إجراءات النظر في الطعن لمصلحة القانون

من حيث المبدأ إن محكمة التمييز لاتقوم بإجراءاتها المختصة الإنباء على طعن من المحكوم عليه ، ولكن بسبب ارتباط هذه الوظيفة بالمصلحة العامة التي تهدف إلى عدم مخالفة المحاكم للقانون وتوحيد تفسيره فقد اعتمدت تشريعات بعض الدول ومنها الفرنسي والبلجيكي والسوفيتي والعراقي والمصري والأردني واليمني طعناً بالأحكام لمصلحة القانون يرفعه الادعاء العام بعد فوات ميعاد الطعن يؤدي إلى تكملة نقص نشاط الخصوم اللازم المباشرة محكمة التمييز إجراءاتها في نظر الطعن لمصلحة القانون ؟ .
محكمة التمييز هي الهيئة القضائية العليا التي يحتكم لديها في جميع الإحكام والقرارات المخالفة للقانون تدقيقها لتامين القواعد القانونية وتوحيد الاجتهادات في القضايا المتماثلة لتحقيق العدالة وحسن تطبيق القانون ونقض الإحكام المشوبة بمخالفة القانون ، ويترتب على ذلك وجود محكمة تمييز واحدة في الدولة الواحدة ويكون مقرها عادة عاصمة تلك الدولة كما هي في التشريع الفرنسي والعراقي والمصري والأردني واليمني وإنها تسمى في كل من فرنسا ومصر واليمن ( بمحكمة النقض) وان محكمة التمييز في ضوء قانون تشكيلها في كل دولة تتألف من دوائر أو شعب أو هيئات متخصصة تضم عددا من القضاة ( المستشارين) وأعضاء الادعاء العام للنظر في الطعون المرفوعة أمامها وفق إجراءات معينة على إن محكمة التمييز لم تصل إلى وضعها المتقدم الحالي إلا بعد إن مر نظام الطعن أمامها في الأحكام والقرارات الصادرة من المحاكم الأقل درجة بتطور طويل منذ القرن الرابع عشر وتختصر وظيفتها الأساسية بمراقبة تطبيق المحاكم للقانون ليس في مجال احترام القواعد الموضوعية يجب بل وفي مجال احترام القواعد الإجرائية وكذلك للمحافظة على وحدة تفسير القواعد القانونية لتحقيق وحدة التشريع ومساواة المواطنين أمام القانون وان محكمة التمييز لاتباشر إجراءاتها الوظيفية من تلقاء نفسها وإنما بناء على طعن من الخصم الذي أصابته خسارة من جراء مخالفة الحكم الصادر في الخصومة للقانون وينبغي إن يتقيد الطعن بالتمييز مجددو النزاع أمام محكمة الموضوع بلا إضافة
أسباب او عناصر أو دفوع جديدة لم يسبق عرضها على محكمة الموضوع
وباستثناء الدفوع بالخصومة والاختصاص وسبق الحكم في الدعوى ، وهي


لاتقبل طعنا قدم من شخص لا خصومه له او مصلحة من وراءه ولا نقبل طعناً قدم بعد فوات الميعاد المعين ألا طعن الادعاء العام لمصلحة القانون وهي لاتنظر في غير الأسباب التي بني عليها الطعن في الحكم وتناولها الطاعن في لائحته التميزية (241) والأصل إن محكمة التمييز ليست محكمة الفصل في الخصومة بل الحكم على عمل القاضي الذي نص في الخصومة وهل انه فصل فيها طبقا للقانون أم لا ؟ والطعن بالتمييز هو طريق غير اعتيادي للطعن وهو في الحقيقيه شكوى ضد المحكمة التي أصدرت الحكم بأنها خالفت القانون في نظر الدعوى او في إصدار الحكم والذي يطرح أمام محكمة التمييز ليس الدعوى التي نظرت أمام محكمة أول درجة او أمام محكمة الاستئناف بل هو الحكم الذي صدر في الدعوى ووظيفته محكمة التمييز هي الحكم على هذا الحكم وبالتالي فان محكمة التمييز ليست درجة ثالثة للتقاضي ، لان التقاضي الحقيقي ينتهي بصدور الحكم من المحكمة الابتدائية او محكمة الاستئناف ويقتصر دورها في مراجعة الأحكام النهائية الصادرة من تلك المحاكم للتأكد من أنها بنيت على إجراءات قانونية صحيحة وصدرت طبقاً للقانون والأصول لتقرير المبادئ القانونية السلمية في النزاع المعروض أمامها فتقرر تصديق الحكم المميز ان كان موافقا لأحكام القانون .
وتنقضه ان كان مخالفاً للقانون وتعيد الدعوى الى المحكمة التي اصدرت الحكم وبالرغم ان القرار الصادر من محكمة التمييز ليس حجة على باقي المحاكم وليست له قيمة قانونية في غير الدعوى التي فصل فيها ، الا انه بسبب مركز محكمة التمييز وامكانية الطعن امامها في أي حكم فيكون رأيها واجب الاتباع في النهاية من المحاكم لانها بمخالفة الرأي سيتعرض حكمها للنقض وبالنتيجة تكتسب قرارات محكمة التمييز من الناحية الواقعية قيمة تقترب من قيمة القواعد القانونية علما ان الاجراءات التي تقوم بها محكمة التمييز للنظر في الطعن لمصلحة القانون المرفوع امامها تختلف من دولة الى اخرى تبعاً لنظامها القضائي0





علماً ان إجراءات محكمة التمييز العراقية في نظر الطعن لمصلحة القانون المرفوع من المدعي العام امام محكمة التمييز في ضوء المادة(32/سادساً) الملغاة من قانون الادعاء العام تتضمن انه بعد تأشير الطعن في سجلات المحكمة إحالته إلى إحدى الهيئات المتخصصه في المحكمة التدقيقية من خلال دراسة أعضاء الهياة لاضباره الدعوى والحكم الصادر فيها واللائحة التمييزية والاطلاع على المستندات ومن ثم المداولة والمشاورة بين اعضاء الهيئة للاتفاق على اصدار القرار بالطعن ويكون بالاتفاق او باكثرية الاراء ويطبع القرار ويؤشر في سجلات المحكمة ويبلغ الى محكمة الموضوع والمدعي العام امام محكمة التمييز(242) 0

اثار الطعن لمصلحة القانون
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
الاحكام القضائية تنسبه الاثر فهي لا تسري الا بحق من كان طرفاً في الدعوى الا انه قد يرتد الاثر السلبي للحكم باثاره على الغير الذي لم يكن طرفاً في النزاع او خصماً او شخصاً ثالثاً في الدعوى وكان الحكم مستفيداً اليه وماساً بحقوقه وضاراً به ، كما هو عليه حال نقض حكم بقرار عدم اثبات البنوه لشخص ما فان الخصوم والاغبار سوف تتأثر مراكزهم القانونية وحقوقهم بالنسبة للتركه وتقسيم انصبة الورثة فيها(242) وقد تبابينت تشريعات الدول بشان الاثار المترتبة على حقوق الخصوم والاغبار من جراء الطعن بالاحكام لمصلحة القانون اذ انه من حيث المبدأ ينقل الدعوى الى محكمة التمييز في حدود الاسباب القانونية الواردة في الائحه الطعن المرفوعة من قبل الادعاء العام، وتقتصر دور محكمة التمييز بمراجعة الأسباب القانونية التي تناولها الطاعن في طعنه فان ردت الطعن ثبت الحكم أو القرار المطعون فيه 0 وليس هناك من اثأر من الناحيتين القانونية والفقهية، إما إذا قبلت محكمة التمييز الطعن ونقضت الحكم أو القرار المخالف للقانون تباينت الاثأر المترتبة على حقوق الخصوم والاغيار أو مراكزهم القانونية تبعاً لما تضمنه إحكام نظم الطعن لمصلحة القانون الواردة في تشريعات الدول المختلفة مثل المشرع الفرنسي والمشرع السوفيتي والذي ظهر فيه التأثير الواضح لقبول الطعن على حقوق الخصوم والاغيار ، أي ان ذلك سينعكس ويمس بإثارة حقوق الأشخاص المشتركين في الدعوى أي إطراف الدعوى وأصحاب الشأن فيها ويمس بآثاره أيضا حقوق المعتبرين خارجين عنها ويقصد بالأشخاص الخارجين عن الدعوى كل من لا يعد طرفاً في الدعوى مع العرض ان القرار الصادر في القضية بعد النظر فيها مجدداً يمكن الاعتراض عليه والطعن فيه حسب طرق الطعن الأخرى(244)
في حين إن المشرع العراقي في المادة(32/سادساً) الملغاة من قانون الادعاء العام رقم(159) لسنة 1979 اتجه إلى إن ( لايقتصر القرار الذي صدر بقبول الطعن على تصحيح الخطأ القانون دون إن يمس بحقوق الخصوم والغير المكتسبه بموجب الحكم المطعون فيه) أي ان القانون حدد الاثأر التي تترتب على قرار النقض الذي يصدر بقبول الطعن بتصحيح الخطأ القانوني دون إن يؤثر على حقوق الخصوم والاغيار المكتسبة بموجب الحكم المطعون فيه لان مراكزهم القانونية لا تتأثر بهذا الطعن إذا ما قبل لأنه يستهدف مصلحة عليا هي مصلحة القانون التي يحققها الطعن المرفوع من المدعي العام إمام محكمة التمييز لإرساء المبادئ القانونية الصحيحة على أساس سليم ولكي تتوحد إحكام القضاء فيها وان قرار النقض الصادر من محكمة التمييز يتناول الوجهة الفقهية البحتة وتصحيح الخطأ القانوني دون إن يفيد الحكم الصادر في الطعن أو يصر الإطراف أصحاب الشأن 0



إلا إن الواقع العملي كان خلاف ذلك لان قرارات محكمة التمييز الصادرة بنقض الإحكام المخالفة للقانون تعيدها محكمة التمييز إلى محكمة الموضوع للفصل فيها مجدداً وبالتالي فان القرارات الجديدة ستكون قطعاً خاضعاً مجدداً لطرق الطعن في الإحكام التي نظمها القانون وفقاً للقواعد العامة بما يجعل الحكم الجديد مؤشراً قطعاً في حقوق الخصوم والاغيار المكتسبة بموجب الحكم المطعون فيه ، لا بل ذهبت محكمة التمييز في هذا المجال إلى حد الفصل في الحكم المطعون فيها من قبلها عندما وجدت موضوع الدعوى صالحاً للفصل فيه وان ذلك كله خلاف لصراحة نص المادة(32/سادساً) من قانون الادعاء العام(245)
وبعد إلغاء المادة(32/سادساً) من قانون الادعاء العام بالقانون رقم(5) لسنة 1978 قانون التعديل الأول القانون الادعاء العام رقم(159) لسنة 1979 وقد نصت المادة(30) المعدلة على ما يأتي:-
(30/ثانيا/ج – يكون الطعن لمصلحة القانون إمام محكمة التمييز وينظر من هيأة خماسية برئاسة رئيس المحكمة أو احد نوابه فإذا تأيد إن في الحكم أو القرار المطعون فيه خرقاً للقانون تقرر نقضه وإعادة الدعوى إلى محكمتها لإصدار حكم أو قرار جديد ترسله تلقائياً إلى محكمة التمييز وينظر من الهيأة الخماسية ويكون قرارها واجب الإتباع ولا يقبل الطعن بطريق تصحيح القرار ) أي إن قرار محكمة التمييز وكذلك طرق الطعن الوجوبي الذي رسمه القانون بإرسال الحكم أو القرار الجديد تلقائياً للنظر فيه من الهيئة الخماسية لمحكمة التمييز التي يكون قرارها الصادر في الدعوى واجب الإتباع ولا يقبل الطعن فيه بطريق تصحيح القرار التمييزي كلها أمور مؤثراً قطعاً في المراكز القانونية والحقوق التي اكتسبها الخصوم والاغيار بموجب الحكم الصادر أو القرار المطعون فيه استناداً بصراحة نص القانون وأولها عدم جواز الطعن في القرار الصادر بعد النقض من أي جهة كانت من الخصوم والاغيار ويجب إرساله مباشرة إلى محكمة التمييز لتدقيقه0 (246)


منقول