رائحة أزهار البرتقال التي تفوح من كافة الأرجاء، هي أول ما تستقبل الزائر لقرية كفر وهب التابعة لمحافظة المنوفية شمال العاصمة المصرية القاهرة، والتي اختارتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونيسكو) كأفضل قرية نموذجية في العالم لشهر أبريل/ نيسان الماضي.
ويشعر زائر قرية كفر وهب للوهلة الأولى أنه يتجول في واحدة من قرى الريف الأوروبي، حيث تحيط الأشجار والزراعات الخضراء بيوت أبناء القرية.
أول ما يلفت الانتباه تلك الحركة الدؤوبة لتنظيف شوارع القرية يوميا، حيث خصص الأهالي فرق عمل من شباب القرية لجمع القمامة بصورة يومية وتدويرها بالجهود الذاتية، عبر اشتراكات شهرية رمزية لأبناء القرية.
ووفق بيان يونيسكو، فإن اختيار كفر وهب كأفضل قرية يعود لنجاح أهاليها في حل مشكلاتهم بالجهود الذاتية دون انتظار تدخل المسؤولين التنفيذيين بالمحافظة، حيث شكلوا لجانا شعبية لتوزيع أنابيب البوتغاز والخبز، إضافة إلى زراعة مدخل القرية وشوارعها بالأشجار لتجميلها، مما جعلها قرية متكاملة الخدمات وصديقة للبيئة.
زراعة الأشجار
ويقول المهندس فتحي وهب (من أبناء القرية) إن الفكرة بدأت مع د. مجدي عبد المقصود (أحد أبناء القرية) عندما كان طالبا بكلية الطب منذ عشرين عاما، إذ كان الطلبة يخصصون يوما لتنظيف الجامعة فقرر أن يفعل ذلك بقريته كفر وهب. ووجد استجابة من أبناء القرية الذين قاموا بالتنظيف وزراعة الأشجار حيث امتلأت الشوارع حتى أن الزائر لكفر وهب يشعر أنه في حديقة عامة وليس في قرية.
ويضيف وهب للجزيرة نت أن بالقرية ألفي شجرة وشجيرة مستديمة الخضرة من أشجار السرو والنخيل الرخامي والنيم، وضعت بصورة هندسية أمام منازل الأهالي لكي تمتص المياه الجوفية بالقرية وتجعل منسوبها في حده الأدنى، وتضفي طابعا جماليا لشوارع القرية، إضافة إلى طرد الحشرات والناموس والذباب، وبعض الأشجار تفوح منها رائحة المسك.
ويؤكد أن الاهالي تغلبوا على مشكلات تلوث المياه بإنشاء محطة للتنقية بالجهود الذاتية وفق أحدث تقنيات الفلترة، بحيث تخرج مياه لا تصلح فقط للاستهلاك الآدمي بل تصلح للغسل الكلوي. وتضم المحطة وحدة تعقيم بأشعة فوق البنفسجية لقتل البكتيريا وتنقية المياه بدرجة عالية.
خالية من الأمية
ويؤكد عضو رابطة شباب كفر وهب محمد مجدي على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) للجزيرة نت أن شباب القرية أقاموا فصولا لمحو الأمية بعد نهاية اليوم الدراسي، حيث أصبحت القرية خالية تماما من الأمية، مشيرا إلى أن المدرسة الابتدائية بالقرية حصلت على درع الجودة على مستوى الجمهورية.
ويشير رئس الوحدة المحلية التابع لها كفر وهب، بيومي الجزار، في تصريح للجزيرة نت، إلى أن القرية نموذج يجب أن تحتذي به القرى الأخرى، مؤكدا أن كلمة السر هي الإرادة الشعبية والجهود الذاتية التي يقوم بها أبناء القرية. وأشار إلى أن دور الإدارة المحلية هو التفاعل مع تطلعات أبناء القرية، ومد يد العون لهم عندما يحتاجون إلى مساعدة.
محاور
أما رئيس مجلس إدارة جمعية تنمية المجتمع المحلي بكفر وهب، أحمد حسن، فيشير إلى أن الجمعية تقوم بدور مهم في تنمية القرية بالجهود الذاتية وعبر الاشتراكات الشهرية، من خلال ثلاثة محاور هي: أولا حل المشكلات البيئية من خلال توفير سيارة لجمع القمامة وعمال نظافة يساعدون الأهالي.
وثانيا، حل مشكلة توزيع الخبز من خلال فصل الإنتاج عن التوزيع والرقابة على التوزيع.
وثالثا، حل مشكلة توزيع الغاز من خلال منظومة توزيع تقوم على الجهود الذاتية حيث تم وضع كارت ذهبي يستطيع من خلاله المواطن أن يحصل على أسطوانة الغاز بعد أربع ساعات من طلبها وبأسعارها الرسمية.
ويطالب حسن الدولة بمساعدة القرية في مدها بشبكة للصرف الصحي لأن منظومة الصرف الصحي تحتاج إلى إمكانات الدولة ولا يستطيع الأفراد إقامتها.