معيار ديموقراطية الحكمثائر جمال الونداوياصبح اليوم لا يخفى على كل ذي عقل وبصيرة انالدكتاتورية كنظام حكم في أي بقعة من الارض مقامُها تسلط فئة انتهازية على رقابالناس والاستئثار بالسلطة والثروة وتنتهج في سبيل البقاء ابشع أساليب التفرقة الاجتماعية،وتستمد ديمومتها من قمع الحريات وقتل الناس وافقار السواد الاعظم من ابناء الدولةعن طريق خلق طبقات تتسلط بعضها على الاخر وتاجيج الصراعات بينهم 0 ولا سبيل للخلاص من هذا الكابوس المرعب الا باتباع الديمقراطية كنهج سليمالى حد ما في ادارة الدولة ورعاية مصالح الناس، والديمقراطية كنظام سياسي واجتماعييقوم على أساس تسليم الحكام بسيادة الشعب ورعاية مصالحه الخاصة والعامة, وفي سبيلذلك يجب أن توفر لهم المشاركة الحرة في صنع القرارات وإرساء التشريعات التي تنظمالحياة العامة. وعلى هذا الوصف فان الديمقراطيةتكون اسلوب حياة وتقوم على معايير أهمها المساواة وحرية الراي والتفكير والتعبير والتقليلمن قوائم الممنوعات والمحضورات وتنظم وسائل الإنتاج وصون حقوق العمال وبسط العدالةالاجتماعية في ارجاء الدولة 0 ومفهوم الديمقراطية كشكل من أشكال الحكم تتمثل في حكم الاغلبية للاقلية كنتيجةحتمية للانتخابات ووفقا لنظام التصويت والتمثيل النيابي فيتطلب اولا قبل كل مقدماتان تكون مبنى الدستور او القانون الاساسي على المواطنة فحسب متجردا من الدينوالمذهب والقومية واللون والانتماء السياسي والاجتماعي , وان تبنى الاحزاب كحركات سياسيةاجتماعية على هذا الشرط ويكون محورا اساسيا في وجوده واستمر بقائه او حله ومنعه 0 والحديث بخلاف ذلك بان يذكر الدين الفلاني هو الرسمي او ان الدولة مشكلة منالقومية كذا اكبر وكذا اصغر وحتماً ينعكس ذلك سلباً على القوانين والانظمة وتُفصّلالدولة ومؤسساتها على مقاسات الاحزاب والحركات وعندئذ لا يعدو من كونها دكتاتوريةمغلفة بخلاف الديمقراطية. وان كان المفكرين وكُتّاب السياسة وكنتيجة حتمية لتطورالفكر الانساني قد صنعوا للديمقراطية اركانا ثلاثة ان تخلف ركنا فلا نكون امام ديمقراطيةحقيقية وهذه الاركان:-1- حكم الشعب 2- المساواة 3- الحرية الفكرية.الا ان هناك شروطا لادامة هذه الاركانوتقويتها ويمكن تسميتها بشروط صحة الديمقراطية وتتمثل بايجاد ديمقراطية سياسيةوفكرية واقتصادية في ان واحد مجتمعين دون انفصال او إجتزاء0 وتتحقق الديمقراطية السياسية في اختيار الشعب لممثليه بحرية التامة وكاملةدون وصاية من أي جهة مهما كانت هذه الجهة في التكوين والاعتبار , لان الوصاية لاتفرض الا على القاصر , والمواطن ليس بقاصر بل هو كامل في أي مجتمع وفي كل زمانومكان 0 والديمقراطية الفكرية تعني اطلاق العنان للفكر الإنساني كمعبر عن الوجودالوجداني للانسان واعتباره مظهرا لديمومته وابتكاراته وابداعاته دون قيد او شرطمانع وإلا كان المانع متسلطا وجبارا والتسلط والجبروت صفتان مذمومتان لا يليقانبالانسان الزائل 0 واما الديمقراطية الاقتصادية فتتحقق عن طريق توفير فرص عمل للجميع واطلاقالعنان له بما يؤدي الى خلق شعب يعمل بالكامل ويكون من انعكاساته زيادة الطاقاتالعاملة والتجديد في العطاء ومن اضاءاته ارتفاع الناتج القومي للفرد والدولة 0 وللديمقراطية اهداف يراد تحقيقها من اجل توفير لكل مواطن حياة رغيدة وكرامةمصونة وفرص عمل مضمونة عن طريق إتباع الآليات الآتية: اولا : الاستقرار السياسي والامني , لان الديمقراطية نظام يستطيع فيه الشعباستبدال الادارة الحاكمة من دون تغير الاسس القانونية السليمة للحكم 0 وهذا مداعاةللاستقرار الاجتماعي وفيه طمانة للمواطن 0 ولان الديمقراطية لا تستقيم اذا اريد التغيير عبر اللجؤء الىالقوة والعنف وعسكرة الكل او الجزء من المجتمع وتقسيم الدولة الى معسكرات وميليشاتمتناحرة0ثانيا : تخفيف من اثار الجريمة والجريمةالمنظمة. ثالثا : التزام الحكومة الديمقراطيةبالمعايير المتعلقة بحقوق الانسان وحماية البيئة. رابعا : محاربة الفقر والبطالة ومنعالمجاعة وتخفيفها الى اقل معدلاتها 0خامسا: نشر العدالة عموديا وافقيا ممايؤدي الى انخفاض مستوى الفساد المالي والاداري. سادسا : الوصول الى الحرية الفكرية عبرمؤسسات اعلامية وصحافية حرة مستقلة لا يلحقها قيد او شرط.سابعاً : تأسيس استقلال القاضي في مؤسسة القضاء المستقللأنه الضمانة الأكيدة للديموقراطية، والوصفة السحرية لمنع إختلاط وتصادم الصلاحياتبين المؤسسات ، وإختبار عملي لكل مُدَّعٍ للديموقراطية في إنصياعه لقوة السلاح أوإنصياعه لقوة القانون. وفي هذا الصدد نقتبس مقولة القاضي الأمريكي (إستوري) ( ... لا توجد في الحكومات البشرية سوى قوّتينرابطتين .... قوة السلاح و قوة القانون ..... فإذا سادت قوة السلاح .... حتماً ذلكتؤدي الى سيطرة النُظُم العسكرية على المدنية ...) .قاضي وباحث