هي في الفصاحة والتجلّـد حيـدر
ولفاطـمٍ ذاك العفـافُ الأعجـبُ
مَن مثلهـا؟ إلاّ التـي هـي أمّهـا
هي بنت فاطمة، فمن يستغـرب
وحفيـدة الهـادي النبـيّ محمّـدٍ
وكفاهُ فخراً مَـن لأحمـدَ يُنسَـبُ
وأبوها مولى المؤمنيـن ،فمـا تـرى
ستكون زينبُ والأمير هـو الأبُ
أخواها سبطا المصطفى هل مَن لهـا
أَخَـوانِ مثلهمـا بمجـدٍ تُغلَـبُ
لو غيـر فاطمـةٍ تراهـا أنجبـتْ
شمساً كزينبَ عنـد ذاكَ سنعجـبُ
لكنّ هذي الشمس من شمس زهـتْ
وهل الشموس سوى ضياء تنجبُ
حملـت فضائـل أمّهـا ومصائبـاً
منهـا الجبـال بحملهـا تتكبكـبُ

من الأمور التي أصبحت مصدر اعتزاز وإلهام للبشرية أجمع هو علمية هذه السيدة الجليلة. ويكفينا في ذلك ما قاله الإمام السجاد زين العابدين وسيد الساجدين مخاطبها عليهما السلام :
( أنت بحمد الله عالمة غير معلمة، وفهمة غير مفهمة )
ورغم أن هذه الشهادة المقدسة تعطينا صورة واضحة للمرتبة العلمية التي اتصفت بها سيدتنا زينب عليها السلام، الا أننا لو تمعنا قليلا" للتفكر في هذه الكلمة (غير معلمة) ترشدنا على أن علمها عليها السلام ليس علما" من العلوم التي عهدناها، بل هم علم من سنخ آخر مصدره ليس بالكسب والتعلم إنما هو إفاضة ربانية استحقتها عليها السلام من رب العزة والجلالة بسبب معرفتها الكاملة بخالقها جل وعلا وتعلقها به واخلاصها اليه وتقواها
{ يِاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً.. }الأنفال29
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ } الحديد 28.
فصارت وعاء" للعلوم الالهية المفاض عليها منه تعالى.
ينقل الشيخ الصفار مادونه النقدي في كتابه ( زينب الكبرى) ما يلي:
(ويكفي لأدراك مقام زينب الريادي في ميدان المعرفة والعلم أن نتأمل ما رواه الشيخ الصدوق من أنه كانت لزينب نيابة خاصة عن الإمام الحسين ( عليه السلام ) بعد شهادته ، وكان الناس يرجعون اليها في الحلال والحرام حتى برئ زين العابدين ).
وهذا ليس بجديد على سلالة النبوة الطاهرة وأهل البيت الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
وقد شهد لهم بذلك الأعداء قبل غيرهم بعلومهم الفذة اللامتناهية . يقول الشيخ المجلسي في البحار :
أن الطاغية يزيد بن معاوية بن أبي سفيان (عليهم اللعنة) يقـول في زين العابدين عليه السلام
( إنه من أهل بيت زقوا العلم زقا ).