وضعوا للحب أسماءكثيرة منها المحبة والهوىوالصبوة والشغف والوجدوالعشق والنجوى والشوقوالوصب والاستكانة والودوالخُلّة والغرام والهُياموالتعبد. وهناك أسماءأخرى كثيرة أمسكنا عنذكرها التقطت من خلال ما ذكرهالمحبون في أشعارهموفلتات ألسنتهم وأكثرها يعبرعن العلاقة العاطفية بينالرجلوالمرأة.
الهوىيقال إنه ميْل النفس، وفعْلُهُ: هَوِي، يهوى،هَوىً، وأما: هَوَىَ يَهوي فهوللسقوط، ومصدرهالهُويّ.
وأكثر ما يستعمل الهَوَى في الحبِّ المذموم،قال تعالى: (وأمَامن خاف مقامربه ونهى النفس عن الهوى * فإنَّ الجَنَّة هيالمأْوى ) [النازعات 40-41] .
وقد يستعمل في الحب الممدوح استعمالا مقيداً،منه قولالنبي صلى الله عليهوسلم: [لا يؤْمن أحدكم حتى يكون هَواهُ تبعاًلما جئتُبِه].صححه النوويوجاء في الصحيحين عن "عروة بن الزبير" - رضيالله عنه - قال: (كانت خولةبنت حكيم: من اللائي وهبن أنفسهن للنبي صلىالله عليه وسلم،فقالت "عائشة"
رضي الله عنها : أما تستحي المرأة أن تهَبَنفسها للرَّجُل؟فلمّا نزلت ( تُرْجيمن تشاء مِنْهُنَّ )(الأحزاب51 ) قلت: يا رسولالله ماأرى ربَّك إلا يُسارعُ في هواك"
والصَّبْوةوهي الميل إلى الجهل، فقد جاء فيالقرأنالكريم على لسان سيدنا "يوسف"
عليه السلام قوله تعالى:
( وإلاتَصرفْ عني كيدَهن أصبُ إليهنَّ وأكنُمن الجاهلين ).[يوسف30]
والصّبُوةغير الصّبابة التي تعني شدة العشق،ومنها قول الشاعر:
تشكّى المحبونالصّبابة لَيْتنيتحملت ما يلقون من بينهم وحدْيوالشغفهو مأخوذ منالشّغاف الذي هو غلاف القلب،ومنه قول الله تعالى واصفاً حالامرأة العزيزفي تعلقها بيوسف عليه السلام ( قدشغفها حُباً ) ، قال "ابنعباس" رضي اللهعنهما في ذلك دخل حُبه تحتشغاف قلبها.
والوجدوعُرف بأنه الحبالذي يتبعه الحزن بسبب ما.
والكَلَفُوهو شدة التعلق والولع، وأصل اللفظمن المشقة،يقول الله تعالى: ( لا يُكلفالله نفساً إلا وُسْعَهَا )[البقرة286] . وقالالشاعر:
فتعلمي أن قد كلِفْتُ بحبكمثم اصنعي ماشئت عن علمالعشقوكما يقال عنه: أمرّ هذه الأسماءُوأخبثها،وقلّ استعمال العرب القدماء له،ولا نجده إلا في شعر المتأخرين،وعُرِّف بأنهفرط الحب. قال الفراء:
العشق نبت لزج، وسُمّى العشق الذييكون فيالإنسان لِلصُوقهِ بالقلب.
الجوىالحرقة وشدة الوجد من عشق أوحُزْن.
الشوق:هو سفر القلب إلى المحبوب، وارتحالعواطفهومشاعره، وقد جاء هذا الاسم فيحديث نبوي شريف، إذ روى عن "عمار بنياسر"
رضي الله عنه أنه صلى صلاة فأوجزفيها، فقيل له: أوجزت يا " أبااليقظان " !!
فقال: لقد دعوت بدعواتسمعتهن من رسول الله صلى الله عليهوسلم"
يدعو بهن:
[اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك علىالخلق، أحينيإذا كانت الحياة خيراً لي،وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي،وأسألك خشيتكفي الغيب والشهادة،وأسألك كلمة الحق في الغضب والرضى،وأسألكالقصد في الفقر والغنى،وأسألك نعيماً لا ينفد، وأسألك قرة عينلاتنقطع، وأسألك الرضى بعد القضاء،وأسألك بَرَد العيش بعد الموت، وأسألكلذةالنظر إلى وجهك، والشوق إلىلقائك، في غير ضراء مُضرة، ولا فتنةضالة،اللهم زيِّنَّا بزينة الإيمان،واجعلنا هُداة مهتدين] .وقال بعض العارفين :
(لما علم الله شوق المحبين إلى لقائه،ضربلهم موعداً للقاء تسكن بهقلوبهم).
الوصَب ُوهو ألم الحبومرضه، لأن أصل الوصب المرض،وفي الحديث الصحيح: [ لا يصيبالمؤمن من همّولا وصب حتى الشوكة يشاكهاإلا كفّر الله بها من خطاياه ] .
وقد تدخل صفةالديمومة على المعنى، قال تعالى:
( ولهم عذابٌ واصبٌ ) [الصافات9]وقالسبحانه: (
وله الدينُ واصباً ) .[النحل
52]
الاستكانةوهي من اللوازموالأحكام والمتعلقات، وليست اسماًمختصاً، ومعناها علىالحقيقة : الخضوع ،قال تعالى:
( فما استكانوا لربهم وما يتضرعون )[المؤمنون 76]
، وقال: ( فما وَهَنوالما أصابهم في سبيل الله وما ضَعُفوا ومااستكانوا )[آلعمران146] .
وكأن المحب خضع بكليته إلى محبوبته، واستسلمبجوارحهوعواطفه، واستكانإليه.
الوُدّوهو خالص الحب وألطفه وأرقّه، وتتلازمفيهعاطفة الرأفة والرحمة، يقول اللهتعالى: (وهو الغفور الودود)[البروج14] ، ويقولسبحانه: (إن ربي رحيمودود)[هود90] .
الخُلّةوهي توحيدالمحبة، وهي رتبة أو مقام لا يقبلالمشاركة، ولهذا اختص بها فيمطلق الوجودالخليلان "إبراهيم" و"محمد" صلواتالله وسلامه عليهما ، قالتعالى: (واتَخَذَ اللهُ إبراهيم خليلاً)[النساء125] .
وصح عن النبي صلى الله عليهوسلم أنه قال: [
إنّ الله اتخذني خليلاً كما اتخذإبراهيم خليلاً ] وقال صلىالله عليه وسلم: [
لو كنت متخذاً من أهل الأرض خليلاًلاتخذت أبا بكرخليلاً، ولكن صاحبكم خليلالرحمن ]، وقال صلى الله عليه وسلم:
[ إني أبرأإلى كل خليل من خلته].
وقيل: لما كانت الخلّة مرتبة لا تقبلالمشاركةامتحن الله سبحانهنبيه "إبراهيم" - الخلي&##1604; - بذبح ولدهلماأخذ شعبة من قلبه ،فأراد سبحانه أن يخلّص تلك الشعبة ولاتكونلغيره، فامتحنه بذبح ولده ،فلما أسلما لأمر الله، وقدّم إبراهيمعليهالسلام محبة الله تعالى على محبةالولد، خلص مقام الخلة وصفا من كلشائبة ،فدي الولدُ بالذبح.
ومن ألطف ما قيل في تحقيق الخلّة : إنهاسميت كذلك لتخللها جميع أجزاءالروح وتداخلها فيها، قالالشاعر:
قد تخلَّلْتِ مسلك الروح مِني وبذا سُمِّيالخليلخليلاًوقال بعض العلماء المحققين :
قد ظن بعض من لا علم عنده أنالحبيب أفضلمن الخليل، وقال: "محمد حبيبالله، و"إبراهيم خليل الله، وهذاباطل منوجوه كثيرة:
منها : أن الخلّة خاصة، والمحبة عامة، فإناللهيحب التوابين ويحبالمتطهرين، وقال في عباده المؤمنين: ( يُحبُّهمويُحبونه )[المائدة54] .
ومنها : أن النبي صلى الله عليه وسلمنفى أنيكون له من أهل الأرض خليل،وأخبر أن أحب النساء إليه عائشة رضياللهعنها، ومن الرجال أبوها .
ومنها : أنه صلى الله عليه وسلم قال: [لوكنت متخذاً من أهل الأرض خليلاًلاتخذت أبا بكر خليلاً ولكن أُخوّةالإسلامومودته ]
ومنها: أنه صلى الله عليه وسلم قال: [إنالله اتخذنيخليلاً كما اتخذ إبراهيمخليلاً].
الغرامُوهو الحب اللازم، ونقصد باللازم التحمل، يقال:
رجلٌ مُغْرم، أي مُلْزم بالدين، قال "كُثِّير عَزَّة":
قضىكل ذي دينٍ فوفّى غريمه و"عزَّة" ممطولمُعنًّى غريمُهاومن المادة نفسهاقول الله تعالى عن جهنم:
(إنَّ عذابها كان غراماً ) أي لازماًدائماً.
الهُياموهو جنون العشق، وأصله داء يأخذ الإبلفتهيملا ترعى، والهيم (بكسر الهاء)
الإبل العطاش، فكأن العاشق المستهام قداستبدّبه العطش إلى محبوبه فهامعلى وجهه لا يأكل ولا يشرب ولا ينام،وانعكسذلك على كيانه النفسي والعصبيفأضحى كالمجنون، أو كاد يجنّ فعلاً علىحدقول شوقي :
ويقول تكاد تُجَـنُّ به فأقول وأوشك أعبُده
الحب العذري
هو حبعف لأنه حرم المتعة الجسدية ، وهو
عاطفة صادقة لأنه يدوم ويستمر
ويبقي علىالرغم من الحرمان والجوي والفراق
القاتل … ثم هو ذلك حب
يتسامي فيه صاحبة ،لانه يحرص على القيم
الإنسانية والمثل العليا ولا يقف
عند مجرد الحسرةوالندم على الحرمان ، من
متع الحب العذري وصال الحبيب .
فالحب العذري حبجارف قوي عارم فهو حب لا
يلتقي فيه الحبيبان مما يجعل
صاحبة يقاسي اشد أيامحياته فليله نهار ونهاره
عذاب كما عاشها أصحابها .
وفي هذا الحب يصدق فيهالإنسان مع حبيبة بان
يعطية الوفاء والعهد
وان نظرت الي غزل الحب العذريتجد انه الغزل
المسيطر عليه هو عزل العف
الخالي من الجنس .
وقد نشاءالحب العذري في بادية الحجاز ونجد
وكان بمثابة رد فعل للغزل
اللاهي في المدن، فلوعة شاعر البادية بتصوير
عاطفتهم في ثوب جديد عف ،
يرضي عنه الخلق ،ويوفق بين مطالب الجسد
والروح .
وقد نشاء الحب العذري بعد الأسلام ،واتضحت
سماته في عهد الأمويين .
وقد عاش هذا الحب قيس ابن الملوح وليليوقد
تجد قصيدة المؤنسة هي
القصيدة الأكثر شيوعا في حيات قيس فقدكان
يرددها دائما وكانت تؤنسه في
خلوته عندما كان يهيم بها . وهي قصيدةطويلة
جدا نأخذ منها بعض المقتطفات
التي يقول قيس في مطلعتا :-
وأيام لا نخشي على اللهو ناهيا**** تذكرت ليلي
والسنين الخواليا
بليلي فهالني ماكنت ناسيا**** ويوم كظل الرمح ،
قصرت ظله
بذات الغضينزجي المطي النواحيا**** بتمدين لاحت
نار ليلي ، وصحبتي
إذا جئتكمبالليل لم أدر ما هيا **** فياليل
كم من حاجة لى مهمهة
وجدنا طوال الدهر للحبشافيا**** لحي الله
أقوما يقولون أننا
قضي الله في ليلي ، ولا قضي ليا **** خليلي
، لأ والله لا أملك الذي
فهلا بشئ غير ليلي ابتلاني**** قضاها لغيري،
وابتلاني بحبها
يكون كافيا لا علي ولا ليا**** فيا رب سو
الحب بينيوبينها
ولا الصبح إلا هيجا ذكرها ليا **** فما طلع
النجم الذي يهتديبه
فهذا لها عندي ، فما عندها ليا **** فاشهدو
عند الله اني احبها
وبالشوقمني والغرام قضي ليا **** قضي الله
بالمعروف منها لغيرنا
أبيت سخين العينحيران باكيا **** معذبتي لولاك
ما كنت هائما
هواك فيا للناس قو عزائيا **** معذبتي قد طال
وجدي وشفني
ألا يا حمام العراق أعنني**** على شجيوابكين
مثل بكائيا
يقولون ليلى في العراق مريضة**** فيا ليتني كنت
الطبيبالمداويا
فيا رب إذ صيرت ليلي هي المنى**** غرامي لها
يزداد إلا تماديا
--------------------------------------------------------------