- أهداف الحرب على أهل الإسلام
- الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي
- من محاضرة: واجب الخطباء والدعاة في أوقات الأزمات
الحرب غرضها أمر واحد، وهي بكل أشكالها تؤدي إليه:
وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنْ اسْتَطَاعُوا [البقرة:217]
هذا هو الأصل في كل معاركهم التي يريدون، ما غاظ أهل الكتاب شيء كبعثة محمد صلى الله عليه وسلم، ونزول القرآن، واختيار الله تبارك وتعالى لهذه الأمة -من فرع إسماعيل عليه السلام- العرب الذين قال الله تعالى فيهم وجعلهم أمة وسطاً: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا [فاطر:32] فاصطفاهم الله تبارك وتعالى، وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً [البقرة:143].فالله تعالى جعل هذه الأمة قائمة يوم القيامة بالشهادة للأنبياء على أممهم، وفي هذه الدنيا هذه الأمة بعلمائها ودعاتها يقومون مقام أنبياء بني إسرائيل كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم من قبلنا من الأمم، ولا سيما هذه الأمة العظيمة، بنو إسرائيل كانت تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي، والله تبارك وتعالى من كرامة هذه الأمة عليه حفظ كتابها وصانها، وجعل من علمائها وأهل الخير فيها من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فيقوم بذلك المقام: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110].هي أمة محسودة على كل شيء، ولا أشد من الحسد تحريكاً لمشاعر العداء والبغضاء والكراهية، وإلا لماذا يكرهنا الغرب؟ لماذا يكرهنا الأمريكان وأمثالهم؟! ولا نعني كل أحد، ولكن نقول: هؤلاء الذين يعلمون قيمة هذه الأمة، ومنزلتها عند الله، لماذا يبغضوننا؟ الحسد من أعظم الأدواء وأخطرها، كما قال الله تبارك وتعالى: حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَقُّ [البقرة:109].حسدونا على هذا القرآن، وعلى هذا الإيمان، وعلى هذا الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى هذه الكعبة، وعلى هذه القبلة، ثم تأتي الأحداث وسبحان الله العظيم! عندما يستبدون ويسيطرون في ظنهم على كل الموارد البشرية ويتحكمون في الحضارة البشرية، إذ يفتح الله تبارك وتعالى لهذه الأمة، وتكون مادة الحضارة التي لا تقوم إلا بها وهو النفط يأتي من هذه الأرض أيضاً، ثم الممرات العالمية الخطيرة والمهمة في هذا العالم هي في يد هذه الأمة ولله الحمد.الاتساع الجغرافي الكبير.. التنوع والتعدد الثقافي والعرقي الهائل، ومع ذلك كتاب واحد، وقبلة واحدة، ورسول واحد، شيء عجيب جداً!انظروا إلى الأمم النصرانية : ألمانيا .. بريطانيا .. فرنسا .. إيطاليا ..! في الأصل دين واحد وجنس واحد ولكن اللغات متباعدة، والمذاهب متنافرة، والسياسات مختلفة، شيء عجيب! الحروب الطاحنة بينهم باستمرار، وهذه الأمة تتآلف وتتآخى، حتى يأتي هذا الرجل الذي من الفلبين فيمر على أخيه في الهند ثم على أخيه العربي، ثم إلى أخيه في أفريقيا ، ثم إلى أخيه في أمريكا وكأنهم أبناء رجل واحد.هذا شيء عجيب نحن لا ندركه، لكنهم يغبطوننا عليه، بل يحسدوننا عليه حسداً شديداً، وعلى كثرة ما خططوا وأرجفوا وأوقعوا، كم مرة اجتمعت أوروبا على هذه الأمة؟الحروب الصليبية.. كم مرة؟ وكم حملة؟ آخرها الاستعمار، ثم جاءت هذه الحملات التي نشهدها اليوم، فما تركوا وسيلة إلا وفعلوها.بل إن هجمة التتار كانت مؤامرة، فهجوم التتار الأول كان مؤامرة قصتها معروفة بين البابوية في أوروبا وبين المغول التتار، وقد اجتاحوا شرق العالم الإسلامي كله كما يعلم الجميع، وكانت تلك المآسي والمذابح، ومع ذلك انتصر هذا الدين رغم كل شيء ولله الحمد.فهي أمة تحسد؛ لأن الله تبارك وتعالى اختارها وميزها وأعطاها، وهذا لا يعني أن نتواكل! لا، بل لا بد أن نثق بالله سبحانه وتعالى من ناحية، وأن نؤدي واجب الشكر، وأن نقوم بالواجب ما دمنا واثقين من نصر الله سبحانه وتعالى، ومن اختيار الله لنا، ومن أنه لا بد أن يظهر هذا الدين على الدين كله ولو كره المشركون، ولو اجتمعت الدنيا كلها.