل واحد يجعله يتصفح الموقع، ويحاول التعرف على جميع أصدقاء من يدردش معه، ما يجعله يستهلك وقت أكثر، خاصة عندما يبدأ في تسجيل حضوره".
وأكد المختص في شؤون التكنولوجيا الحديثة، في تصريح لـ "إيلاف"، أن "هناك علاقة نفسية طاغية على هذا الموقع الاجتماعي"، مضيفا "ما يجعل الناس يدمنون على الفايسبوك، هو الفضول، ومحاولة إظهار المستخدم لشخصيته، وبأنه حاضر دائما في الإنترنيت، إذ يعرض صوره، ويطلع على صور الآخرين، كما أنه يكتب تعليقات ويطلع على أخرى. هذا يتطلب منه الكثير من الوقت إلى درجة أنه لا يجد الفرصة للحديث مع أي شخص".
وبخصوص سلبيات المواقع الاجتماعية، قال عبد الحق بنطالب "نحن من دعاة الخصوصية في الانترنت. إذ أنه عندما ظهرت الشبكة العنكبوتية، في نهاية التسعينات، لم تكن تستعمل، في تلك الأثناء، الأسماء والعناوين الحقيقية. وأظن أن هناك مشكلة، تتمثل في كون أن أغلب المستخدمين للمواقع الاجتماعية يكونون عازبين، إذ عندها تكون حياتهم الخصوصية عامة، لكن فيما بعد تصبح لديهم حياة شخصية، وهنا يندمون على تلك الحياة الافتراضية".
وحتى في ميدان العمل، يشرح المختص المغربي، "فعندما يتقدم شخص بسيرته الذاتية من أجل العمل، يجري البحث أولا عنه في الفايسبوك للتعرف أكثر على شخصيته، وكيف يتصرف إلى ما غيرك ذلك"، خاتما حديثه بالقول "إما نطلق الخصوصية أو نحافظ عليها، وعندما نطلقها تكون لها تأثيرات سلبية على مستقبل الأشخاص".
يشار إلى أن المغرب يحتل المرتبة الثالثة عربيا بعد مصر والسعودية من حيث عدد المنتسبين إلى شبكة الفايسبوك