لا يشغلهم النزاع بين الخرطوم وجوبا
بغداد – محمد عجيل
شهدت نهاية العقد السبعيني من القرن الماضي، دخول الملايين من الجاليات العربية التي قدمت من دول عدة وبشكل ملفت من مصر والسودان، إذ استغلت تلك الجاليات ظروف العراق وانشغال شبابه بحروب النظام المباد والتي استمرت عقدا كاملا، حيث أفرغت تلك الحروب السوق المحلية من الأيدي العاملة، وكان للعاصمة بغداد وبسبب مكانتها الاقتصادية، الحصة الأكبر في تواجد تلك الجاليات التي سرعان ما هرعت عائدة الى أوطانها في ظل تدني الدينار العراقي، لكن هناك من بقي في ظلال العلاقات الاجتماعية الطيبة التي بنوها مع البغداديين الذين يتسمون بالمعاشرة وطيبة القلب.
امتزاج الدم
ومن بين الذين قدموا الى بغداد الأشقاء السودانيون الذين اشتغل غالبيتهم في بيع الخردة وتصليح الساعات يوم كان ارتداء الساعة مقتصرا على أصحاب الدخول العالية.
واليوم أصبح لهؤلاء السودانيين أولاد من أمهات عراقيات امتزج دمهم بالدم العراقي، كما يقول المواطن نادر جلال الذي يمضي عقده الرابع من وجوده في العراق، موضحا أن "بغداد أصبحت عاصمة لنا ولا يهمنا ما يجري بين الخرطوم وجوبا من صراع على منابع النفط، اليوم نحن ندعو بالخير للعراق ونتمنى له السلامة، كيف لا وأولادنا يتعلمون مجانا في مدارسه وتشملنا بطاقة التأمين الصحي".
ارتباط روحي
اما إبراهيم عثمان البالغ من العمر سبعين عاما فقد أكد بانه لا يستطيع العودة الى السودان لأنه ارتبط روحيا بالعراق"، وأضاف أن "البلد الذي يوفر لك رغيف الخبز والسكن يستحق أن يكون بلدنا، نقف معه في السراء والضراء، بالأمس تناولنا معكم أسوأ مواد الطعام في زمن الحصار واليوم نعيش معكم السعادة بالتغيير الذي يعيشه العراق، انه بلدنا كما هو بلدكم".
ويتمنى عثمان على الدولة ان تنظر لهم بعين العطف وأن ينالوا الجنسية العراقية بسهولة، ليس من أجلهم فقط وإنما من أجل أولادهم الذين لا يعرفون لهم وطنا سوى العراق.
وأعرب يوسف حمدان الذي يعمل في بيع
الخردة عن أمله في أن ينال فرصة للعمل تؤمن له حاجته وحاجة عائلته التي جاءت معه الى بغداد في العام 1983.
وقال حمدان إن "لديه بنتا تدرس علم النفس في جامعة بغداد، وأتمنى ان أجد لها عملا يليق بها حينما تتخرج وكلنا أمل ان ترعى الحكومة العراقية ذلك".
تعاون أمني
ويتحدث مواطن آخر عن تعاونه مع الأجهزة الأمنية في إلقاء القبض على عصابة في منطقة البتاويين وسط بغداد، وقال إن "ذلك كلفني قدمي التي بترت نتيجة تعرضها لإصابة بليغة من قبل أحد الإرهابيين الذين كانوا يسكنون في الفندق نفسه الذي أعمل به وحينما شعرت بتحركاتهم أبلغت السلطات الأمنية التي تعاملت معهم بحكمة".
وكان مصدر امني في منطقة الباب الشرقي رفض الكشف عن نفسه أكد ان درجة التعاون مع الإخوة السودانيين عالية جدا وهم يدركون خطورة الوضع سواء عليهم او على أشقائهم العراقيين
فنر توب