لقد رأينا وعايشنا ما مرت به أمتنا العربية والاسلامية من ثورات متتالية، ومازلت تمر به وتقاسيه من ويلات تلك الثورات والمطاحن البشرية ان جاز التعبير، وما ترتب عليها بعد ذلك من تغييرات كبيرة في ظروف المعيشة والآثار الجسدية والنفسية التي خلفتها تلك الثورات، على الصعيدين الداخلي والخارجي.
ونتيجة للجوء الواسع لأهالي تلك البلدان الى الدول المجاورة وغيرها من البلدان العربية التي لم تقاس تلك الثورات فقد أفرز ذلك الانتقال والتواجد المفاجيء والكثيف أموراً كثيرة جداً قد لايعي مدى عمقها وصعوبتها الا من عايشها.
فكيف ياترى سيكون الحال حين تهرب أسرة بكل أفرادها أطفالا ونساء وشيوخاً الى بلد مجهول بالنسبة لهم لايعرفون أين سيعيشون وهل سيستطيعون بامكانياتهم المعدومة على الأغلب من الحصول على سكن وهل سيستطيعون العمل في ذلك البلد وكسب رزقهم، وكيف لأطفالهم الهاربين حتى دون الحصول على أوراقهم الرسمية وشهاداتهم من المدارس مواصلة الدراسة والالتحاق بصفوف التعليم في البلد الجديد.
وان تمكنوا من ذلك فكيف سيكون استيعابهم لمناهج لايعلمون عنها شيئاً وكيف ستكون نفسياتهم ومعاملاتهم من الآخرين بعد الانخراط في سوق العمل والحصول على وظيفة تعيل عائلاتهم ان كان عدد كبير جدا من أبناء هذا البلد المضيف عاطلا عن العمل منذ سنوات.
وكيف ياترى ستكون حياة نساء فقدن الكثير من أهلهن في الثورة وفقدن بين ليلة وضحاها الأهل والمال وربما الزوج والأخ والولد.
والكثير الكثير من تفاصيل الألم والضياع والمعاناة التي تجعل من التعايش في الحياة الجديدة أمراً صعباً ومؤلما لهذه الشعوب المتضررة.