لا تُطفئي شمعة لا تُغلقي بابا ***** فمـذ عرفتك وجه الفجر ما غابا
ومذ عرفتك عين الشمس ما انطفأت = ومذ عرفتك قلب الحب ما ارتابا
ومذ عرفتك ريح الخوف ما عصفت=ومذ عرفتك ظن الشعر ما خابا
تزينت لك أشعاري فكـم سكبت = عطـراً ، وكم لبست للحب أثوابا
وكم أثارت جنون الحرف فـارتحلت = ركابه في مدى شعري وما آبا
تألقي يا حروف الشعر واتخـذي = إلى شغاف قلوب الناس أسبابا
وصافحي لهب الأشواق في مهج= محروقة واصنعي للحب جلبابا
وسافري في دروب الذكريات فقــد= ترين مـا يجعل الإيجاز إسهابا
وصففي شعر أوزاني فقـد عبثت = بشعـرها صبوات الريح أحقابا
وعانقي فوق ثغر الفجر أغنية= كتبتها حين كـان الفجر وثابا
وحين كانت شفاه الطل منشدة = لحناً يزيد فؤاد الروض إطرابا
وحين كان شذى الأزهـار منطلقاً= في كل فج وكان العطر منسابا
تألقي يا حروف الشعر واقتحمي = كهف المساء الذي ما زال سردابا
ومزقي رهبة في البدر تجعلـه=أمـام بوابة الظلماء بوابا
وخاطبي قلبي الشاكي مخاطبة = تزيده في دروب العزم أدرابا
يا ، قلب يا منجم الإحساس في جسد= ما ضـل صاحبه درباً ولا ذابا
قالوا أطالت يد الشكوى أظافرهـا= وأقبلت نحوك الآهات أسربا
وأشعل الحزن في جنبيك موقده =وأغلقت دونك الأفراح أبوابا
ماذا أصابك يا قلبي ألست على= عهـدي يقيناً وإشراقا وإخصابا
حددت فيك معاني الحب مـا رفعت = إليك غائله الأحقاد أهدابا
صددت عنك جيوش الحزن ما نشأت = حرب ولاحرك الباغون أذنابا
ولا تقرب منك اليأس بل يئست =آماله فانطوى بالهم وانجابا
فكيف تغرق في بحر جعلت على = أمواجـه مركباً للصبر جوابا
أما ترى موكب الأنوار كيف غـدا = يعيد نحوي من الأشواق ما غابا
وينبت الأرض أزهاراً ، ويمطرهـا= غيثاً ويجعل لون الأفق خلابا
انظر إلى الروض يا قلبي فسوف ترى= ظـلاً وسوف ترى ورداً وعنابا
قال الفؤاد أعرني السمع لست كما= تظن أغلق مـن دون الرضا بابا
لكنها نار الحزن ، كيف يطفئهـا= صبر وقد أصبح الإحساس شبابا
يزيدها لهباً دمعُ اليتيم بكى = فمـا رأى في عيون الناس ترحابا
وصوت ثكلى غزاها الليل فانكشفت = لها المآسي تحـد الظفر والنابا
نادت ، ونادت فلم تفرح بصــوت أخ = يحنو ولا وجدت في الناس أحبابا
وأرسلت دمعة في الليل ساخنـة = فأرســل الليل دمع الطل سكابا
ضاعت معالم بيت كان يسترهـا = عن الذئاب ، وأمسى روضها غابا
فكيف تطلب تغريد البلابل فـي = روض يُشيع بـه الطغيان إرهابا
هون عليك فؤادي لست منهزمـا= حتى أراك أمـام الحزن هيابا
هون عليك فؤادي واتخذ سببـا= إلى التفاؤل ،واترك عنك ما رابا
وقل لمن بلغ الإحساس غايته= منهما ، فمـا عاد مكسوراً ولا خابا
لاتُطفئي شمعة يا من أبحت لهـا= حمى فؤادي ، فـإن الليل قد آبا
أما ترين ضياء الشمس كيف بـدا= مستبشراً ، فحمــــاه الليل وانجابا
لكنها لم تطاوع يأسها فمضـت =تخيط من نورهـا للبدر جلبابا
ما حركت شفة غضبي ولا شتمـت = وما أثارت على ما كان أعصابا
مضت على نهجها المرسوم في ثقــة = وأعــربت عن سداد الرأي إعرابا
لو أنها شغلت بالليل تشتمـه= لما رأت في نجوم الليل أحبابا
كذلك الناسُ لو لم يفقدوا أمـلاً= واستمنحي رازقاً للخلق وهابا