ست ساعات من الهواء الطبيعي كل يوم هي مكرمة الحكومة العراقية لأهالي الأنبار بعد فتح المنفذ الحدودي الحيوي مع الأردن «طريبيل» ولكن بالتقسيط غير المريح حتى الآن. آلاف العمال ومئات العوائل التي تعيش على ما يدره الطريق الدولي السريع الرابط بين العراق وكل من الأردن من جهة طريبيل وسوريا من جهة الوليد، عاشوا طوال الأسبوعين الماضيين أياما صعبة بعد غلق المنفذ لأسباب عجز حتى الآن الراسخون في العلم عن معرفتها.
ويرى مجلس محافظة الأنبار على لسان نائب رئيسه سعدون الشعلان، ، ترحيب «المجلس بهذه الخطوة الإيجابية وإن كنا وما زلنا نأمل أن يتم تتويجها بفتح المنفذ كاملا». وأضاف الشعلان أن «فتح المنفذ لساعات معينة هو من أجل تخفيف الزخم وكذلك إعادة الحياة إلى الطريق ولكنها ليست كافية ولعل الأهم أنها تعطي انطباعا بأن الأوضاع طبيعية». وكانت إدارة قضاء طريبيل الحدودي أعلنت إعادة افتتاح المعبر لحركة العجلات والشاحنات. وقال المشرف العام على منفذ طريبيل الحدودي اللواء قاسم التميمي في تصريحات صحافية إن «المنفذ سوف يباشر عمله غدا الجمعة (أمس) عند الساعة الثامنة صباحا وحتى الساعة الثانية بعد الظهر وإلى إشعار آخر». وأضاف التميمي أن «إدارة المنفذ تسلمت كتابا رسميا من وزارة الداخلية جاء فيه أن يتم فتح منفذ طريبيل يوميا من الساعة الثامنة صباحا وحتى الساعة الثانية بعد الظهر حسب التوجيهات الحكومية». وبين التميمي أن «هذا الفتح سوف يستمر حتى إشعار آخر، وأن حركة المسافرين ونقل البضائع سوف تسير بشكل طبيعي من وإلى العراق في الوقت المحدد وبعد ذلك يتم إغلاق المنفذ».
وبينما بدأت عجلة الحياة ولو جزئيا على الطريق الدولي السريع والذي تقطعه بالقرب من مدينة الرمادي خيم الاعتصام، فإن هذه الخيم تشهد منذ فترة معركة من نوع آخر تتمثل في أحقية من يمثل الساحة من حيث الإشراف والمسؤولية وحتى المفاوضات. وفي وقت لم يقل المتظاهرون من خلال ممثليهم كشيوخ عشائر ورجال دين ومثقفين كلمتهم بعد بشأن من سوف يمثلهم عند التفاوض مع الحكومة فإنه طبقا لما أعلنه الشيخ غسان العيثاوي عضو لجنة التنسيق الشعبية للمظاهرات في تصريح فإن «الجميع الآن يلتزم بالفتوى التي أصدرها الشيخ السعدي فيما يتعلق بمن يمثل المتظاهرين مع استبعاد تام للسياسيين». وأضاف العيثاوي أن «هناك عملا يجري داخل الساحات من خلال رجال الدين وشيوخ العشائر بشأن بلورة موقف نهائي وهو ما سوف يتم الإعلان عنه قريبا». وردا على سؤال بشأن منع وسائل الإعلام من تغطية خطبة الجمعة داخل الساحة قال العيثاوي إننا «استغربنا صدور مثل هذا القرار لأن الجمعة كانت هادئة والخطبة كذلك ولم يكن هناك ما يستدعي اتخاذ مثل هذا الموقف على الإطلاق».
من جهته، أكد الشيخ خالد الجميلي أحد قادة المظاهرات في الفلوجة وإمام وخطيب أحد جوامعها في تصريحه أن «الأمر المهم بالنسبة لنا هو وحدة العراق والتي يريد بعض السياسيين تمزيقها ركوبا لموجة المظاهرات لأنها الوسيلة الوحيدة التي تحقق لهم أهدافهم الخاصة بهم وهي غير أهداف الجمهور». وأضاف: «عندما نرفض التقسيم وندعو إلى وحدة العراق نرفض أيضا سياسات الحكومة وما تقوم به من اعتداءات ومن ظلم وتهميش وهو ما خرجنا من أجله ولم نلمس حتى الآن ما يدل على وجود نية صادقة لتحقيقه». وفيما يتعلق بمعركة التمثيل السياسي لساحات التظاهر، فالكرة التي ألقاها المتظاهرون بمختلف توجهاتهم وآرائهم وأهدافهم في ملعب المرجع السني البارز الشيخ عبد الملك السعدي أعادها إليهم محملا من له الحق في حمل الراية مهمة السير في الدرب حتى نهايته. ومثلما حدد الشيخ السعدي مسار المظاهرات منذ أيامها الأولى بما يجعلها سلمية وبعيدة عن أي أسماء طائفية وهو ما استمرت عليه الحال منذ ما يزيد على أربعة أشهر، فإن البيانات الأخيرة للسعدي حددت ثلاثة عناصر أساسية لمجرى المظاهرات، الأول الحكومة تتحمل المسؤولية الكاملة وذلك بسبب المماطلة وعدم الاستجابة للمطالب. والثاني إبعاد أصحاب الأجندات السياسية من أي دور لهم سواء في قيادات المظاهرات أو التفاوض مع الحكومة لأن هؤلاء طبقا لما أعلنه الشيخ خالد حمود الجميلي أحد أبرز قادة المظاهرات في الفلوجة، «أفلسوا مع الحكومة وجاءوا إلى ساحة الاعتصام لكي يركبوا الموجة ومن خلالها يوجهون رسائل للحكومة بأنهم أقوياء وأن هناك من يقف خلفهم وأننا وحدنا من يتفاوض معكم»، مشيرا إلى أن «هؤلاء مستعدون إلى بيع المظاهرات بثمن بخس في حال حققت الحكومة مطالبهم هم والتي تتمثل في المناصب والامتيازات وليس مطالب المتظاهرين المشروعة». والثالث طبقا لمحددات السعدي هو أن يكون قادة المظاهرات والمخولون والمفاوضون من الساحات ومن أبطالها الحقيقيين لا من راكبي الموجات.