المخبر السري عن الجرائم في التشريع العراقي

الدكتور محـمد ماضي ـ عضو مجلس شورى الدولة المقدمة يعد الاخبار السري من صور الاخبار عن الجريمة الذي يتم تحريك الدعوى الجزائية بموجبه، وهو وسيلة ادخلت على النظام الجزائي العراقي ، لها حدودها وضماناتها وأسبابها وعيوبها وهو ما أتناوله في هذا البحث. حيث قسمته الى اربعة فصول أتناول في الفصل الاول الاخبار عن الجريمة وفي الفصل الثاني ماهية المخبر السري وفي الفصل الثالث قيمة الاخبار السري في الاثبات وفي الفصل الرابع تقدير المخبر السري ومن ثم الخاتمة .
المبحث الاول
الاخبار عن الجريمة
اذ نصت الماده (1/أ) من قانون اصول المحاكمات الجزائية على ان (تحرك الدعوى الجزائية بشكوى شفوية او تحريرية تقدم الى قاضي التحقيق او المحقق او اي مسؤول في مركز الشرطة او اي من اعضاء الضبط القضائي من المتضرر من الجريمة او من يقوم مقامه قانونا او اي شخص علم بوقوعها او باخبار يقدم الى اي منهم من الادعاء العام ما لم ينص القانون على خلاف ذلك. . . ) فأن النص حدد وسائل تحريك الدعوى الجزائية بوسيلتين هما الشكوى والاخبار. حيث تحرك الدعوى الجزائية بالشكوى من المتضرر من الجريمة اضافة الى اي شخص علم بوقوعها ، بينما تحرك الدعوى الجزائية عن طريق الادعاء العام بالاخبار . وهذا النص ينطوي ـ في تقديري ـ على خطأ ،من حيث وضعه وسيلة الشكوى لتحريك الدعوى الجزائية بيد اي شخص علم بوقوعها ، وهو لاينسجم وطبيعة الشكوى واثارها القانونية. وقد اكدته المذكرة الايضاحية للقانون التي نصت على ان (الفصل الاول تكلم عن الدعوى الجزائية فنص على تحريكها بشكوى تقدم الى المراجع المبينة في الفقرة ا من المادة 1 من المتضرر من الجريمة او باخبار من اي شخص علم بوقوعها او من الادعاء العام.) بمعنى ان المذكرة الايضاحية جعلت الشكوى منوطة بالمتضرر من الجريمة بينما الاخبار هو وسيلة من علم بوقوع الجريمة على خلاف نص المادة (1) من القانون . تقسيم الاخبار الى جوازي وملزم قسم قانون اصول المحاكمات الجزائية كمبدأ عام الاخبارعن الجريمة الى أخبار جوازي وأخبارالزامي نصت علي الاول الماده (47) من القانون بالاتي (لمن وقعت عليه جريمة ولكل من علم بوقوع جريمة تحرك الدعوى فيها بلا شكوى او علم بوقوع موت مشتبه به ان يخبر قاضي التحقيق او المحقق او الادعاء العام او احد مراكز الشرطة) وهذه الحالات من الاخبارلا يلحق القعود عنه مسؤولية جزائية او عقاب بينما نصت على الثاني المادة (48) من القانون بالاتي (كل مكلف بخدمة عامة علم اثناء تأدية عمله او بسبب تأديته بوقوع جريمة او اشتبه في وقوع جريمة تحرك الدعوى فيها بلا شكوى وكل من قدم مساعدة بحكم مهنته الطبية في حالة يشتبه معها بوقوع جريمة وكل شخص كان حاضرا ارتكاب جناية عليهم ان يخبروا فورا احدا ممن ذكروا في المادة 47) وبه يلزم المشرع بالاخبار عن الجريمة ويقوم بالامتناع عن ذلك العقاب ، وكالاتي :ـ حالات الاخبار الجوازي اولا" ـ من وقعت عليه جريمة : ويقصد به المجني عليه صاحب الحق الذي يحميه القانون بنص التجريم ووقع الفعل عدوانا" مباشرا" عليه . ولا يكفي لعد شخص مجنيا" عليه ان يكون قد اصابه ضرر مباشر من الجريمة انما يتعين ان يتخذ هذا الضرر صورة النتيجة الجرمية(1) . اذ استعمل المشرع عبارة من وقعت عليه الجريمة في موضع النص على الجهة التي تتولى الاخبارعن الجريمة كما استعمل عباره (المجني عليه) في نص المادة ( 43) في مجال التعبير عن من تدون اقواله وكذلك الماده (58) من قانون اصول المحاكمات الجزائية. ثانيا" ـ من علم بوقوع جريمة تحرك الدعوى الجزائية فيها بلا شكوى . تقسم المذكرة الايضاحية لقانون اصول المحاكمات الجزائية الدعاوى الى دعاوى الحق الشخصي ودعاوى الحق العام ودعاوى الحق المختلط . حيث تحرك دعاوى الحق الشخصي بالشكوى بينما تحرك دعاوى الحق العام الصرف بالاخبار وكذلك دعاوى الحق العام المختلط بالحق الشخصي ، وبالتالي لايجوز تحريك الدعوى الجزائية في مجموعة من الجرائم الا بناء" على شكوى من المجني عليه او من يقوم مقامه قانونا" . وبموجب نص الماده (47) اجاز القانون لمن لحق علمه بوقوع جريمة الاخبار عنها شريطة ان تكون من نوع الجرائم التي لاتحرك الدعوى الجزائية فيها الابناء على شكوى ، وهذا الترخيص مستمد من طبيعة جرائم الحق العام التي لا ينحصر الضرر فيها بالمجني عليه وحده انما يتعدى في ذلك الى المجتمع . ومن الفقه من يرى بأن وضع المشرع لحالة العلم بالجريمة ضمن الحالات الجوازية للاخبار هو لعدم امكانية اثبات العلم بها(2) . ونرى أن هذا التبرير غيرموفق لان المشرع لم ير في نصوص اخرى استحالة اثبات العلم كالعلم المنصوص في الماده (186) من قانون العقوبات التي تعاقب من علم بارتكاب جريمة من الجرائم الماسة بأمن الدولة الخارجي ولم يبلغ امرها الى السلطات المختصة . كذلك الماده ( 219) التي تعاقب من علم بارتكاب جريمة من الجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي ولم يخبر السلطات العامة بأمرها . والماده (293) التي تعاقب كل موظف او مكلف بخدمة عامة اصدر احدى الاوراق المذكورة في المادة (292) مع علمه بان من صدرت له قد انتحل اسما كاذبا او شخصية كاذبة. انما السبب في عدم تجريم القعود عن الاخبار عن الجريمة رغم العلم بها في الحالة المنصوص عليها في المادة (47) من القانون يتصل بعدم جواز التضييق على الناس والدولة في حدود التجريم لان طبيعة العلم بالجريمة قد يتسع لعدد كبير من الناس ممن يتلقون سماعه بحيث يصبح كل هؤلاء تحت طائلة العقاب في حالة عدم اخبارهم . ثالثا" ـ من علم بوقوع موت مشتبه به :ـ يقصد بالموت المشتبه به الحالة غير الاعتيادية للموت الذي يشتبه بوقوعه بسبب جريمة وان النص على هذه الحالة يمثل الاهمية القانونية لموضوع الاشتباه بالموت الى الحد الذي يرى الفقه بأنه كان من الاوفق ان يكون الاخبار في هذه الحالة الزاميا"(2) حالات الاخبار الالزامي اولا"ـ كل مكلف بخدمة عامة علم اثناء تأدية عمله او بسبب تأديته بوقوع جريمة او اشتبه في وقوع جريمة تحرك الدعوى فيها بلا شكوى : عرف قانون العقوبات المكلف بخدمة عامة بانه (كل موظف او مستخدم او عامل أنيطت به مهمة عامة في خدمة الحكومة ودوائرها الرسمية وشبه الرسمية والمصالح التابعة لها او الموضوعة تحت رقابتها ويشمل ذلك رئيس الوزراء ونوابه والوزراء وأعضاء المجالس النيابية والإدارية والبلدية كما يشمل المحكمين والخبراء ووكلاء الدائنين (السنديكيين) والمصفين والحراس القضائيين وأعضاء مجالس إدارة ومديري ومستخدمي المؤسسات والشركات والجمعيات والمنظمات والمنشآت التي تساهم الحكومة او إحدى دوائرها الرسمية او شبه الرسمية في مالها بنصيب ما بأية صفة كانت، وعلى العموم كل من يقوم بخدمة عامة بأجر او بغير أجر. ولا يحول دون تطبيق أحكام هذا القانون بحق المكلف بخدمة عامة انتهاء وظيفته او خدمته او عمله متى وقع الفعل الجرمي أثناء توافر صفة من الصفات المبينة في هذه الفقرة فيه.).وبذلك يستوعب مصطلح المكلف بخدمة عامة معنى الموظف . حيث اضفى المشرع أطارا" قانونيا" خاصا"على علم المكلف بخدمة عامة بالجرائم اثناء عمله او بسبب ذلك . أما علم المكلف بخدمة عامة اثناء تأدية عمله فيحكمه معيار وقتي(1) يتحدد في الوقت الذي يكون فيه العامل اثناء العمل ويبدأ من بداية العمل الى نهايتهوتعد الجريمة واقعة اثناء تأدية العمل اذا وقع اي فعل من الافعال المكونه لها بصرف النظر عن تحقق نتيجتها. اما الجرائم التي علم بها المكلف بخدمة عامة بسبب العمل فتخضع لمعيار سببي مؤداه ان تكون الوظيفه هي سبب العلم بوقوع الجريمة . ولاتقتصر هذه الحالة على وقوع جريمة انما الاشتباه في وقوع جريمة . وتعني عدم التيقن من وقوعها انما العلم في حدود الشك مما لايرقى الى يقين . وكل ذلك مشروط بأن تكون الجريمة من الجرائم التي لاتحرك فيها الدعوى الا بناء" على شكوى . ويعني ذلك ان علم غير المكلف بخدمة عامة لا يرتب المسؤولية بالاخبار انما ذلك قاصر على المكلف بخدمة عامة . والغاية في ذلك هو ان القانون يلقي على عاتق المكلف بخدمة عامة دورا" في الاخبار عن الجريمة يختلف عن غيره. ثانيا"ـ كل من قدم مساعده بحكم مهنته الطبية في حالة يشتبه فيها بوقوع جريمة:ـ ان من يزاول المهن الطبية في الاصل الاطباء والصيادلة و تعرف المادة (1) من نظام ممارسة المهن الصحية رقم (11) لسنة 1952 المهنة الصحية بأنها (المهن المساعدة لمهنة الطب الوارد ذكرها في هذا النظام وكل مهنة اخرى يقرر الوزير اعتبارها من المهن الصحية ببيان ينشر في الجريدة الرسمية ) وتشمل المهن الطبية الواردة في هذا النظام التمريض والتوليد والتضميد والتجبير والعلاج الطبيعي وتركيب الاسنان والموظف الصحي والتصوير الشعاعي والختان والزئرةة الصحية ومساعد صيدلي ومساعد مختبر وفاحص البصر وصنع وبيع النظارات الطبية والتحليل الفني والتحليل الكيماوي. وذوي المهن الطبية ملزمين بالاخبار عن الجرائم التي يقدمون المساعدة الطبية فيها ، ذلك ان المجني عليهم او مرتكبي الجرائم قد يلجأون الى ذوى المهن الطبية لتقديم المساعدة الطبية اليهم ، وان تسترهم على الاخبار عن الجريمة يؤدي الى ضياع معالمها وعدم الوقوف عليها . ثالثا" ـ كل شخص كان حاضرا" ارتكاب جناية : يقصد بالحضور في ارتكاب الجناية هو وجود الشخص اثناء الافعال التنفيذية للجريمة وينصرف ذلك الى الحضور اثناء وقوع اي فعل من الافعال المكونة للجريمة كلها او جزء منها او اي فعل متمم لها او اية نتيجة ترتبت عليها او فعل يكون جزءا من جريمة مركبة او مستمرة او متتابعة او من جرائم العاده . ويحدد هذا النص في حضور الجنايات ولا ينصرف الى غيرها من الجرائم والغاية من ذلك هو مراعاة جسامة هذه الجريمة دون سواها . موضع تجريم عدم الاخبار الالزامي عندما الزمت المادة (48) من القانون الاشخاص المذكورين فيها بالاخبارعن الجريمة فانها لم تتضمن جزاء النكول عنه أنما موضع ذلك نصوص أخرى . فقد نصت الماده (247) من قانون العقوبات على الاتي (يعاقب بالحبس او الغرامة كل من كان ملزما قانونا باخبار احد المكلفين بخدمة عامة عن امر ما او اخباره عن امور معلومة له فامتنع قصدا عن الاخبار بالكيفية المطلوبة وفي الوقت الواجب قانونا. وكل مكلف بخدمة عامة منوط به البحث عن الجرائم او ضبطها اهمل الاخبار عن جريمة اتصلت بعلمه وذلك كله ما لم يكن رفع الدعوى معلقا على شكوى او كان الجاني زوجا للمكلف بالخدمة العامة او من اصوله او فروعه او اخوته او اخواته او من في منزلة هؤلاء من الاقارب بحكم المصاهرة ) . كذلك المادة (186) من قانون العقوبات التي تعاقب من علم بارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في باب الجرائم الماسة بأمن الدولة الخارجي ولم يبلغ امرها الى السلطات المختصة.كذلك المادة (219) من هذا القانون التي تعاقب من علم بارتكاب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في باب الجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي ولم يبلغ امرها الى السلطات المختصة. المبحث الثاني ماهية المخبر السري لم يأخذ المشرع العراقي في نظام المخبر السري عند صدور قانون اصول المحاكمات الجزائية ، ولم يسبق ذلك في قانون اصول المحاكمات الجزائية البغدادي (الملغي) انما اخذ المشرع في ذلك بمقتضى تعديل الماده ( 47) من هذا القانون بالقانون ( 119) لسنة 988 الذي نص على الاتي ( للمخبر في الجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي او الخارجي وجرائم التخريب الاقتصادي والجرائم الاخرى المعاقب عليها بالاعدام او السجن المؤبد او المؤقت ان يطلب عدم الكشف عن هويته وعدم اعتباره شاهدا" . وللقاضي ان يثبت ذلك مع خلاصة الاخبار في سجل خاص يعد لهذا الغرض ويقوم باجراء التحقيق وفق الاصول مستفيدا"من المعلومات التي تضمنها الاخبار دون بيان هوية المخبر في الاوراق التحقيقية ) ينبني على هذا النص ان نطاق الجرائم التي يرد عليها الاخبار السري محدده بالنص و لا يجوز التزيد عليها الابنص وما يخرج عن ذلك من جرائم لايرد بشأنها الاخبار السري . مدى شمول جرائم الفساد المالي والاداري بالاخبار السري اذ حدد المشرع جرائم الفساد في (4) من القسم (2) من امر سلطةالائتلاف المؤقته (المنحلة) رقم (55) لسنة 2004 بانها ( أ ـ الفقرات 233، 234 ، 271 ، 275 ، 276 ،290 ، 293 ، 296 ، من قانون العقوبات. ب ـ اي بند من قانون العقوبات ينطبق عليه نص البنود (5) (6) او (7) من الفقرة رقم (135) التي اضيفت بواسطة القسم 6 من هذا الاجراء او د ـ اي بند اخر من قانون العقوبات . تكون فيه وقائع الحالة التي يشتبه انها تنطوي على خرق لنصوص الاحكام الوارد ذكرها في البنود الفرعية (أ) الى (ج) اعلاه . ) فأن جرائم الفساد التي تدخل ضمن الجرائم المنصوص عليها في الفقرة (2) من المادة (47) المعدلة هي الجرائم التي يرد عليها الاخبار السري . لـكن تثار فـكرة الشطر الاول من (3) مـن القسم (4) من هذا الامر التي تنص على الاتي ( تضع المفوضية اجراءات لاستلام مزاعم الفساد بما فيها المزاعم المغفلة . . . ) وقد يلاحظ بأن عبارة ( المزاعم المغفلة ) لا تؤدي معنى قانوني مفهوم منسجم مع النص . لكن بالرجوع الى النص الانكليزي للامر المذكور ومطابقته مع النص العربي وّجد ان النص الانكليزي يستعمل عبارة (anonymous allegations ) وترجمتها الى العربية هو (الادعاءات المغفل ذكر اسم مرسلها) وهي أقرب الى معنى الاخبار السري . مما يعني ان الامر المذكور قصد الاخبار السري لكن لا تدل صياغته على الاخذ بمفهوم الاخبار السري المنصوص عليه في المادة (47) من قانون أصول المحاكمات الجزائية . كما جاء قانون مكافأة المخبرين رقم (33) لسنة 2008 لينص في المادة (8) على أن ( يكون التحقيق في الجرائم المشمولة بأحكام هذا القانون سريا" وتلتزم الجهة التي تتولى التحقيق بكتمان أسم المخبر ) ليؤسس مبدأ يتعارض وحكم المادة (57) من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي اجازت لقاضي التحقيق منع المتهم والمشتكي والمدعي بالحق المدني والمسؤول مدنيا" عن فعل المتهم ووكلائهم من حضور أجراءات التحقيق لكن لفترة محددة على خلاف قانون مكافأة المخبرين الذي جعل السرية شاملة لكل مرحلة التحقيق الابتدائي . تحليل نص الفقرة (2) من الماده (47) يمكن تحليل النص الى الاتي :ـ اولا" ـ عدم ذكر اسم المخبر السري ولا توقيعه عند تدوين اخباره سواء اكان في مرحلة التحقيق الابتدائي ام المحاكمة وبذلك يخرج المخبر السري عن نطاق القاعدة التي تحكم المخبرين والتي تقضي بتدوين اقوال المخبر وبأخذ توقيعه عليها كالمواد (49) و (58) من قانون اصول المحاكمات الجزائية. لكن يلزم القاضي بتدوين خلاصة الاخبار في سجل خاص معد لهذا الغرض ويقصد في ذلك تدوين الاخبار السري في سجل مخصص للأخبارات السرية على ان يقترن الاخبار المدون في السجل بتوقيع المخبر السري لأن القانون منع الكشف عن هوية المخبر في اوراق الدعوى ولكن دون اخلال بتثبيت الهوية في السجل الخاص الذي يلزم ان يكون في عهدة قاضي التحقيق . ثانيا"ـ اذ يتبع القانون في المحاكمة مبدأ الجلسات وقد رسم الاجراءات المتبعة في طريقة الجلسة وبدءها وانتهائها وتحديد الموعد فيها . والقاعدة ان يحضر المخبر العادي الى المحاكمة بعد احضاره بالطرق المنصوص عليها في القانون ، بينما لايحضر المخبر السري الى المحاكمة انما يكتفى بتلاوة اقواله . اما في مرحلة التحقيق الابتدائي فأن التحقيق لايجري على اساس المرافعة والجلسات انما ينظر قاضي التحقيق والمحقق بالدعاوى دون جلسة ولكن لايمنع من احضار المخبر السري الى قاضي التحقيق اذا دعت الضرورة الى ذلك شريطة المحافظة على السرية التي كفلها القانون . ثالثا"ـ اجازت الماده (60/جـ) من قانون اصول المحاكمات الجزائية سماع المشتكي والمدعي بالحق المدني شاهدا" في دعواه مما يعني جواز الجمع بين صفة الشاهد والمدعي في دعوى واحده وينصرف ذلك الى المخبر ، لكن هذه الحالة لاتتحق بالنسبة للمخبر السري التي تقوم على فكرة طلبه ان لايكون شاهدا" في الدعوى . رابعا"ـ يتم عد الشاهد سريا" بناء على طلبه ولا يملك قاضي التحقيق صلاحية في تقدير ذلك انما مرجع تقدير الامر للشخص نفسه . المخبر السري والمخبر الخاص اذ تأخذ الكثير من الدول بنظام استخدام شركات الحماية الخاصة التي يعهد اليها بمزاولة مهنة الحماية التي تتطلبها الاشخاص الطبيعية او المعنوية لقاء اجر . كذلك تجيز طائفة من التشريعات للاشخاص غير الحكومية مزاولة مهنة التحري عن الجرائم وجمع المعلومات لمن يطلبها من الاشخاص لقاء اجر ، وعليها في سبيل ذلك الحصول على اجازة او رخصة لمزاولة المهنة من الجهة المخولة بذلك . بالمقابل يضفي القانون على هذه التحريات طبيعة قانونية معينة ويجيز تحريك الدعوى على اساسها . من هذا الاتجاه الولايات المتحدة الامريكية حيث تسمح بتأسيس شركات التحريات الخاصة وعمليا" تؤدي هذه الجهات دورا" مهما" في معاونة الشرطة في كشف غموض العديد من القضايا المجهولة واظهار الحقيقة فيها سواء اكانت مؤيدة للاتهام ام البراءة كلا" حسب احواله(1) . لكن لاتقابل بين اختصاص المخبر السري والمخبر الخاص من حيث ان المخبر الخاص مهنة يزاولها شخص وفق ضوابط معينة ولقاء اجر على خلاف المخبر السري الذي يمثل صورة من صور الاخبار عن الجرائم يتولاها شخص في قضية معينة دون اجر حيث يمكن ان يكون متضررا" من الجريمة او غير ذلك ، ولا يخل بهذا المعنى ما تنص عليه بعض التشريعات من مكافأة مالية للمخبرين . كما ان المخبر السري ينتهي دوره وصفته في حدود الدعوى التي باشر الاخبار فيها ولا يتعدى ذلك الى دعوى اخرى بينما المخبر الخاص يمارس ذات الدور والصفة في الدعاوى التي توكل اليه . ثم ان الطبيعة القانونية للمخبر السري لاتتطابق مع المخبر الخاص لأن المخبر السري يباشر دوره في مرحلة الاخبار عن الجريمة وهي الوسيلة التي تتحرك بها الدعوى الجزائية بينما المخبر الخاص يباشر دوره في مرحلة التحري وجمع الادلة وهي مرحلة سابقة على تحريك الدعوى الجزائية وليست بالضرورة تؤدي اليها . اذ يمكن ان ينتهي دور المخبر الخاص في مرحلة دون ان يلحقها تحريك الدعوى الجزائية . كذلك يختلف نطاق الجرائم التي يرد عليها الاخبار السري عن الجرائم التي تكون محلا" لعمل المخبر الخاص ، حيث ان الاخبار السري يرد في الغالب على جرائم معينة دون سواها كالجرائم التي لاتحرك الدعوى فيها الابناء" على شكوى من المجني عليه او من يقوم مقامه قانونا" بينما يتناول عمل المخبر الخاص كافة الجرائم مالم ينص القانون على غير ذلك . كما ان طبيعة عمل المخبر الخاص ـ على رأي ـ فيها مساس بالنطام القانوني للكثير من الدول وتداخل في الاختصاصات المعقوده الى مؤسساتها الرسمية حيث يوكل امر التحري وجمع الادلة الى جهة حكومية وفق ضمانات قانونية ودستورية تكفل السيطرة عليها وتوجيهها من الدولة مما تعد خطوط لايمكن للقطاع الخاص الدخول بها والا كان هناك افتئات على اختصاصات الدولة وتعدي على خصوصية مواطنيها . بينما لاعلاقة للمخبر السري بهذا الامر لانه يمارس وظيفة الاخبار فحسب . المخبر السري والمرشد يعرف المرشد أنه ( الفرد من الاهالي الذي يستخدمه رحال المباحث في عمل ابحاثهم السرية وتحرياتهم في نظير اجر يعطى له )(1). حيث يمكن التمييز بين انواع من المرشدين على اساس الاستمرار، الى مرشد دائمي ومرشد مؤقت ومرشد بالصدفة . ويقصد بالمرشد الدائمي هم الاشخاص الذين يتم اختيارهم وتجنيدهم من اجهزة الامن لجمع المعلومات ويعملون بصورة سرية، اما المرشد المؤقت فهم غالبا من افراد المجتمع الصالحين الذين يسعون لتقديم ما لديهم من معلومات دون الحصول على مقابل طواعية منهم ثم تنقطع صلتهم باجهزة الامن بانتهاء تلك الواقعة او الحدث ، اما المرشد بالصدفة فهو الشخص الذي يدلي بمعلومات عن قضية معينة اتصل علمه بها مصادفة(2) . وللتفرقة بين المرشد والمخبر فأن المرشد يتعامل مع اجهزة الشرطة ولا يتعدى ذلك الى المحقق او قاضي التحقيق او المحكمة بينما ينحصر اتصال المخبر السري في قاضي التحقيق . كما يقدم المرشد معلوماته مقابل اجر على خلاف المخبر السري الذي لايتقاضى اجرا"عن الاخبار . كذلك يتم اعداد المرشدين وتأهيلهم للقيام بالواجبات المنوطة بهم ولا ينصرف ذلك الى المخبر السري الذي تحققت به هذه الصفة لاتصال علمه بالواقعة محل الاخبار. ثم ان المرشد يتم اختياره من اجهزة الشرطة والامن وفي الغالب يتم اختياره من بين المحكومين الذين يخلى سبيلهم من السجن او يطلق سراحهم من التوقيف بكفالة بينما المخبر السري لايتم اختياره انما يتقدم للاخبار من تلقاء نفسه . الفصل الثالث قيمة الاخبار السري في الاثبات تنص الماده (213/أ) من قانون اصول المحاكمات الجزائية على أن (تحكم المحكمة في الدعوى بناء على اقتناعها الذي تكون لديها من الادلة المقدمة في اي دور من ادوار التحقيق او المحاكمة وهي الاقرار وشهادة الشهود ومحاضر التحقيق والمحاضر والكشوف الرسمية الاخرى وتقارير الخبراء والفنيين والقرائن والادلة الاخرى المقررة قانونا")[FONT=`Times New Roman`][1]
مما يعني ان للقاضي الحرية في أختيارة الدليل من اي مرحلة من مراحل الدعوى فله ان يستمد اقتناعه من الدليل المطروح في مرحلة التحقيق الابندائي ولا يأخذ بالدليل المقدم في مرحلة المحاكمة وان يبني اقتناعه على الدليل الذي ثبته المحقق ويطرح الدليل المؤدى أمام قاضي التحقيق وان يعتمد دليلاً" مستمدا" من مرحلة التحري وجمع الادلة ويطرح الدليل الذي تم تثبيته في مرحلة المحاكمة ذلك ان المشرع لا يعنى في مرحلة الدعوى التي يؤدي فيها الدليل. كما يعطي القانون للمحكمة السلطة في اختيار الدليل فلا يضفي كمبدأ عام على الادلة قيمة تدليلية معينة انما تعتمد قوة الدليل على تقدير المحكمة فمن الممكن ان ترجح المحكمة في دعوى القرائن على الاقرار او الشهادة على القرائن او الشهادة على الاقرار وسواها وان تفعل العكس ومرجع ذلك كله تقديرها ولا يخل بهذا المبدأ ما اورده المشرع من تعداد للادلة لان هذا التعداد لم يبين الادلة على سبيل الحصر بدليل النص على عبارة (والادلة الاخرى المقررة ) بحيث يجوز للمحكمة ان تعتمد على دليل اخر غير الادلة الواردة في نص الماده (213/أ) وما ترتيب الادلة في نص المادة (213) بمقصود فيه تسلسها على اساس قيمتها في الاثبات انما القيمة مرجعها القناعة القضائية فما يصلح من الشهادة في اثبات واقعة في دعوى معينة لايصلح كذلك في دعوى اخرى . اضافة الى سلطة المحكمة في وزن وتقدير كل دليل على حدة كالمواد (215) (216) (217) (219) (220) من قانون اصول المحاكمات الجزائية .بحيث تستطيع ان تأخذ المحكمة بالدليل او تهمله او تجزأه مالم ينص على خلاف ذلك لكن هذا لايعني تخويل القاضي سلطة تحكمية مطلقة في تقديرقيمة الدليل أنما هناك قواعد قانونية تحدد أسلوب البحث عن الدليل واسلوب تقييمه فأن خولفت هذه القواعد كان محظورا" على القاضي استمداد أقتناعه منه(1) فلا يجوز للمحكمة ان تستند في حكمها الى دليل لم يطرح للمناقشة او لم يشر اليه في الجلسة ولا الى ورقة قدمها احد الخصوم دون ان يمكن باقي الخصوم من الاطلاع عليها. وليس للقاضي ان يحكم في الدعوى بناء على علمه الشخصي(م212) ومقتضى هذا انه يجب ان يكون اقتناع القاضي مبنيا" على دليل له اصل في اوراق الدعوى فلا يجوز للقاضي ان يحكم بناء على معلوماته الشخصية او بناء على ما راه او سمعه في غير مجلس القضاء. ويبنى على ذلك عدم جواز الاعتماد على دليل سري لم يتح للخصوم الاطلاع عليه ومناقشته بل من حق اطراف الدعوى الاطلاع على اي ورقة من اوراق الدعوى . كما يضع القانون قيودا" او ضوابط على بعض الادلة كأن لاتكفي الشهادة الواحدة سببا" للحكم (213/ب) وهو قيد تحتجب امامه سطلة القاضي في الاقتناع ويحتبس المشرع لنفسه سلطة تقدير الدليل لانه حكم على عدم صلاحه بصرف النظر عن قناعة المحكمة فيه . ثم أن الادلة في الدعاوى الجزائية متساندة يكمل بعضها بعضا" ومنها مجتمعة تتكون عقيدة القاضي فلا ينظر الى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الادلة بل يكفي ان تكون الادلة في مجموعها كوحدة مؤدية الى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اكتمال قناعة المحكمة وأطمأنانها الى ما أنتهت اليه(2) . ويجب ان يكون الدليل الذي يعول عليه الحكم مؤديا" الى مارتبه عليه من نتائج في غير تعسف في الاستنتاج ولا تنافر مع حكم العقل والمنطق (3) و بناء" على تلك القواعد فأن الاخبار السري عن الجريمة دليل من ادلة الدعوى الجزائية و للمحكمة السلطة في تقدير هذا الدليل ، دون اخلال بالضوابط القانونية التي تحكم تلك السلطة . فأذا كان المبدأ ان الاخبار بشكل عام من الادلة القولية وهو في منزلة الشهادة لان الماده (60/جـ) من قانون اصول المحاكمات الجزائية اجازت ان يكون المشتكي شاهدا" في دعواه ، فأن الاخبار يقارن بالشهادة على سبيل الاستدلال وليس بالشهادة الكاملة لأن الاخيرة تقترن بيمين دون الاولى حيث تعد الشهادة المؤداة دون يمين بالشهادة على سبيل الاستدلال . والاخبار السري بهذا الوصف لا يمثل دليلا" كاملا" أنما دليل ناقص لانه لا يتمتع بالضمانات الاجرائية التي يكفلها القانون للدليل ، وبالتالي لا يجوز بناء الحكم على الاخبار السري وحده لان القانون منع ان تكون الشهادة الواحدة سببا" للحكم الماده (213/ب ) اضافة الى أن الاخبار السري دليل ضعيف من جهة خروجه عن الاصل الذي يحكم الشهادة من حيث لزوم المواجهة(1) والمشافهة والمناقشة(2) . لأن المخبر السري لايحضر امام المحكمة ولا يمكن للادعاء العام او الخصوم مناقشته . لكن لايمنع ان يكون الاخبار السري مؤيدا" لأدلة اخرى داعما" لها متساندا" معها بحيث اذا رفع عن الدعوى لم يتبين اثره في العقيدة التي انتهى الحكم اليها . آية ذلك ان يكون الاخبار السري محلا" لاستفادة قاضي التحقيق والمحقق في الوصول الى الادلة وليس في ذاته دليلا" يعول القانون عليه بالادانة . بمعنى ان تبحث جهة التحقيق من خلال الاخبار عن الادلة المؤيدة له فأن وجدت ذلك أصبحت تلك الادلة مبنى الادانة وليس الاخبار السري بذاته ويغني في ذلك النعي على الاخبار السري عدم صحته لان الادانة لاتبنى على ذلك الاخبار. الفصل الرابع تقدير المخبر السري ان الاعتراف التشريعي بالاخبار السري يمكن حمله على مبررات تتمثل بأن هناك الكثير من جرائم الحق العام ذات الطبيعة المهمة بالنسبة للنظام الاجتماعي التي لم يتم تحريك الدعوى الجزائية عنها ولم يتصل علم جهات التحقيق بها رغم معرفة البعض بها . وقد يرجع الامتناع عن الاخبار الى الخشية على شخص المخبر من الاعمال الانتقامية التي يمكن ان تلحق به . وبذلك تعلوا مصلحة المجتمع في كشف الجريمة عن طريق الاخبار على الضمانات القانونية للمتهم التي يمكن ان تخل بها هذه الوسيلة من الاخبار . وقد يدعم هذه الوجهة ضعف المسؤولية الاجتماعية في الاخبار عن الجرائم . واذ يعد الاخبارالسري عن الجريمة من طرق تحريك الدعوى الجزائية فأنه استثناء على الاصل العام الذي يحكم وسائل تحريك الدعوى من حيث العلانية لأن الدعوى الجزائية تحرك بوسيلة علنية وهي ضمانة اساسية من الضمانات التي ينبغي ان يكفلها القانون للمتهم . وان الاستثناء على ذلك أمر ينبغي أن يقدر بضرورته كي لايعصف بالحريات العامة ، كذلك الامر مع المواجهة لأن المبدأ الذي يحكم عرض ادلة الدعوى مكفول بالمواجهة فالمتهم يواجه الشاهد والمشتكي او المخبر وله الحق في مناقشته . كما أن للاخبار السري سلبيات عديدة لأنه يمكن ان يكون وسيلة للاخبارات الكيدية عندما ينأئ المخبر السري عن معرفة الاخرين . وتسهم في تعزيزالانحراف في استعمال الاخبار السري الاجراآت التي تتعلق بالدعوى الجزائية عندما لاتقوم جهات التحقيق بالدور اللازم في البحث عن ادلة الجريمة واثبات مدى صحة الاخبارات بحيث يصبح الاخبار السري وسيلة ناجعة في الاضرار بالاخرين. وقد يؤدي ذلك الى سوء استعمال الاخبار السري عندما لايقوم قاضي التحقيق بتوجيه التحقيق الابتدائي على نحو صحيح بأتجاه كشف الحقيقة كما تؤدي قرارات قاضي التحقيق بتوقيف المتهم وتمديد التوقيف على نحو غير ضروري رغم وجود الصلاحية القانونية لأطلاق سراح المتهم بتعهد شخصي أو كفالة الى خروج التوقيف على غير مقتضاه القانوني وفلسفته التشريعية فيصبح الاخبار السري وسيلة للتوقيف ويصبح التوقيف غاية لبلوغ مقاصد التنكيل بالموقوف. لذلك عمد مجلس القضاء الاعلى الى توجيه الجهات القضائية لضوروة لضرورة التحري عن صحة الاخبارات عن الجريمة وعدم استعمالها وسيلة لتبرير التوقيف. وحيث ان المشرع يحيط مصلحة المجتمع في صحة الاخبار عن الجريمة بأطار التجريم لذلك نصت المادة (243) على أن (كل من اخبر كذبا احدى السلطات القضائية او الادارية عن جريمة يعلم انها لم تقع او اخبر احدى السلطات المذكورة بسوء نية بارتكاب شخص جريمة مع علمه بكذب اخباره، او اختلق ادلة مادية على ارتكاب شخص ما جريمة خلاف الواقع، او تسبب باتخاذ اجراءات قانونية ضد شخص يعلم براءته وكل من اخبر السلطات المختصة بأمور يعلم بانها كاذبة عن جريمة وقعت، يعاقب بالحد الاقصى لعقوبة الجريمة التي اتهم بها المخبر اذا ثبت كذب اخباره وفي كل الاحوال ان لا تزيد العقوبة بالسجن عشر سنوات ) ونصت المادة (245) من القانون على أن (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة واحدة وبغرامة لا تزيد على مائة دينار او باحدى هاتين العقوبتين كل من كان ملزما قانونا باخبار احد المكلفين بخدمة عامة بصفته الرسمية عن امر فاخبره بامور يعلم انها كاذبة وكل من اخبر احد المكلفين بخدمة عامة بصفته الرسمية بامور يعلم انها كاذبة قاصدا بذلك حمله على عمل شيء او الامتناع عن عمل خلافا لما كان يجب عليه القيام به لو ان حقيقة الواقع كانت معلومة لديه.) وهو ما يسري على الاخبار السري بوصفه نوع من الاخبار يعاقب المشرع على الكذب فيه . وأذ يلاحظ هناك دعوات كثيرة لألغاء النصوص الخاصة بالاخبار السري في القانون العراقي لكونه اصبح وسيلة للتنكيل بالاخرين الا ان هذه الدعوات لاتقف على حقيقة المشكلة في الاخبار السري لان ما تلحق به من مساوئ ليس مصدرها القانون الذي تضمن مبدأ الاخبار السري انما استعماله على نحو لا يتفق وحكم القانون اضافة لوجود خلط غير مبرر بين فكرة المخبر السري وهو من يتقدم للاخبار عن جريمة من الجرائم المشمولة بهذا الاخبار وطلب عدم كشف اسمه مع من تعهد اليهم جهات الشرطة والامن بمهمة تزويدها بالمعلومات عن الجرائم لقاء اجر لان النوع الثاني ليس هو المقصود بالمخبر السري في القانون العراق أنما له وضع اخر.
ولعل مبدأ مكأفاة المخبرين الذي أعتمدة المشرع في قانون مكافأة المخبرين على فرض انصراف نطاق سريانها على المخبر السري من الوسائل التي تسهم في تكريس هذا النوع من الاخبار على نحو صحيح خصوصا" حين يقترن مبدأ المكافأة مع عناصر الصحة في الاخبار كالنص على ان يؤدي الاخبار الى القبض على الجناة او استرداد المال المسروق او المختلس . الخاتمة أن المخبر السري ليست حالة يتفرد بالنص عليها قانون اصول المحاكمات الجزائية أنما تأخذ بها التشريعات الجزائية المقارنة بشكل او بآخر وأن العيب فيها لا يرجع الى عيب في الفكرة القانونية القائمة عليها انما الى وسيلة استعمالها . وتبقى الحاجة قائمة اليها رغم ما يلحق بها من سلبيات الا ان الارتقاء بها ليس وظيفة المجتمع وحده انما وظيفة الجهات المختصة بالتحقيق.

[/FONT]