قطارة الامام علي (ع)
على بعد 15كم جنوب كربلاء، وفي الطريق المؤدي الى واحة عين التمر، هناك طريق ترابي يؤدي الى اثر تأريخي يسمى بقطارة الامام، اما قصة هذه القطارة، فكما تذكر الروايات انه بعد عودة الامام علي(ع) من معركة صفين، أصاب جيشه عطش كبير، في صحراء تلك المنطقة، وقد التقى اثناء مسير الجيش براهب، وسط صحراء، حيث اخبره بعدم وجود الماء في المنطقة، ولمسافة لا تقل عن فرسخين، فدعا الامام اصحابه للتجمع، وحفر الارض، في مكان توجد فيه صخرة، وبعد رفع هذه الصخرة مباشرة، انبثق الماء من تحتها بغزارة، فشرب منها الجيش واغتسلوا.
المكان عبارة عن حفرة صغيرة، لا تزيد مساحتها عن متر مربع، تقع تحت سن صخري حاد، وبقطر الماء من هذه الصخرة والغريب انه لاتوجد في هذه المنطقة الصحراوية سوى هذه السنون الصخرية. كما كانت توجد على بعد اقل من متر من هذه القطارة نخلة جميلة عالية، الا ان العابثين، قاموا باقتلاعها، لإزالة هذا الاثر الجميل، وقد تم مؤخراً زراعة فسيل نخلة لتحل محل تلك النخلة الزاهية.
يمر جيش الإيمان وعلى رأسه الإيمان كله، كما قال الرسول الكريم (ص) في معركة الخندق للإمام علي بن أبي طالب (ع) حينما خرج لقتال رأس الشرك والكفر عمرو بن ود العامري.
"لقد خرج الإيمان كله للكفر كله"، كيف لا؟ وهو مدينة العلم وأول الناس إسلاما وأقدمهم إيماناً، ذلك علي بن أبي طالب (ع).
يمر الجيش قاطعاً قلب الصحراء ويزداد العطش، ولابد لقائد المؤمنين من سبيل لايجاد الماء لسقاية الجند والخيل والدواب المرافقة للجيش.
حينما أخذنا الطريق من كربلاء وفي وسط الصحراء قبل الوصول الى منطقة (واحة) عين تمر، أوقفتنا الرايات المنصوبة باتجاه الشرق من الطريق، حيث انتشار الرايات واللافتات التي تشير من هنا الطريق الى (قطّارة) الإمام علي (ع).
مزار وموقع سياحي
الطريق يوصلنا الى حافة أحجار كبيرة تغطي موقع (القطّارة) حيث ينزلك مباشرة اليها، لانها بين صخور كبيرة، كأنها سلسلة جبلية وعند إلتقاء طريق تلين او صخرتين ثمة قبة خضراء تعلو بناء مربع الشكل هو مكان (قطّارة) الإمام علي (ع)، الذي أصبح مزارا لكل من يريد ان يزور المنطقة، وأمام البناية او المزار هناك يافطة كتب في أعلاها معجزة الصخرة وخط عليها بخط جميل (كيف أصبح هذا المكان عين ماء؟).
أدخلنا المشرف على (القطّارة) وخادم المزار الى باحة المسجد وهو يقول:
لقد حارب النظام السابق هذا المكان بقوة من خلال محاربتي أنا، حيث زجّني عناصر النظام في السجن حين قدمت طلبا لبناء عين الماء، لكي تكون معلماً من معالم وآثار ومناقب الإمام علي (ع)، ولكن بعدها وحينما سقط النظام المباد عدت وعملت على بناء هذا المسجد وحميت عين الماء ومازلت مستمرا في إعمار هذا المكان المقدس.قصة (القطّارة)
روي ان أمير المؤمنين (ع) حينما توجه الى صفين اصاب أصحابه عطش شديد، ونفد ما كان عندهم من ماء، فأخذوا يمينا وشمالا يلتمسون الماء، فلم يجدوا له أثرا، فعدل بهم أمير المؤمنين (ع) عن الجادة، فساروا قليلا واذا براهب في دير له وسط البرية، سألوه عن الماء، قال الراهب: بينكم وبين الماء أكثر من (فرسخين) ثم ساروا قليلا، فقال الإمام لجنده: اكشفوا عن هذا الينبوع، واذا بصخرة عظيمة تلمع، اجتمعوا عليها ليزحزحوها فلم يتمكنوا، قال لهم: أعجزتم عن ذلك، قالوا: بلى، ثم لوى الامام رجله عن سرجه حتى صار على الأرض، ثم حسر ذراعيه ووضع أصابعه تحت جانب الصخرة فحركها ثم قلعها بيده، ودحا بها أذرعا كثيرة، فلما زالت عن موضعها نبع الماء من تحتهافشربوا من ذلك الماء وكان أعذب ماء شربوا منه، فقال الراهب للإمام: من أنت؟ هل أنت نبي؟ قال الإمام: لا، فقال الراهب: هل أنت ملك مقرب؟ قال: لا أنا وصي نبي، فقال الراهب للإمام: أمدد يدك، ثم أسلم، ثم سار الراهب بعد إسلامه مع الإمام (ع) الى (صفين) واستشهد بين يدي أمير المؤمنين (ع).
هذه الرواية تحقق ثلاثة أدلة، أولها قدرة الإمام علي (ع) العلمية على معرفة الأشياء واستخدامه لمنطق الأرض وعلومها، وأنه كان عليما بعلوم بواطن الأرض وجيولوجيتها، بحيث عرف ان تحت هذه الصخرة ماء، وهذا يعني ان العلم مفتاح الحلول، والامر الثاني ان أرض كربلاء مر بها التأريخ بجميع حقبه وان فيها مسيحيين ولهم فيها دير وهذا ما يؤكد وجود أقدم كنيسة في الشرق الأوسط هناك، وثالثهما ان العراق كان ممرا للعالم أجمع وأرض كربلاء احد هذه الممرات الى الشرق والغرب وان الحياة كانت عظيمة وكبيرة.
استراحة القوافل
ان هذه العين تروي كل من يقطع الصحراء، وربما لم يكن أحد يعرف انها (قطّارة) الإمام علي (ع) الا في سبعينات القرن الماضي، وكان الرعاة يمرون بقربها لأنهم يدركون ان هناك ماء في المنطقة وهذه (القطّارة) تقطّر الماء من تحت الصخرة وتعيده الى حوض تحتها، ولا أحد يعرف من أين يأتي الماء لأنه لا ينقطع، وتشير الدلائل الى ان المكان كان موحشا وبالقرب من الصخرة كانت هناك نخلة وهي دليل الرعاة والمارين من القوافل والمسافرين وعابري السبيل.
وبعد مرور سنوات قليلة على سقوط النظام الدكتاتوري تم إكساء الطريق المؤدي الى (قطّارة) الإمام (ع) وتم تشييد قبة إسلامية جميلة على المشهد فضلا عن الخدمات الصحية والماء وغيرها من الخدمات مثل إنشاء حديقة تمت زراعتها بأصناف كثيرة من الأشجار، فضلا عن أشجار النخيل، أما ماء السقي الذي يسقي المزروعات فقد تم حفر بئر ارتوازية لسقايتها.دواء وشفاء وتبرك
في داخل عين الماء نصبت مقطورة كهربائية تسحب الماء الى حوض خارجي يجمع فيه الماء، ويأخذ الزوار ما يريدون مجانا للشفاء والتبرك، حيث حدثنا السيد خادم (القطّارة) فقال: ان الزوار تأتي لمقام و(قطّارة) الإمام علي (ع) من كل مدن العراق للزيارة والتبرك، ومشاهدة هذه المعجزة الإلهية على يد الإمام علي (ع) وتأخذ ماء كثيراً للشفاء من الامراض وطلب الرزق والإنجاب، وقد استجاب الله (تعالى) ببركة الإمام علي (ع) للعديد من الزوار بهذا المكان المبارك.
الشرق والغرب
يقول الباحث عبد الأمير إحسان: إن هذه الرواية تحقق ثلاثة أدلة أولها قدرة الإمام علي العلمية على معرفة الأشياء واستخدامه لمنطق الأرض وعلومها وانه كان عليما ببواطن علوم الأرض وجيولوجيتها، بحيث عرف أن تحت هذه الصخرة ماء وهذا يعني أن العلم هو مفتاح الحلول، والأمر الثاني هو ارض كربلاء كلها تاريخ وان فيها مسيحيين وديرا لهم وهذا ما يؤكد وجود أقدم كنيسة في الشرق الأوسط هناك وثالثهما إن العراق كان ممرا للعالم اجمع وان ارض كربلاء هي احدى هذه الممرات إلى الشرق والغرب وان الحياة كانت عظيمة وكبيرة ..فيما يقول المواطن جبار مهدي وهو من سكان المنطقة إن هذه القطارة كانت تروي كل من يقطع الصحراء وربما لم يكن احد يعرف انها قطارة الإمام علي إلا في سبعينيات القرن الماضي وكان الرعاة يمرون من قربها لأنهم يدركون ان هناك ماء في المنطقة..ويوضح أن القطارة تقطر الماء من تحت الصخرة وتعيده إلى حوض تحتها ولا احد يعرف من أين يأتي الماء لأنه لا ينقطع..ويشير إلى ان المكان كان موحشا وبالقرب من الصخرة كانت هناك نخلة وهي دليل الرعاة والمارين من القوافل والمواطنين.
سابقا ولاحقا
يقول الصحفي عادي الجحيشي وهو من سكان المنطقة أيضا..
مازلت أتذكر كيف إن السيارة التي كانت تقلنا توقفت عن الحركة بسبب الرمال وكان ذلك قبل سقوط النظام..
تركنا سيارتنا على الطريق العام ذات مرة واتجهنا صوب المقام (القطارة) مشيا على الأقدام، وكان طول الطريق كيلو متراً واحداً تقريبا وعندما وصلنا كان يصعب علينا النزول إلى القطارة لان المنحدر كان صعبا جدا وبعد الجهد والعناء رأينا الصخرة التي يخرج منها الماء إلا إننا لم نجد أية خدمات تذكر في ذلك المقام.
واليوم وبعد مرور سنوات قليلة على سقوط الصنم فقد تم اكساء الطريق وتم تشييد قبة إسلامية جميلة على المشهد بالإضافة إلى الخدمات الصحية والماء وغيرها من الخدمات مثل إنشاء حديقة غناء تمت زراعتها بأصناف كثيرة بالإضافة إلى أشجار النخيل أما ماء السقي الذي تتغذى عليه هذه المزروعات فقد تم حفر بئر ارتوازية لسقايتها.
ويضيف الجحيش: ما احزننا بعد زيارتنا لهذا المقام هو إن يد الإرهاب المقيتة وصلت إليه قبل إنشاء البناء ووضع حماية عليهبثلاث أو أربع سنوات فقد قاموا بقطع النخلة التي بجوار الصخرة وتم إلقاء القبض عليهم بعد أن قطعوا تلك النخلة الوحيدة التي كان يستظل بها الزائرون.