TODAY - January 09, 2011
قناة أوبرا وينفري الجديدة .. طابع مميز يشدد على الحقيقة والتعلم
موهبتها الحقيقية تكمن في قدرتها على حث المشاهد للتباهي بالمعجزات

تعتبر ادارة قناة خاصة اختبارا على قدرة اوبرا وينفري في التأثير على المشاهد

واشنطن: هانك ستوفر*
خلال مقابلة استمرت على مدار ساعة عرضت وقت الذروة في تاريخ سابق من الشهر الحالي أجرتها معها صديقتها مقدمة البرامج التلفزيونية باربرا والترز، تحدثت أوبرا وينفري عن التضحيات الذاتية على نحو مفرط في المثالية.
وفي خضم استعدادها لوضع النهاية لبرنامجها الحواري الذي استمرت في تقديمه طيلة 25 عاما ويعرض نهارا، ويتميز بنفوذ ثقافي هائل، وإطلاق «شبكة أوبرا وينفري»، المعروفة اختصارا باسم «أون»، التي من المقرر أن تعج ببرامج تتناول أسلوب الحياة وتحث على خلق دافع، وستشاهد برامجها قرابة 80 مليون أسرة، أخبرت وينفري والترز أنها تنظر إلى نفسها ليس كمليارديرة ولا كشخصية شهيرة، وإنما كأداة من أدوات الخالق.
وقالت وينفري إنها تدعو الخالق قائلة: «استخدمني حتى أُستنفد تماما».
وتتميز وينفري بأسلوب خاص يتسم بالتباهي كثيرا بنفسها وبسيرتها الذاتية كطفلة سمراء مسكينة من الجنوب نجحت في تحقيق شهرة عالمية، لكن تبقى موهبتها الحقيقية هي قدرتها على حث المشاهد على التباهي بالمعجزات التي تمكن هو من تحقيقها. ويدور مجمل حديثها حول التحول والتجدد والحسم، على نحو جاء متلائما مع بداية العام الجديد. وفي النهاية يبقى شعور لدى المرء بأن بداخله «أوبرا»، وتبقى قدرته على تحقيق كل ما تأمل وينفري في أن ينجزه أمرا يخصه كلية.
وقد خطرت ببالي فكرة وينفري كأداة من أدوات السماء على الأرض أثناء اطلاعي على عروض تمهيدية لبعض البرامج التي سيجري عرضها على «أون» لدى إطلاقها ظهيرة أول يوم في العام الجديد.. ورغم أنها بعيدة تماما عن كونها مثالية، تهيمن على القناة رغبة في التحفيز على الارتقاء والمشاركة والتطهير. وقد خالجني الإعجاب بما اعتبرته مجموعة جيدة من الأفكار الجديدة في برامج «أون» الأولية، ووجدت نفسي أتخيل صورة عالم على بعد قرون قلائل من الآن. وهناك تكهن واحد قوي بخصوص المستقبل (وأنا لست أول من يطرحه)، وهو أن كنائس لوينفري ستنتشر في مختلف أرجاء العالم. وفي هذا الصدد، لا تعدو «أون» كونها مجرد خطوة على الطريق نحو نشر رؤية وينفري العالمية.
ولا أدري تحديدا كيف ستتمكن هذه الكنائس من تسوية المسائل الدينية التي ستطفو على السطح حتما، مثل: هل يمكن لوينفري التحالف مع الثالوث المقدس؟ وما إلى غير ذلك.. لكن المؤكد أن مؤرخي كنائس وينفري سيولون اهتماما لمسألة مولد قناة «أون» بالتزامن مع أعياد الميلاد.
وعبر برامج واقعية تتناول العلاقات الخاصة والأسرية والمعجزات والتوازن الروحي والطهي الصحي ومع جرعة يومية من برنامج «غيل كينغ»، صديقة وينفري المقربة، سنعاين عرضا كاملا للنهج الذي تأمل وينفري من محبيها اتباعه.
وخلال مشاهدة برامج وينفري، لاحظت أنها جميعا تعكس بصورة أو بأخرى طابعا مميزا لوينفري يشدد على الحقيقة والتعلم.
ويتجلى ذلك في «أوبرا بريزنتس ماستر كلاس»، وهو برنامج يجري تصويره بتقنيات صناعة الأفلام، وتجري خلاله محادثة مسجلة يجري لاحقا تعديلها بحيث تبدو أشبه بمونولوج حول معنى الحياة. خلال الحلقات الأولى، يشارك جاي زد وديان سوير. ومن المقرر أن تشارك في الحلقات التالية شخصيات أكثر شهرة، مثل سيمون ولورن مايكلز، وهي مجموعة من الشخصيات تبدو على قدر مكافئ من النفوذ لأوبرا وينفري.
وتكمن أهمية البرنامج في استخلاص حكمة هذه الشخصيات وإعادة ترتيبها على نحو يثقف المشاهد ويستحوذ على اهتمامه. إن الحلقات لا تدور حول مقابلة مع وينفري تحديدا، وإنما لا تظهر وينفري سوى من حين لآخر للاضطلاع بمهمة السرد. في الواقع، يبدو «ماستر كلاس» أقرب للأفلام الوثائقية البارعة التي تعرض خلال المؤتمرات الحزبية للمرشحين الرئاسيين، لكنها تحمل طابع وينفري المميز.
أما باقي برامج «أون»، في الوقت الحاضر، فتشبه عددا لا حصر له من البرامج التثقيفية والأخرى الموجهة للأمهات العاملات والبرامج المسلية الممتعة التي يقضي المشاهدون وقتا طويلا أمامها.
تبقى العناصر الرئيسة للأسلوب المميز لأوبرا واضحة بشدة، وتتمثل في ما يلي:
1- فريق العمل ليس سوى فريق عمل.
2- الأمومة والأبوة منحة ذهبية.
3- أنت شخص مميز.
ورغم أن القناة تحاول بناء هوية مميزة لها، فإنها تنزلق بسهولة إلى مستوى من الخداع والحيل تحت اسم عرض الواقع. وتبدو بعض البرامج إما مألوفة أو تخلو من مضمون عميق.
من بين برامج القناة «إنف ألريدي»، المعني بالمنزل والعناية به، ويقدمه بيتر والش، الأسترالي المولد، والعامل في مجال التنظيم المهني وسبق له العمل في برنامج «كلين سويب»، الذي يعد بمثابة نسخة أقل وقاحة عن برنامج «كلين هاوس» الذي حقق نجاحا كبيرا على شبكة «ستايل».
ما عدا برنامج «هوردرز» الخاص بمحطة «إيه آند إي» الذي يتناول المرض النفسي بكل ما يحمله من تعقيدات، تتبع برامج العناية بالمنزل في القناة نهجا محددا؛ حيث ندخل إلى منزل مكدس بأكوام الورق والملابس وصناديق لا يدري أحد محتواها وتجمعات مختلفة من التراب والغبار، ثم نعاين محاولة لفصل القمامة التي تشكل 90% من هذه الأكوام عن نسبة الـ10% التي تمثل كنزا يمكن الاستفادة منه. كما يدفع «إنف ألريدي» البعض للبكاء (فلا أحد يحصل على غرفة معيشة نظيفة من دون مقابل). ويحرص البرنامج على تحقيق توازن دقيق ينأى عن الضغط على المستهلكين ويروج في الوقت ذاته لعادات تنظيم وتنظيف جيدة، بجانب الإشارة إلى منتجات التنظيم والتنظيف المفيدة الخاصة بالجهات الإعلانية، مما يعني مزيدا من المبيعات.
الملاحظ أن كل برنامج تقدمه «أون» يحمل درسا خاصا، وإن كان بعضها يتسم بقدر أكبر من التوبيخ والتسلط عن غيرها. مثلا، يتناول برنامج «كيدنابنغ ذي كيدز» الآباء والأمهات الذين يسافرون ويتنقلون لفترات طويلة في أسفار عمل، سعيا لجني المال، أو يبقون في أعمالهم لأوقات متأخرة وبمجرد وصولهم المنزل ينصب اهتمامهم على أجهزة «بلاك بيري» الخاصة بهم.
من بين هؤلاء هانك، رجل أعمال كثير الترحال، الذي تعترض طريقه ابنته، 10 أعوام، وابنه، 7 أعوام، داخل مطار لوس أنجليس الدولي قبل أن يتمكن من اللحاق بطائرة أخرى إلى سان جوز. ويخبره ابنه بأن كل سفريات الأعمال التي يقوم بها «تجعلني أشعر وكأنك ترغب في أن تصبح جزءا من أسرة أخرى»، مما يدفع هانك إلى البكاء.
وعليه، يجمد هانك جدول أعماله ويلغي التزاماته ويقضي أسبوعا مع طفليه ويسمح لهما باصطحابه لإقامة معسكر واصطياد السمك والتسوق. وينتمي هذا البرنامج لنوعية البرامج التي تثير كل لقطة منها شعورا بالتكلف، حيث يشرع كل فرد من المشاركين في الحديث أمام الكاميرا على نحو يبدو مكررا وسبق التدرب عليه. وتنتهي الحلقة من دون أن نعرف ما عمل هانك تحديدا، وإنما كل ما نعرفه أنه يفرط في عمله. من منظور «أون»، اقترف هانك الخطيئة الكبرى، وهي أنه أغفل ما هو مهم حقا في حياته.
وبالطبع، تبدو الموضوعات الروحانية المتعلقة بالدين والإيمان والخالق من المجالات الملائمة تماما لـ«أون».
وقد يكون ذلك أفضل الطرق التي انتهجتها القناة نحو الإبداع والتميز، حيث حرصت على التعامل بحذر شديد مع الغموض والألغاز المحيطة بالإيمان الديني. ويذكرني برنامج «ميراكل ديتيكتيفز» بمزيج من مسلسل «إكس فايلز» والبرامج التي يقضي خلالها أشخاص كثيرا من الوقت بحثا عن أشباح لا تظهر قط.
ويشارك في البرنامج اختصاصي بمجال الأعصاب يغلب عليه الشك في المعتقدات الدينية وكاتب بمجلة «رولينغ ستون» عايش في حياته حالة صحوة دينية دفعته للتنقل والتحقيق بشأن مواقف ساد خلالها لدى أفراد اعتقاد قوي بتدخل كيان أعلى.
وينتقل الاثنان إلى كنيسة قديمة في شمال نيو مكسيكو للتحقق مما إذا كان الوحل هناك يحمل بالفعل قدرات شفائية. وبطبيعة الحال، شعر الكاتب ذو العقلية الروحانية بالانبهار بقصة امرأة شفيت من أورام سرطانية في العظم بعد لمسها للوحل، بينما يخلص العالم بعد إجراء تحليل معملي إلى أن أفضل ما يمكن لوحل ثاني الكربونات فعله هو إطلاق بعض الغازات لدى تقليبه داخل كوب من الماء.
بعد ذلك، ينتقلان لمستشفى في نورث كارولينا، حيث التقطت كاميرات المراقبة الأمنية صورا لما تعتقد ممرضات أنه كيان أثيري دخل غرفة فتاة صغيرة كانت تحتضر وتعافت بعد ذلك. هنا، أرجع العالم الأمر إلى صور كونتها انعكاسات الستائر وأشعة الشمس. ومع ذلك، ظل الكاتب على إيمانه بوجود «حقيقة أعمق»؛ كائن عظيم لا تدركه الأبصار.
وينقلنا هذا بدوره إلى وجود سلطة أعلى، وبطريقة ما ينقلنا هذا إلى وينفري ذاتها.
قطعا كنت أمزح لدى حديثي عن احتمالات أن تظهر في المستقبل كنائس لوينفري تحمل صورها داخل زجاج ملون. ونظرا لتشجيعها الدؤوب للتحقيق والتعليم والمرح، أعتقد في إمكانية حدوث ما هو أسوأ من ذلك، مثل بناء تنظيم ديني جديد تماما حولها.
كحركة، لا يمكن حصر «الأوبراوية» (نسبة لأوبرا وينفري) في برنامج أو مجلة أو موقع إلكتروني. في أفضل حالاتها، تعد «أون» مجرد مصباح يضيء طريق أوبرا. وفي أسوأ حالاتها، ليست سوى قناة جديدة على غرار كثير من قنوات الكابل العادية الأخرى، التي تلهث لملء برنامجها ببرامج تبدو متميزة بطابع جديد على نحو يكفي لاجتذاب مشاهدين إليها، ومثيرة لنوع من الإدمان كاف للاحتفاظ بالمشاهدين.
الملاحظ أن الحال انتهت بـ«أون» أيضا إلى عرض أفلام مكدسة بفواصل إعلانية، ومعظم الأفلام التي تعرضها قديمة مثل «آن أوفيسر آند إيه جنتلمان» و«ذي واي وي وير» و«كلر بيربل». ويعد ذلك واحدا من التناقضات الكبرى أمام المرء الذي يقضي حياته في إطاعة أوبرا وينفري، حيث تطلب منك أن تعيش حياتك على النحو الأكمل، بينما يتطلب تحقيق ذلك الجلوس لمشاهدة التلفزيون كثيرا من الوقت.