سوق الخان" جنوب لبنان صامد منذ 648 عامًا
جانب من سوق الخان
(الأناضول)
منذ 648 عامًا، لا يزال "سوق الخان" فى منطقة وسطية بقضاء مرجعيون- حاصبيا جنوبى لبنان يحافظ على بساطته.
وكأن كل ما حملته العصور المتوالية من نهضة وعمران لم يدق باب هذا السوق، فلا زال سكان المنطقة ينصبون بسطاتهم (التى يعرضون عليها بضائعهم) على ألواح خشبية أو حتى يعرضون بضائعهم أمام سياراتهم، التى تزور الخان يوم الثلاثاء من كل أسبوع منذ عشرات السنين.
هذا السوق أنشئ عام 1365م على يد والى المنطقة أبو بكر باشا (الشهابى) من أجل إيواء القادمين من أنحاء جبل عامل، والعرقوب، وبلاد الحولة، وصفد فى فلسطين إلى بلاد البقاع وسوريا من الناحية الشمالية.
وكما شُيِّد السوق فى تلك الحقبة من الحجر القديم والكلس (حجر جيرى) والتراب الأبيض (الجير).
آنذاك، كان الناس يقصدون الخان للإيواء أو لعرض البضائع التى كانوا يحملونها على ظهور البغال والجمال وغيرها من الدواب، وكانوا يتصرفون فى بضائعهم عبر التبادل، أى "رزق برزق" (مقايضة بضاعة ببضاعة)، ومن أهمّ البضائع التى كانت رائجة فى ذلك الزمان: المواشى والحبوب.
واليوم، يمتد السوق، الممتد على مساحة تزيد على الثلاثين ألف متر مربّع، وتنتشر فيه "بسطات" بيع الفلافل واللحوم المشوية، وتعتبر من أهمّ ما يجتذب الناس إلى السوق، فضلاً عن البضائع زهيدة الأثمان، والتى يحضرها البائعون من مناطق "ميس الجبل وحولا وعديسة وكفر كلا وإبل السقى والخيام والقليعة وشويا وكفر شوبا وعين قينيا" وغيرها من البلدات اللبنانية.
وأسبوعياً، يتوافد المئات إلى سوق الخان لشراء بضائعهم بأسعار زهيدة، ويزوره أيضاً عدد كبير من السائحين، الذين يجذبهم شكل السوق القديم والبسيط، والذى يقع فى مناطق جبلية خضراء شاسعة.
ويقول أبو هانى، وهو أحد المعمّرين (90 عاماً) فى منطقة حاصبيا، لمراسلة "الأناضول": "إن أهميّة هذا السوق تكمن فى موقعه الجغرافى فى نقطة وسط بين وادى التّيم وجبل عامل وسوريا وفلسطين والأردن، مما يجعله ملتقى للحضارات".
ويضيف أبو هانى، الذى رفض التقاط صورة له: "لا شك أنه، ومع مرور السنوات، وبعد بناء المجمّعات التجارية الضخمة، تراجعت أهمية الخان الاستراتيجية، لكنّه يبقى قبلة للمئات من الذين لا يزالون يحنون لأيام البساطة الجميلة البعيدة عن تعقيدات الأسواق الحالية وبضائعها باهظة الثمن".