ركب مُحمد الطائرة .. عدل جلوسه في مقعده .. ربط حزام الأمان
كان نشيطا قويا … يحمل قدرا كبيرا من الوسامة الظاهرة ..كان بعيدا عن ربه سبحانه وتعالى .. أقلعت الطائرةوبدأ محمد التفكير في رحلته الى الولايات المتحدة الامريكيةإنه سيستمتع هناك .. بأنواع من المشروبات ..ستحتضره المراقصوالملاهي الليلية ..سوف يجد الكثير من الفتيات اللواتي يبحث عنهنومضت الرحلة .. وهو يرتب ويخطط ..لم يدر بباله لحظة ..أن الذي اعطاه القوة والشباب قد يحرمه منهما في اي لحظةوصل الى امريكا واستأجر شقة ووضع فيها أمتعتهوبدأت الجولات ..سهر بالليل حتى الصباح ..ونوم حتى المغرب …طرق الآذان سمعه أكثر من مرة ..في أكثر من زاوية لأقلية المسلمين هناك …لكن لم يفكر ان هذا النداء له هو .. لأنهمسلمأنفق الكثير من المال .. سَكِر حتى ما عاد يدرك شيئا منحولهقال محمد :: مضت حياتي على هذا المنوال .. حتى جاءت تلك الليلةدخلت إلى ذلك الملهى الليلي .. كان مليئا بالفتيات الجميلاتطلبت كأسا ً …. وبدأت أرتشف” كنت أعلم أن الله سبحانه وتعالى حرم الخمر ”لكن شهوتي وغروري .. وحلم ربي …. كانوا قد أنسوني كل شئمن بعيد .. نظرت إلي تلك الفاتنة .. واقتربتكانت نظراتها تحمل الحب والغراماقتربت أكثر .. ثم مدت كفها .. ورمت بجسدها في حضنيصحيح أني قد عصيت الله كثيرالكن شعوري في تلك اللحظة .. كان مختلفا تلك المرةكانت ملامحها تدل على أنها عربيةوفجأة ً تكلمت بلهجة عربية مُكسرة ..قالت :: هل أنت عربي ؟؟قالت :: نـعـمقالت :: وأنا كذلك .. ومعي الجنسية الأمريكية .. وأنا مولودةهنا منذ زمانسألتني .. :: ما اسمك ؟قلت :: مُــحمّـدقالت :: أنا لا أحب هذا الاسم ..قلت :: لماذا ؟؟قالت :: لأنني …….. نصرانيةابتعد جسمي فجأة .. فقد أحس قلبي بعدائها للإسلاملكن هذا لا يؤثر في َّ .. من كثرة الشهوات التي سكنتوغطت على قلبيابتسمت .. وغيرت الموضوعقلت :: هل تحبين الرقصقالت :: نعمصعدنا معهم .. رقصنا .. ومرت الساعات طويلةوطلبت منها أن تأتي معي .. لكنها رفضتحاولت أكثر من مرة .. أن تمكنني من نفسهالكنها رفضت …انصرفت تلك الليلة وعيناي لا تفرقهما صورة تلك الفاتنةضعف قلبي كثيرا .. لبعده عن الله سبحانه وتعالىومرت الليلة الثانية .. والثالثة .. وفي كل مرةيزداد القلب بها حبا وغراما ..حتىحصلت الفاجعةتكلمت معها تلك الليلةوقلت لها :: اُريدك أن تبيتي عندي هذه الليلةقالت :: أنا موافقة .. بشرط .. أن تلبس هذاوأخرجت من جيبها سلسلة .. في وسطها صليب ٌ صغيرتملكني شعور غريبصحيح أنني عاص ٍ للهصحيح أنني لا أصليصحيح أنني لم أرى والدي من شهورلكننيمسلمولــكــنحبها فوق كل شئأسرعت وأخذت السلسلة .. وعلقتها في رقبتيكـالمأسور .. كـالسجين وانا ابستمقالت بتعجب :: واه .. إنها جميلة عليك .. هي هدية مني لكلكن .. لا تقابلني إلا وأنت تلبسهامرت الليالي مع تلك الفاتنةلذيذة جميلة .. كان الشيطان يزينها ليوفي ليلة ٍ رفضت المجيئ معيكنت في شدة شوقي إليها .. حاولت أن أستعطفهاحاولت إغرائها بالمالقالت :.:.: لا … بصراحةأريدك أن تصبح مسيحييااااااا الله .. يا اللهوقعت كلماتها على قلبي كالصاعقةقلت :: مستحيلقالت :: وأنا أيضا مستحيل أن أرفقك بعد هذا الليلةبدأ الشيطان يضحك علي ّ” قل موافق .. قل موافق فقط ولا يضرك .. قل ” كفرت بالإسلام ” ولنيضرك شئ .. فستريحك هذه الفتاة ”ومضت تلك الليلة .. وجاء الغد .. فإذا هي أكثر إغراء ً وجمالاإقتربت مني .. حتى أصبح وجهها قريبا من وجههيوقالت :: يا قاسي .. ألا تُحس بالحبدوبتني تلك الكلمات .. حتى لقد كدت أسقطقلت :: بلى .. وما الذي جعلني أتعذب وأتعلق بك ِقالت :: ما الذي يمنعك من أن تتنصر .. بل سأوافق على الزواج منك إذا تنصرتهناخااااارت عزيمتي …نسيت كل شئنسيت أن اسمي مُحمّداسم ُ ” رسول الله صلى الله عليه وسلم ”نسيت والدي عندما كان يوقظني وأنا في الابتدائية لصلاة الفجرنسيت والدتي التي كانت تدعو لي بالهداية حين أدخل من المنزل في ساعة متأخرة ٍ من الليلنسيت نفسي .. لقد أصبحت عبدا ً للحب والهوىذهبت معها …وحلقت رأسيوتنصرتدخلت الكنيسة لأول مرةبكيت بدون شعور .. كانت دموع الإيمان تهرب من عينيوأنا أدخل من باب الكنيسةيـــا اللهبعد هذا العمر الطويل ….. أصبح كافرا ًأصبح كافرأً !! وجزائي ماذا سيكونالــنـــــــاااار !!يــا اللهأين خوفي من الله ؟!؟أين حيائي ؟؟!أين مجدي و عزي لديني ؟؟!لقد مات كل شئرجعت بعدها إلى شقتي كــالمجنونكنت أتحسس رأسي الأصلعوأقول لنفسي :: ماذا فعلت يا مُحمد ؟؟!هل تركت دين محمد ؟؟!بدأت أبكي كثيراأغلقت باب شقتي وأخذت اغرق في بحر من الدموعجاء الشيطان ويقول ::” لا طريق للرجوع يا محمد ..لا طريق للرجوع لقد أصبحت الآن كاااااافراًوستموت على الكفروستدخل النار ”تذكرت جدي عندما كان يؤذن للصلاةتذكرت مصحفي الذي كان في غرفتيآآآآه تذكرت صديقا ً لي كان ينصحنيويقول ::يا محمد .. إحذر من سوء الخاتمةبدأت أصرخ وأقوللااااا يااااااارب .. لاااااااااا يااااااااااااااربلا تقبض روحي الآنسأعود للإسلام ..سأعود للقرآن ..سأعود إليك ياااربدخلت الحمام .. ألقيت تلك السلسلة والصليب في المرحاضإغتسلت وتطهرتوخرجت .. لقد شعرت بأن كل ذنوبي زاالت من فوق ظهريقلت ودموعي لا تقف” أشهد أن لااا إله إلا الله ، وأشهد أن سيدنا محمد رسول الله ”يا الله ما أحلاها من كلماتكانت مفتاح السعادةياااااارب أنا عائد إليكأنا عائد إلى الصلاةأنا عائد إلى بر الوالدينأنا عائد إلى صلة الأرحامأنا عــائد إلى صوم رمضانأنا عــائد إلى كل ما يرضيك يا ربركبت أول طائرة تذهب بي إلى بلديكان أول شئ سمعته جين وصلت إلى المطارهو الآذانخرجت الدموع دون إرادتيترى … سيغفر لي ربي ؟!دخلت على والدتيرميت بجسدي في حضنها أبكييا أمي .. لن أعصي ربي أبدا يا أميسامحيني في عقوقي لك ِوبعدي عنك ِضمتني إلى صدرهاقالت : ولدي .. أحسن إلى ربك .. فهو رحيم ٌ .. يفرح بمن تاب إليهمرت الأيام .. ومحمد من روضة إلى روضةومن سعادة ٍ إلى سعادةوكلما تذكر تلك الرحلةلا تجف دموع عينيهإذا إقتربت والدته من غرفته ليلا ًتسمع أنينا ً وبكاء ًوإذا جاء الصباحتسمع قراءة القرآن .. والاستغفارجاء يوم من الأيامفدخلت والدته عليه في غرفته لتوقظه لصلاة الفجرفتحت الباب .. فوصل إلى أنفها رائحة طيبة ذكيةما رأت مثلها قطتحسست ولدها في سريرهمدت يديها فلم تجد ولدهانظرت ببصرها الضعيففإذا هو ساجدٌ على سجادة الصلاة .. قرب سريرهوقفت تتأمل فيه …. طال انتظارهانادت :: محمد .. ولديلم يرفع رأسهاقتربت الأم .. مدت يدهاحركته ..فـــمال على جنبهنظرت الأم ولم تتحملأترى سيكون ولدها قد مات … وهو ساجد ؟؟لم تتحمل وهي تشاهد ذلك المشهد الرائعخرجت الدموع من عينيها غزيـــرةوهي تنادي :: يا أولاد .. يا أولاديا أهل المنزل … يا أهل البيتانظروا إلى أخيكم ” محمد ”اقتربوا .. حركوهياااا الله .. يا أماهلقد مات أخي محمديا أماه .. مات وهو ساجدعلمت ان الرائحة التي وصلت إلى أنفها
هي رائحة روحه الطاهرة التي رفعتها ملائكة الرحمة
وصعدت به إلى ربه ومولاهوفرح مولاه بعودته .. فرزقه خاتمة ً حسنةأحب الله .. فأحب الله لقائه
هنيئا يا محمد هذا الحب .. وهنيئا تلك الخاتمة