TODAY - January 10, 2011
اعتماد «طقوس» يومية مكررة مع الطفل.. يجلب له النوم الهادئ
الوالدان مسؤولان عن تعليم النوم للطفل الرضيع
كولون ألمانيا
كم كانت جداتنا على حق حينما كن يهدهدننا في أحضانهن ويغنين لنا ترانيمهن الجميلة قبل أن يضعننا في السرير.. فالعلم نفسه يقول الآن إنهن كن على حق لأن ممارسة هذه «الطقوس» يوميا تعلم الطفل الرضيع النوم بهدوء وعلى أحسن وجه.
الأطفال، كما يقول الباحثون من مركز التنوير الصحي الألماني (BZgA)، يجب أن يتعلموا النوم قبل أن يضمن الوالدان نومهم الهادئ. فالوليد الجديد، حسب الخبراء في نوم الطفل، يتعلم النوم خلال الأسابيع الأربعة أو الستة التي تلي ولادته، وهنا يتحمل الوالدان مسؤولية كبيرة عن تعليمه النوم، كما سيتحملان المسؤولية لاحقا عن تعليمه استخدام النونية. ويمكن لأي خطأ في تعليم الرضيع النوم خلال هذه الفترة أن يتسبب في صداع كبير للوالدين بسبب ظاهرة «الطفل الصارخ» التي تطلق على حالة الاستيقاظ المتعدد للطفل وبكائه خلال الليل.
القضية المهمة الثانية في نوم الرضيع هي اختلاف حاجة الأطفال الرضع للنوم كحاجة البالغين له. فالتجارب المختبرية والتاريخية تثبت أن بعض الأطفال يكتفون يوميا بـ12 - 14 ساعة نوم، في حين أن الجزء الأكبر منهم يحتاج إلى 18 - 20 ساعة نوم يوميا، هذا مع وجود حالات أخرى تتراوح بين هذين المعدلين. وهذه حقيقة ينبغي على الوالدين تشخيصها والتغلب عليها، ربما بمساعدة الطبيب، والتحلي بالصبر الطويل في التغلب عليها.
المهم خلال فترة الأسابيع الستة الأولى من حياة الرضيع يجب أن يلتزم الوالدان بطقوس تنويم معينة كي يضمنا نوم الطفل، مثل إرضاع الطفل في وقت محدد ومكان محدد، والخروج للتنزه في الهواء الطلق لتعبئة ما يكفي من الأكسجين والهواء النقي، تغيير الحفاضة، الحديث مع الطفل برقة أو الغناء له ثم وضعه في السرير. وينبغي أن تكون هذه الطقوس متكررة ومتشابهة كي يشعر الطفل بأن ساعة النوم قد حانت، وربما يتسبب أي تغيير في هذه الطقوس في بعث الاضطراب في نوم الطفل.
مسؤولية الوالدين
* الباحثة باربرا تيغلامب، من مركز التنوير الصحي الألماني (BZgA)، تقول إن الوالدين يتحملان المسؤولية الأولى عن «الطفل الصارخ» أو عن اضطراب نوم الطفل. وتؤكد على ضرورة انتظام طقوس التنويم مع حديثي الولادة بغية تعليمهم النوم. وتوصي الباحثة بضرورة فصل غرفة نوم الطفل عن نوم والديه، لأن أي حركة تصدر صوتا، أو أي شخير، أو خشخشة، أو ربما تغير الإنارة، قد يوقظ الطفل. ولا بأس من استخدام الأغاني أو الحكايات، أو حتى الموسيقى المسجلة على ألعاب الأطفال، لإشعار الطفل بأن وقت النوم قد حان.
ثم يجب أن يتعلم الوالدان الصبر على استيقاظ الطفل خصوصا في أيامه الأولى. ومن الضروري، عند أول استيقاظ، ألا يهرع الوالدان إلى الطفل ورفعه عن السرير أو هدهدته أو ما شابه، لأن السبب قد يكون «كابوسا» فقط، ويعود الطفل للنوم بعد دقائق. التسرع في التدخل قد يسبب استيقاظ الطفل بالكامل وبقاءه كذلك لفترة طويلة.
طقوس النوم واليقظة
* وينصح مركز التنوير الصحي، عند استيقاظ الطفل مساء، بعدم رفعه من السرير والاكتفاء أولا باتصال العيون مع الأم أو الأب لبعث الاطمئنان فيه، أو مسك يده برقة لفترة، أو التربيت على رأسه. إذ إن رفع الطفل من السرير مباشرة سيحول هذا التصرف إلى جزء من «الطقوس»، ويدفع الطفل بالتالي إلى انتظار رفعه من السرير كل مرة. ولا ينصح برفع الطفل من السرير، والبحث عن أسباب اضطراب نومه، إلا بعد فشل كل محاولات تهدئته الأخرى.
قد ينفع أحيانا تغيير الغرفة، أو الخروج في الهواء الطلق، أو إعادة الطقوس، أو الأخيرة منها مجددا، أي الرضاعة ثم تغيير الحفاضة، الأغنية وأخيرا النوم. ومن الممكن أرجحة الطفل بالطبع، إذا كان ذلك ضمن طقوس النوم اليومية، لكن لا يجوز للوالدين إذا فقدا أعصابهما، في كل الأحوال، «هزّه» بقوة لأن ذلك سيترك أضرارا صحية بعيدة المدى على الرضيع.
ولا ينبغي للوالدين، خصوصا الأم الحامل، أن تنسى أن التدخين خلال فترة الحمل، أو تدخين الوليد الجديد سلبيا، يؤدي أيضا إلى اضطراب نوم حديثي الولادة. مع ذلك تدخن 20% من النساء الحوامل في ألمانيا، ويعانين دائما من «صراخ أطفالهن» في الليل. وتثبت الأبحاث العلمية أن أطفال النساء الحوامل المدخنات يتحولون إلى بدينين كئيبين وهم في عمر تلاميذ المدارس. هذا ناهيك عن زيادة مخاطر التهابات الأذن الوسطى والتهاب قشرة الدماغ عند الأطفال الذين يعيشون في كنف والدين مدخنين. ويؤدي تدخين الأم الحامل إلى تضاعف مخاطر تعرض الطفل إلى الموت المفاجئ 8 – 16 مرة في الأشهر التسعة الأولى من حياته. كما ترتفع مع تدخين الأم الحامل احتمالات التشوهات الولادية خصوصا «الشفة المشقوقة» 50% عند الجنين.
وأخيرا إذا استمر الطفل في الصراخ يوميا، فلا يتيسر حينها غير مراجعة الطبيب، لأن السبب قد يكون مرضيا أو ناجما عن ألم.