أخذ الوالدُ ينظر إلى ساعته إنها تمام الثامنة مساءاً ، الوقت يمر سريعاً
وعمله ال لاينتهي سَ يُصيبه بِ هلوسة لما يدور حوله
سَ تبدأ حفلةُ الميلاد بعد دقائق وهو لم يزل يباشر عمله وبِ نشاط
وطِفلته ذات العشرة أعوام تنتظر حضوره مع الهدية التي وعدها بها
وعيناها تراقبُ الباب والحضور، وتبتسم لِ الجميع وفي صدرها ألف حسرة
وتساؤلات كثيرة و وساوس تأخذها وتعيدها : ياترى هل سَ يفي أبي بِ وعده ؟
هل يتذكر حفلتي ؟ أم كَ العادة عمله ، أصدقاءه ، حفلات عشاءه الكبرى خارج البيت ؟
هو شغله الشاغل وأنا آخر إهتماماته وآخر من يفكر بها ،
ليت أمي كانت معي اليوم على الأقل تُنسيني بعض غِيابه وتعوضني حنانه وَ وجوده ؟
لكن هي تساؤلات وأحلام تنتهي كلما رن جرس الباب إيذاناً بِ حضور مدعو آخر .
إنتهى عمل الوالد والساعة تشير الى التاسعة نسي معطفه إستعجالاً لِ الخروج
وقبل ان يغلق السوق أبوابه ، عليه أن ينفذ وعده بِ إحضار الهدية لِ طفلته الوحيدة
الجو ماطر والرياح شديدة لكنه لايشعر بالبرد فَ لهفة العودة لِ الإحتفال بِ ذكرى ميلاد إبنته
توقدُ في قلبه شرارة كُبرى لاتطفئها كلُ مُزن السماء ، للأسف كانت كل المحلات أبكرت بِ الإغلاق
بسبب سوء الأحوال الجوية الماطرة والمرعدة ، قال في نفسه لازال هناك أمل
وأحد أصدقائي يملك محلاً كبيراً لايغلقُها إلا بعَد وقتٍ متأخر من الليل .....
وأيضاً وجدها مغلقة ولم يتبقى له من الوقتِ إلا اليسير لِ العودة قبل إنتهاء الحفلة
وإبنته لازالت تترقب حضوره بعد أن أطفأت الشموع مع المدعوين وقطعت الحلوى وقامت بِ فتحِ الهدايا
وهي تناضل في فكرها لِ تختبئ وراء إبتسامتها وتكتم غيضها وحقدها وغضبها
غادر معظم الحضور بعد تعب وتأخر الوقت ولم يتبقى منهم إلا أشخاص يُعدون على الأصابع
وَ فجأة دخلَ والدها البيت وفي عينيه خجلٌ كبير وبيديه وردة قطفها من حديقةِ الدار
وثيابه رثةٌ ومبللة وجسده المنهك تتساقط منه قطيرات المطر ال لم ترحم تعبه
إقترب من طفلته و جلس امامها على ركبتيه ورفع يده التي تحمل الوردة وقال لها بعبارةٍ
مثقلةٍ بِ التعب والأنين " كل عامٍ وأنتِ مدللتي ، كل عامِ وأنتِ ملاكي "
لم تستطع الفتاة كتم غيضها وغضبها إنتزعت الوردة بعنف من يدِ والدها
ورمتها على الأرض ثم سحقتها بقدميها وقالت " إنتهت الحفلة "
وركضت باكية متألمة إلى غرفتها دون أن تلتفت إلى والدها الذي سئمَ الإعتذار إليها .
رتوش : الدلال المفرط فيه سَ ينقلبُ حتماً على صاحبه
ولكن ! ألا يستحقُ الأقربون فرصةً أخرى ؟ [ حصري لِ هنا ]
اسرار بلا عنوان