ماسحو الأحذية في العراق... فقراء يكدحون طويلًا بلا ضمان أو مستقبل
أطفال يمتهنونها أيام العطل لتوفير لقمة العيش لعائلاتهم
مسح الأحذية مهنة الشقاء لاطفال العراق هل تستطيع حضارة 5000 سنة في بلاد الرافدين أن تشبع جوع طفل عراقي ?
يكثر ماسحو الأحذية في العراق، وجلهم من الأولاد الفقراء أو من الطلاب الذين يضطرون إلى مسح الأحذية لتوفير مال يحتاجون إليه. يعملون ساعات طويلة، بلا أي ضمان إجتماعي يعينهم، أو اي مستقبل زاهر ينتظرهم.
يشكّل ماسحو الأحذية نسبة غير بسيطة بين العاطلين في العراق، الذين يجدون في مسح الاحذية وترقيعها فرصة للتربح. وبينما تنتشر مهنة صباغة الاحذية بين الفتيان والشباب، حيث لا تكلف الذي يمارسها سوى صندوق خشبي وعلب اصباغ، فإن عمليات التصليح تحتاج إلى خبرة، فتتركّز بين الكبار في السن في الاغلب. إلا أن هناك من يمارس كلاهما، لتصبح مهنة تصعب ممارستها، بحسب الاسكافي لطيف علوان من المحمودية.
أول شروط ممارسة مسح الأحذية أن يتجرّد الانسان من الشعور بالعيب، لأن الكثيرين من الناس ينظرون إلى هذه المهنة باعتبارها معيبة، والشرط الآخر هو اتقانها.
مضطرون لممارسة المهنة
في مدينة صغيرة كالمحمودية، يمكن احصاء نحو عشرين من ماسحي الاحذية في مركز المدينة فقط، وهو عدد ليس قليلًا اذا عرفنا أن هذه المهنة تشهد انحسارًا.
يقول علوان: "أغلب الذين يمارسون المهنة مضطرون، ولهذا ترى عملهم غير مهني، وتنقصه الخبرة، بينما أصحاب المهنة الاصليين يؤدون عملهم بإتقان كبير".
ماسح الاحذية رعد مطلك (13 عامًا)، منقطع عن الدراسة، ولم يجد غير مسح الاحذية فرصة يربح منها بعض المال. ولم يستطع أن يطور نفسه بتعلم تصليح الاحذية، لأنها مهنة صعبة على حد تعبيره.
ويعترف مطلك أن دخله منها قليل جدًا، لا يتعدى عشرة دولارات يوميًا في أحسن الاحوال. وفي اوقات الصيف والشتاء يكون الاقبال جيدا، اضافة إلى أيام العطل والمناسبات والأعياد، حين تكون فرصة الحصول على مبلغ جيد اكبر.
ويعترف المعلم باقر حسن، الذي وقف يصبغ حذاءه لدى احد الفتيان، انه لا يحتاج لفعل ذلك، لكن لديه الوقت في انتظار صديق، فلجأ إلى مسحه حذائه تحت إلحاح الفتى.
وبالرغم من أن سعر مسح الحذاء لا يتعدى 500 دينار، اي ما يعادل ربع دولار، الا أن البعض يعطف على ماسح الاحذية فيمنحه مبلغًا اكبر.
مهنة من نتاج البطالة
يرى الباحث الاجتماعي توفيق الدليمي أن هذه المهنة هي نتاج البطالة، وتسرب الاطفال من المدارس وتشرد أبناء الاسر المفككة او الفقيرة، وبينهم مدمنون على الكحول وتدخين السجائر.
وبحسب الدليمي فإن هذا النوع من المهن يخلق دائمًا إحساسًا بالعيب والمذلة، وغالبًا ما يعاني العاملون في هذه المهنة من نظرة المجتمع الدونية. وبحسب تقرير المركز العالمي للدراسات التنموية في العام 2012، فإن قرابة ثمانية ملايين عراقي يعيشون بأقل من دولار واحد في اليوم، وسبعة ملايين شخص لا يعرفون القراءة والكتابة. وفي الوقت نفسه لا توجد إحصائيات دقيقة لأعداد عمال القطاع الخاص في البلاد، فهم يتزايدون بسبب قلة التعيينات، بحسب قيس حميد من اتحاد نقابات بابل.
يقول حميد: "بالنسبة لماسحي الاحذية، فإن حالهم كحال بقية عمال الاعمال الحرة، يعيشون من دون ضمان اجتماعي يؤمن لهم العيش الكريم في حالات عجزهم او مرضهم..
يمارسها الاطفال في العطل
في اغلب مدن العراق، ينتشر ماسحو الأحذية في الشوارع التجارية وأمام الكراجات، او في مراكز المدن، حيث المناطق والساحات التي يتجول فيها الناس.
يقول الاسكافي تحسين علي (40 عامًا) من بابل، الذي يعمل في هذه المهنة منذ عقدين وله باع طويل في تصليح الاحذية، إن الماضي شهد تردد ماسحو الاحذية على المقاهي والكازينوهات حيث الموظفون والافندية الذي كانوا يحرصون على الظهور بأحسن حال.
ومثل أي صاحب بضاعة، يعرض كريم حسين (13 عامًا) بضاعته على المارة، فيسألهم إن كان يستطيع مسح أحذيتهم.
لكنه يقول إنه طالب ولا يمارس هذه المهنة الا في العطل او حين يحتاج إلى المال. وقد فقد كريم والده وهو صغير، اما والدته فتعمل خبازة.
وقدم ماسح الأحذية ساجت محمد إلى منطقة الكاظمية في بغداد من بلدة المسيب للعمل، حيث وجد انه يستطيع تأمين دخل جيد من تصليح وصباغتها. يقول: "الطلب يزداد على خدماتي بسبب الطرقات التي تمتلئ بالأطيان والمياه، فيلجأ كثيرون إلى اصلاح احذيتهم أو صبغها".
يضيف: "في الكثير من الحالات، تحتاج المرأة إلى تحويرات بسيطة في حذائها، وهذا يدر علينا مبلغًا جيدًا، ووحده الماهر في هذه المهنة يستطيع أن يكسب منها دخلا مرتفعًا، أي ما يعادل 60 دولارًا في اليوم".
تعليق..
تسليط الضوء على ظاهرة عمل الاطفال في العراق.
يجب معالجة هذه المشكلة أولا قانونيا من خلال تشريع البرلمان العراق لقانون تجريم عمل الاطفال دون سن السادسة عشرة
وثانيا اقتصاديا من خلال ضمان الدولة العراقية للرعاية الاجتماعية والصحية للعاجزين عن العمل وبالتالي سيكون الاطفال ممن تشملهم هذه الرعاية
وثالثا اجتماعيا من خلال توعية طبقات الشعب بمخاطر انتهاك حقوق الاطفال على المجتمع العراقي
ورابعا سياسيا من خلال التزام الحكومة العراقية برعاية الطفولة. أطفال العراق هم ثروته الحقيقية ويجب علينا حمايتها.
المصدر