طاب مساؤكم
روآية ممتعة وفيها من الغموض شيء
ليس بالطويلة وهذآ الذي دفعني
لأدراجها على أمل ان تحوذ أعجاب صاخبي الاذواق
ومحبي القراءة
عنوانها الزآئر الغريب
لـ أجاثا كريستي
أترككم معها ::::
وقفت بباب مكتب جيمس هاكر سمسار العقارات بمدينة ايفى كورنرز سيارة فخمة
تدل لوحتها المعدنية على أنها من نيويورك
ولم يكن هاركر بحاجة الى النظر فى لوحة السيارة كى يعلم أن صاحبها ليس من أهل المدينة
فقد كانت السيارة حمراء فارهة لا مثيل لها فى ايفى كورنرز وكان صاحبها قصير القامة
بدينا لم يسبق لهاركر أن رآة.
وغادر الشخص سيارتة ووقف على افريز الشارع يتأمل الافتة الكبيرة التى وضعها
هاركر على باب مكتبة .
قال السمسار يحدث سكرتيرتة التى كانت وقتئذ فى شغل بقرائة احدى القصص.
،، تظاهرى بالأستغراق فى العمل يا هيلين فقد أقبل زبون ،،
فأخفت هيلين القصة فى أحد الأدراج ووضعت ورقة بيضاء فى الآلة الكاتبة
وسألت السمسار:
- ماذا أكتب يا مستر هاكر؟
- أى شىء .. أى شىء
وفتح الرجل الباب ودخل وراح ينقل بصرة بين السكرتيرة والسمسار،
ثم احنى رأسة لهذا الأخير محييا وقال متسائلا :
- هل أنت مستر هاكر ؟
-نعم يا سيدى فماذا أستطيع ان افعل من أجلك ؟
فلوح بصحيفة فى يدة وقال :
- لقد قرأت اعلانا عن مكتبك فى هذة الصحيفة
- نحن ننشر هذا الأعلان فى التايمز مرة كل أسبوع لأن الكثيرين من أهل المدينة الكبراء يتوقون
الى شراء بيوت فى المدن الصغيرة الهادئة يخيل الى أنك من نيويورك يا مستر ...
فقال :
- بيرى ..أدكار بيرى
وأخرج من جيبة منديلا جفف بة عرقة وقال :
- إن الطقس حار اليوم ؟
- هذة موجة طارئة لن تستمر طويلا فأن الجو فى هذة المدينة معتدل بصورة عامة،لأنها
تقع على ضفة بحيرة كبيرة لا شك انك مررت بها وأنت فى طريقك إلينا ،
ألا تتفضل بالجلوس يا مستر بيرى ؟
-شكرا .
وتهالك على أحد المقاعد، وتنهد بارتياح
- لقد طفت بارجاء المدينة قبل قدومى اليك وهى فى الحقيقة مدينة صغيرة هادئة.
- انها كذلك هل لك فى لفافة تبغ يا مستر بيرى؟
كلا .. شكرا ثم أن وقتى ضيق فهل أستطيع التحدث فورا فيما أتيت بخصوصة؟
ثم وجة حديثة الى الفتاة قائلا :
- هلا كففت عن الكتابة الأن يا هيلين ؟ ان ضوضاء الألة الكاتبة لا يحتمل.
- حسنا يا مستر هاكر.
-والأن يا مستر بيرى .. هل وقع اختيارك على منزل معين تريد شرائة ؟
- الواقع أننى رأيت منزلا على مشارف المدينة وأريد أن أعرف شيئا عنة ،
انة منزل قديم يخيل الى أنة مهجور؟
- هل هو قائم على أعمدة وتحيط بة حديقة واسعة؟
- نعم وقد رأيت علية لوحة تدل على أنة معروض للبيع .
فهز هاركر رأسة فى حزن وقال:
- هذا المنزل غير جدير باهتمامك يا سيدى.
فسألة مستر بيرى :
- لماذا
فقدم الية هاركر قائمة بالمنازل المعروضة للبيع وقال :
- اقراء ما كتب عنة فى هذة القائمة.
وقرأ مستر بيرى:
منزل قديم يتألف من ثمانى غرف وحمامين وتحيط بة حديقة كبيرة..
وموقعة قريب من السوق والمدارس، الثمن 75 الف دولار
قال هاركر:
- الا يزال يهمك شرائة؟
- ولم لا؟ هل ثمة ما يمنعنى من شرائة؟
فحك هاركر راسة وقال :
اذا كانت هذة المدينة قد أعجبتك حقا.. وكان فى نيتك الأقامة بها فاءننى أستطيع
أن اعرض عليك بيوتا أفضل من هذا بكثير.
فقال مستر بيرى:
- صبرا لحظة لقد جئتك للأستفسار عن هذا المنزل بعينة فهل تريد أن تبيعنى اياة أو لا تريد
فارتسمت على شفتى هاركر ابتسامة ساخرة وقال:
- دعنى اوضح لك الأمر يا مستر بيرى ... منذ خمس سنوات جاءتنى السيدة فلورنس غريم عقب وفاة ابنها
وطلبت الى التوسط فى بيع منزلها ولكن قلت لها فى صراحة أن الثمن الذى تطلبة
مبالغ فية كثيرا وان المنزل لا يساوى اكثر من عشرة آلاف دولار.
ولم يستطع مستر بيرى اخفاء دهشتة، وصاح
- كيف تطلب اذا 75 الف دولار ثمنا لمنزل لا يساوى اكثر من عشرة آلاف دولار
- أرجوألا تسألنى عن ذلك ان المنزل قديم فعلا ويكاد أن يكون أثريا ،
ولكن بعض اعمدتة توشك أن تنهار وقبوة ملىء بالماء، وطابقة العلوى
مائل نحو خمسة عشر سنتيمترا!
فسألة مستر بيرى:
- اذا لماذا تطلب هذا المبلغ الباهظ ثمنا لمنزل متداع ؟
فهز هاكر كتفية وقال :
- لعلها تفعل ذلك لأسباب عاطفية فالمنزل مملوك لأسرتها منذ حرب الأستقلال.
فأطرق مستر بيرى رأسة وغمغم قائلا كمن يحدث نفسة:
- هذا امر يؤسف لة!
وارتسمت على شفتية ابتسامة باهتة...
وقال يحدث مستر هاكر:
- لا أكتمك أن المنزل أعجبنى لحسن موقعة وكنت أفكر فية باعتبارة
المكان الذى طالما حلمت بالأقامة فى مثلة.
- الواقع انة صفقة طيبة بمبلغ عشرة ألاف دولار أما أن يدفع المشترى خمسة وسبعين الفا...
وقلب شفتية وضحك ثم استطرد قائلا:
-اننى أفهم وجهة نظر صاحبتة وأعرف طريقة تفكيرها.. ان ايرادها ضئيلل
وكان ابنها يساعدها بالمال منذ كان يعمل فىنيويورك ويربح كثيرا ثم مات الأبن
ووجدت المرأة أن من الأوفق أن تبيع المنزل، ولكنها لم تستطع اقناع نفسها بالتخلى عنة ..
بعد أن عاشت فية هى وأسرتها أكثر من قرن من الزمان ولهذا حددت لة ثمنا باهظا
لا يقبلة أحد.. وبذلك أرضت ضميرها.
- ان بعض الناس ينحون فى تفكيرهم نحوا عجيبا.
فقال مستر بيرى وهو مستغرق فى التفكي :
- نعم هذا صحيح
ثم نهض واقفا وقال :
- لقد خطر لى خاطر يا مستر هاكر ، لماذا لا تدعنى اتصل بمسز غريم وأتفاوض معها
فربما استطعت اقناعها بخفض الثمن.
فتمتم هاكر :
- سوف تضيع وقتك سدى يا مستر بيررى ... اننى أحاول ذلك منذ خمسة أعوام
- من يدرى ؟ ربما اذا حاول ذلك أحد سواك.
-جرب حظك اذا وأنا على استعداد لمعاونتك .
فقال مستر بيرى :
- حسنا .. سأتصل بها تليفونيا على الفور لأنبئها بقدومك .
واجتاز مستر بيرى شوارع المدينة الصغيرة الهادئة بسيارتة الحمراء الكبيرة...
ووصل إلى منزل أحلامة دون أن يلتقى فى طريقة بأية سيارة أخرى.
ودق باب المنزل، ففتحتة سيدة قصيرة القامة بدينة الجسم وقد خط الشيب شعرها ، وأحدثت السنون
فى وجهها أخاديد عميقة تلتقى كلها عند ذقن تنم عن العناد وقوة الأرادة.
قالت:
- لابد أنك مستر بيرى .. لقد اتصل بى مستر هاكر وأنبأنى بقدومك.
فأجاب بيرى وهو يضع على شفتية أعذب ابتسامة :
- نعم يا سيدتى .. هل تسمحين لى بالدخول ؟ إن الحر لا يطاق
- أعلم ذلك ، ولقد أعددت لك قدحا من عصير الليمون المثلج ، تفضل بالدخول يا سيدى ،
ولكن لا تتوقع الدخول معى فى مساومات ، فاننى لست ممن يساومون.
فرد فى أدب :
- أعلم ذلك يا سيدتى.
وتبعها إلى الداخل
وكان المنزل مظلما رطبا فقادتة السيدة الى قاعة استقبال فسيحة تبعثرت
فى أرجائها قطع من الأثاث لا طراز لها ولا لون.
وجلست المرأة على أحد المقاعد ، وعقدت ساعديها فوق صدرها بحزم وقالت :
- اذا كان لديك ما تريد قولة يا مستر بيرى فقلة على الفور.
فتنحنح بيرى ليجلو صوتة ، وقال فى رقة ودعة :
- لقد تحدثت الى السمسار بشأن هذا :
فقاطعتة قائلة :
- اعلم كل ذلك ، ولكن هاكر كان مغفلا حين شجعك على القدوم لمساومتى ، ومحاولة اقناعى بخفض
ثمن المنزل ، فليس من اليسب على من كانت فى مثل سنى أن تتزحزح عن رأيها .
فقال بيرى متلعثما :
- الواقع يا سيدتى ، أن هذة لم تكن نيتى ، انما كنت أريد أن أتجاذب معك أطراف الحديث !
فتراخت المرأة فى مقعدها وقالت :
- الكلام مباح فقل ما بدا لك .
فقال بيرى وهو يجفف عرقة :
- سأوضح لك الموقف بأيجاز.. اننى رجل أعمال ، وأعزب.. وقد كافحت طويلا
وجمعت ثروة لا بأس بها ، وآن لى أن استريح واقضى بقية حياتى فى مكان هاىءن ولقد اعجبتنى
هذة المدينة .. وأذكر اننى مررت بها فى احدى جولاتى وقلت لنفسى :
حبذا لو أجد بيتا يصلح لاقامتى ؟
- وقد اتيت اليوم الى هذة المدينة ، ورأيت هذا المنزل، وخيلالى انة ضالتى المنشودة.
- أنا ايضا أحب هذا المنزل يا مستر بيرى، والثمن الذى ذكرة لك مستر هاكر معتدل كثيرا.
- خمسة وسبعون الفا ليست مبلغا معتدلا يا مسز غرين، ان بيتا كهذا لا يكلف هذة الأيام
أكثر من ..
فقاطعتة المرأة صائحة :
- كفى .. كفى يا مستر بيرى ... قلت لك اننى لست على استعداد للمساومة ،
فاذا لم تكن على استعداد لدفع الثمن الذى طلبتة ، فأرجو أن تعتبر الموضوع منتهيا .
- ولكن..
- طاب يومك يا مستر بيرى.
ونهضت واقفة ، كأنما لتوحى الية بالأنصراف..
ولكنة لم يبرح مكانة وهتف قائلا :
- صبرا لحظة يا سيدتى ، صبرا لحظة ، انة ثمن خيالى ، ولكن.. ولكن لا بأس ، سأدفع ما تطلبين.
فرمقتة بنظرة فاحصة طويلة ، ثم قالت ببطء :
- هل أنت واثق من ذلك يا مستر بيرى ؟
- كل الوثوق .. عندى مال كثير ، وما دامت هذة إرادتك فليكن ما تريدين !
فقالت وعلى شفتيها ابتسامة غامضة :
- لابد أن يكون عصير الليمون قد اثلج الأن .. سآتيك بقدح منة ، ومن ثم أحدثك عن المنزل
وجفف بيرى عرقة وتناول قدح العصير المثلج الذى جاءت بة المرأة
على صفحة صغيرة ، وتجرع الشراب بشراهة.
وقالت العجوز وهى تسترخى فى مقعدها :
- لقد امتلكت أسرتى هذا المنزل منذ سنة 1802 وكان قد بنى قبل ذلك بنحو خمسة عشر عاما
وجميع أفراد الأسرة فيما عدا ابنى ميشبل قد ولدوا فى غرفة النوم بالطابق الثانى
أنا الوحيدة التى شذذت عن أمهات الأسرة ، فقد وضعت ميشيل فى أحد المستشفيات.
ولمعت عيناها الضيقتان واستطردت قائلة :
- أنا أعلم أنة ليس أفضل منزلفى المدينة ، ومنذبضعة اعوام امتلاء قبوة بالماء ،
ولم يجف تماما منذ ذلك الوقت ..
ولقد توفى زوجى ولم يبلغ ميشبل التاسعة من عمرة ، وضاق بنا الحال حتى اضررت
إلى مزاولة الحياكة والتطريز وأشغال الأبرة ، وكان أبى قد ترك لى ايرادا
صغيرا وهو الذى أعيش بة الأن ..وافتقد ميشيل أباة ، ونشأ غلاما ثائرا
متمردا ، طموحا كغيرة من الشباب ، فما أن تخرج من الجامعة ، حتى
رحل الى نيويورك رغم ارادتى ، ولا بد أنة نجح فى عملة هناك ، لأنة
كان يرسل لى نقودا بانتظام ، ولكنى لم ارة طيلة تسعة أعوام !
واغرورقت عيناها بالدمو ومضت تقول :
- لقد آلمنى فراقة .. ولكن ألمى كان أشد حين عاد ، لأنة كان فى مأزق ..
ولم أعرف تماما ما هى متاعبة ، فقد اقبل فى منتصف الليل ..
كان شديد الهزال والنحول ، ويبدو أكبر سنا مما هو حقيقة، ولم يكن
يحمل من المتاع سوى حقيبة صغيرة سوداء ، وحينما حاولت فتح الحقيبة ،
رفع يدة وهم بأن يضربنى .. نعم هم بأن يضربنى ، أنا أمة.
ووضعتة فى الفراش كما كنت أفعل وهو طفل ، ولكن لك يغمض لة جفن ، وظل يبكى طوال الليل.
وفى الصباح .. طلب الى أن أغادر المنزل لبضع ساعات ، وقال انة يريد أن يفعل شيئا ،
ولم يوضح لى طبيعة ذلك الشىء ، ولكنى لا حظت حين عدت فى المساء أن الحقيبة اختفت .
وهنا افرغ مستر بيرى فى جوفة ما تبقى فى القدح من عصير الليمون وسأل :
- وكيف تفسرين ذلك ؟
- لم أعرف على الفور ، ولكنى عرفت كل شىء فى المساء ، فقد اقبل
شخص الى المنزل فى المساء ، ولا أعلم كيف دخل ، ولكنى علمت بوجودة
حين سمعت صوتة فى غرفة ميشيل ،فألصقت اذنى بباب الغرفة ،
وحاولت أن أنصت الى حديثهما لأعرف نوع المتاعب التى تقلق ميشيل وتؤرقة،
ولكننى لم اسمع سوى صيحات الغضب وعبارات التهديد ، وفجأة ..
وصمتت العجوز لحظة ، وغاص رأسها فوق صدرها كما لو كانت الذكريات تثقل كاهلها.
ثم عادت الى الحديث :
- وفجأة ، دوى طلق نارى ، فاقتحمت الغرفة ، ورأيت احدى النوافذ مفتوحة ،
وقد اختفى الزائر المجهول ، اما ميشيل فكان ممددا على الأرض جثة هامدة.
وصمتت المرأة مرة أخرى .. ثم عادت الى سرد قصتها .
- كان ذلك منذ خمس سنوات ، خمس سنوات طوال ، وقد انقضى بعض الوقت ..
قبل أن أعرف الحقائق كلها من رجال البوليس .
ويبدو مما قالة رجال البوليس ، ومما حدث فى ذلك اليوم المشؤوم
أن ميشيل والشخص الآخر اشتركا فى السطو على أحد البنوك ، وسرقا
بضعة آلاف من الدولارات ، وأن ميشيل اراد الأحتفاظ بالمبلغ كلة لنفسة
فجاء بة فى الحقيبة ، وطلب منى مغادرة المنزل ليتسنى لة
اخفاؤة فى مكان ما ، وحين اقبل شريكة فى مساء اليوم التالى
للمطالبة بنصية ، ولم يجد المال .. اطلق رصاصة على ميشيل صرعتة على الفور .
وحملقت المرأة فى وجة مستر بيرى واستطردت قائلة :
- وهذا هو السبب فى أننى حددت ثمن هذا المنزل بخمسة وسبعين ألف دولار ..
كنت أعلم أن قاتل ولدى سيعود يوما ما وسيحاول شراء هذا المنزل بأى ثمن ،
للبحث فية عن الحقيبة .. وأصبحت كل مهمتى ان أنتظر بفروغ صبر ..
حتى يأتى الشخص الذى يبدى أستعدادة لشراء هذا المنزل المتداعى بالثمن الباهظ الذى حددتة.
قالت ذلك ونظرت إلى مستر بيرى وعلى شفتيها ابتسامة ساخرة ماكرة ؟
وكان بيرى يترنح فى مقعدة وقد زاغ بصرة ، وحين حاول إعادة القدح الى مكانة
فى الصفحة ، لم يستطع ذلك .. وسقط القدح من يدة
وسمعته المرأة يغمغم بصوت متقطع :
- يا ألهى ! ما أشد مرارة هذا العصير !وكانت تلك آخر كلمة نطق بها مستر بيرى قبل أن يقتلة الشراب المسموم .