لا تحتاج شعوبنا العربية إلى الثورة على حكامها وأنظمتها الاستبدادية، بقدر حاجتها إلى الثورة على أنفسها وما تؤمن به من قيم وعادات وسلوكيات سيئة في كل مجالات الحياة ومنها ضعف الأداء في العمل وغياب الانتاج. للأسف، دائما ما تكشف الإحصاءات والاستبانات والبيانات التي تصدرها جهات مختلفة عن تخلف عربي كبير. لنأخذ على سبيل المثال معدلات القراءة في الدول العربية، ففي الوقت الذي يقرأ المواطن الأوروبي بمعدل 35 كتاباً في السنة، والإسرائيلي 40 كتاباً في السنة، فإنّ 80 مواطنا عربيا مجتمعين يقرأون كتاباً واحداً في السنة.
ومن جهة أخرى، طبقا لدراسة نشرتها مجلة "لانسيت" الصحية قبل انطلاق دورة الألعاب الأولمبية الصيفية التي أقيمت في العاصمة البريطانية "لندن" العام الماضي، تأتي الدول العربية في قائمة الدول الأكثر كسلا في ممارسة الرياضة.
أما آخر الاحصاءات المحبطة جدا فكانت معدل الوقت الفعلي لإنتاجية الموظف العربي، ففي الاسبوع الماضي بثت الجزيرة الإخبارية في نشرتها الاقتصادية تقريرا عن معدل إنتاجية الموظف العربي كشفت فيه أنه لا يتجاوز 18 دقيقة في اليوم، بينما يبلغ معدل انتاجية الموظف الأوروبي والياباني 7 ساعات يوميا.
وبيّن التقرير أن من أهم أسباب قلة انتاجية الموظف العربي هي عدم التزامه بساعات العمل الرسمية سواء بالحضور متأخرا، أو الخروج قبل انتهاء ساعات الدوام الرسمي، علاوة على الاستئذان المتكرر للخروج أثناء ساعات العمل. ومن الأسباب الأخرى أيضا الانشغال بالأحاديث الجانبية والتواصل مع الآخرين في غير أمور العمل إما وجها لوجه، أو بالوسائل التكنولوجية كالهاتف والجوال، أو الدردشة عبر الانترنت. كما تضيع ساعات العمل بتصفح مواقع الإنترنت، إلى جانب الاكثار من شرب الشاي والقهوة.
لا يمكن أن تتحقق أي تنمية في عالمنا العربي بعيدا عن تنمية ثروتها البشرية، ومن المؤسف أن هذه الثروة لا تولي اهتماما بالعمل والانتاجية.
منقول