ويُنْسَبُ اختراع هذا العلم واستخراجه إلى الوجود إلى الخليل بن أحمد الفراهيدي - شيخ سيبويه،
ومُصَنِّف كتاب (العين) أول معجم يحصر لغة أُمَّة من الأمم - حيث تَتَبَّعَ أشعار العرب وحصرها في خمسة عشر وزنًا، وسمى كلاًّ منها بحرًا،
وقد قيل: إنما وضعه أحمد، وهذَّبه الجوهري ، وزاد الأخفش بحرًا آخر سمَّاه (المُتَدَارَك).
يقول حمزة بن الحسن الأصبهاني: "فإن دولة الإسلام لم تُخْرِجْ أبدع للعلوم التي لم يكن لها عند علماء العرب أصول إلاَّ من الخليل،
وليس على ذلك برهان أوضح من علم العروض، الذي لا عن حكيمٍ أخذه، ولا على مثالٍ تقدَّمه احتذاه... فلو كانت أيامه قديمة، ورسومه بعيدة،
لشكَّ فيه بعض الأمم لصنعته ما لم يصنعه أحد منذ خَلْق الدنيا من اختراعه العلمَ الذي قَدَّمْتُ ذِكْرَه، ومن تأسيسه بناء كتاب (العين)
الذي يحصر لغة أُمَّة من الأمم قاطبة، ثم مِنْ إمداده سيبويه من علم النحو بما صنَّف منه كتابه الذي هو زينة لدولة الإسلام".
وقال اليافعي: "وهو (الخليل) في اختراعه علم العروض، الذي هو لصحَّة الشعر وفساده ميزان، كأرسطو طاليس الحكيم في اختراعه علم المنطق،
الذي هو ميزان المعاني وصحَّة البرهان". وجاء أن الخليل بن أحمد دعا وهو بمكة أن يرزقه الله تعالى علمًا لم يسبقه أحدٌ إليه، ولا يؤخذ إلاَّ عنه،
فرجع من حَجِّه ففتح الله عليه بعلم العروض، وكانت له معرفة بالإيقاع والنغم، وتلك المعرفة أحدثت له علم العروض؛ حيث إنهما متقاربان في المأخذ.
منقول ..