الفصاحة الظهور والبيان، ومنها أفصح اللبن إذا انجلت رغوته، وفصح فهو فصيح قال الشاعر: وتحت الرغوة اللبن الفصيح ويقال أفصح الصبح إذا بدا ضوءه، وأفصح كل شيء إذا وضح وفي الكتاب العزيز وأخي هارون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي وفصح النصارى عيدهم وقد تكلمت به العرب. قال حسان بن ثابت: -
ودنا الفصح فالولائد ينظمن سراعا أكلة المرجان
ويجوز أن يكون ذلك لاعتقادهم أن عيسى عليه السلام ظهر فيه وسمى الكلام الفصيح فصيحاً - كما أنهم سموه بياناً - لأعرابه عما عبر به عنه، وإظهاره له إظهاراً. جلياً. روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: أنا أفصح العرب بيد أني من قريش والفرق بين الفصاحة والبلاغة،
ثم إن الفصاحة مقصورة على وصف الألفاظ، والبلاغة لا تكون إلا وصفاً للألفاظ مع المعاني. لا يقال في كلمة واحدة لا تدل على معنى يفضل عن مثلها بليغة، وإن قيل فيها إنها فصيحة. وكل كلام بليغ فصيح
شروط فصاحة الكلمة
عدم تنافر الحروف وعدم مخالفة القانون الصرفي و التجرد من الغرابة ثم علامة كون الكلمة فصيحة أن يكون استعمال العرب الموثوق بعربيتهم لها كثيراً أو أكثر من استعمالهم ما بمعناها.
فصاحة المفرد
فصاحة المفرد فهي خلوصه من تنافر الحروف والغرابة ومخالفة القياس اللغوي،
تنافر الحروف
فتَنافُرُ الحروفِ وَصْفٌ في الكلمةِ يُوجِبُ ثِقَلَها على اللسانِ وعُسْرَ النُّطْقِ بها، نَحْوُ الظَّشِّ للموْضِعِ الْخَشِنِ، والْهَعْخَعِ لنباتٍ تَرْعَاه الإبلُ، والنُّقَاخِ للماءِ العذْبِ الصافي، والْمُسْتَشْزَرِ لِلْمَفْتُولِ. والتنافر منه
1- ما تكون الكلمات بسببه متناهية في الثقل على اللسان وعسر النطق بها متتابعة كما في البيت الذي أنشده الجاحظ:
وقبر حرب بمكان قفر ... وليس قرب قبر حرب قبر
2-ومنه ما دون ذلك كما في قول أبي تمام:
كريم متى أمدحه أمدحه والورى ... معي وإذا ما لمته لمته وحدي
فإن في قوله أمدحه ثقلاً ما لما بين الحاء والهاء من تنافر.
الغرابة
الغرابة أن تكون الكلمة وحشية لا يظهر معناها فيحتاج في معرفتها إلى من ينقر عنها في كتب اللغة المبسوطة كما روى عيسى بن عمر النحوي أنه سقط عن حمار فاجتمع عليه الناس فقال: ما لكم تكأكأتم علي تكأكؤكم على ذي جنة افرنقعوا عني. أي اجتمعتم تنحوا،
مخالفة القياس
ومخالَفةُ القياسِ: كونُ الكلمةِ غيرَ جاريةٍ على القانونِ الصَّرْفيِّ، كجَمْعِ (بُوقٍ) على (بُوقاتٍ) في قولِ المتنبِّي:
فإنْ يكُ بعضُ الناسِ سيفًا لدولةٍ = ففي الناسِ بُوقاتٌ لها وطبولُ
إذ القياسُ في جَمْعِه للقِلَّةِ(أبواقٌ). وكـ (مَودَدَةٍ) في قولِه:
إنَّ بَنِيَّ لَلِئَامٌ زَهَدَهْ = ما ليَ في صدورِهم مِنْ مَوْدَدَهْ
والقياسُ: (موَدَّةٌ) بالإدغامِ.
الكراهة في السمع
ومن الكراهة في السمع بأن تمج الكلمة ويتبرأً من سماعها كما يتبرأ من سماع الأصوات المنكرة. كأستعمال المتنبي كلمة جرشي في
قوله: مبارك الاسم أغر اللقب ... كريم الجر شي شريف النسب
فإنك تجد في الجرشي تأليفاً يكرهه السمع وينبو عنه، ومثل ذلك قول زهير بن أبي سلمى:
تقي نقي لم يكثر غنيمةً ... بنهكة ذي قربى ولا بحقلد
والحقلد - كلمة توفي على قبح الجرشي وتزيد عليها
فصاحة الكلام
وفصاحةُ الكلامِ: سلامتُه منْ تَنافُرِ الكلماتِ مجتمعةً، ومنْ ضَعْفِ التأليفِ، ومن التعقيدِ، معَ فصاحةِ كلماتِهِ.
تحقق بتوفر هذه الشروط الأربعة .
ضعف التأليف
وضَعْفُ التأليفِ: كونُ الكلامِ غيرَ جارٍ على القانونِ النحويِّ المشهورِ، كالإضمارِ قبلَ الذكْرِ لَفْظًا ورُتْبَةً في قولِه:
جَزَى بنُوهُ أَبَا الغِيلانِ عنْ كِبَرٍ = وحُسْنِ فِعْلٍ كما يُجزَى سِنِمَّارُ
التعقيد واقسامه
والتعقيدُ: أنْ يكونَ الكلامُ خَفِيَّ الدلالةِ على المعنى المرادِ.
والخفاءُ إمَّا منْ جهةِ اللفظِ، بسببِ تقديمٍ أوْ تأخيرٍ أوْ فَصْلٍ، ويُسمَّى تعقيدًا لفظِيًّا، كقولِ المتنبِّي:
وَمَا مِثْلُه في النَّاسِ إلا مُمَلكاً ... أَبو أُمهِ حَيٌّ أَبوهُ يُقَاربُه )
يريدُ : مَا مثلُه في الناسِ حَيٌّ يقاربهُ إلاّ مُملكٌ أَبو أُمِ ذلكَ المملكِ أَبوهُ ولكنْ نصبَ مملكاً حيثُ قَدَّمَ الإستثناءَ.
وإمَّا منْ جهةِ المعنى بسببِ استعمالِ مَجازاتٍ وكِناياتٍ، لا يُفْهَمُ المرادُ بها، ويُسَمَّى تَعقيدًا معنويًّا، نحوُ قولِكَ: (نَشَرَ الْمَلِكُ أَلْسِنَتَه في المدينةِ)، مُريدًا جواسيسَه، والصوابُ:(نَشَرَ عيونَه). وقولِه:
سأطلبُ بُعدَ الدارِ عنكم لِتَقْرَبُوا = وتَسْكُبُ عينايَ الدموعَ لتَجْمُدا
حيث كَنَّى بالجمودِ عن السرورِ، معَ أنَّ الجمودَ يُكَنَّى بهِ عن البُخْلِ وقتَ البكاءِ.
كثرة التكرار
هو كثرة تكرار اللفظ الواحد عدة مرات على هيئة اسم او فعل او حرف كقول احدهم :
إني وأسطارْ سُطِرْنَ سَطْرَا ... لَقَائِلٌ : يا نَصْرُ نَصْرَاً نَصْرَا
ويكون كثرة التكرار اكثر من مرتين فأذا كان مرتين سمي تكرار واذا كان ثلاثا سمي كثرة التكرار لأن التكرار مرة واحدة لا يخل بالفصاحة .
تتابع الإضافات
وهو ان يتبع الشيئ الشيئ في الأفعال .
كقول إبن بابك :
حمامة جرعى حومة الجندل اسجعي ... فأنت بمرأى من سعاد ومسمع.
فهنا نلاحظ كثرة الإضافات في الشطر الأول
فصاحة المتكلم
ملكة يقتدر بها على التعبير عن المقصود بلفظ فصيح.