يشمل المجتمع المدني العديد م المكونات ما بينها، المؤسساات الإنتاجية ، الطبقات
الاجتماعية، المؤسسات الدينية والتعليمية، الاتحادات المهنية والنقابات العمالية ، الأحزاب
السياسية، وعقائد سياسية مختلفة .
تتميز مؤسسات المجتمع المدني بالاستقلالية عن الدولة إدارة وتنظيما فالأصل في العلاقة بي
المجتمع والدولة ألا تتدخل الدولة في نشاط المجتمع المدني، أي ألا تكون مؤسسات المجتمع
المدني مخترقة من قبل الدولة الدولة أو المجتمع السياسي لازما لاستقرار المجتمع المدني وتمتعه بوحدته وأدائه لوظائفه.
وهي لابد من أن تكون دولة غير مطلقة السلطة تخضع في أداء مهامها لقواعد عقلانية، سواء
وضع هذ القواعد برلمان تنتخبه أغلبية المواطنين ، أو تولدت عبر تطور تأريخي طويل، وأشرف
على تطبيقها طبقة من الإداريين ذوي المعرفة والخبرة.
أما العناصر المتحولة فهي تلك التي تتغير حسب التطور الزمن ، وتغير الأوضاع
السياسية، والاقتصادية والاجتماعية للدولة، كما إن مؤسسات المجتمع المدني تجاد نفسها فاي
حالات تاريخية تخضع لظروف خارجية قاهرة، مثل ظروف الاحتلال الأجنبي
ثانيا-الواقع الاجتماعي العربي وغياب الأسس المادية لمفهوم المجتمع المدني الحديث:
على الرغم من اتفاق الباحثي حول المفاهيم والعناصر السابقة للمجتمع المدني إلا أنهم
اختلفوا في مسألة مدى ملائمة المفاهيم الغربية المطروحة لتحديد المفهوم للواقع العربي. فإذا ماا
أردنا أولا التدقيق في المدلول اللغوي لعبارة )المجتمع المدني( وإمكانية تحديد معناها في اللغاة
العربية بالمقارنة مع ما تتحدد به م اللغات الأوربية. نجد أ لفظة )مجتمع( صيغة ترد في اللغة
العربية إما بكونها اسم مكا أو اسم زما أو مصدرا ميميا، بمعنى إنها أما حدث م دو زما
)اجتماع(، وأما مكان أو زمان حصول هذا الحدث وبالتالي فهو لا يؤدي معنى اللفاظ الأجنبية
الذي نترجمه به) society ( والذي يعني عددا من الأفراد، يشكلو )مجموعة( أو )جماعة( بفعل
رابطة ما تجمع بعضهم إلى البعض. أما لفظ )مدني( فهو يحيل في اللغة العربية إلى المدينة أو
)الحاضرة( وبهذا فإن عبارة المجتمع المدني في اللغة العربية تكتسب معناها من مقابلها الذي
هو)المجتمع البدوي(، وبما أن القبيلة هي المكون الأساسي في البادية العربية فان )المجتمع
المدني( سيصبح المقابل المختلف إلى حد التضاد )للمجتمع القبلي() 03 (. فاي حياة لكلمة
)المدني( في اللفظ الأجنبي جاءت لتكون في مقابل ثلاثة أضداد. مقابل التوحد )شعوب بدائية
متوحشة مقابل شعوب متحضرة(، ومقابل الانتماء إلى الجيش )مدني مقابل عسكري ( ومقابل
الانتماء إلى الديني )التعاليم الدينية مقابل القوانين المدنية( وهكذا فعبارة المجتمع المدني في الفكر
مجتمع مدني أم مجتمع أهلي؟ .
الأوربي هو مجتمع متحضر، لا سلطة فيه لا للعسكر ولا للكنيسة) 04 (. هذا يعني أن الفارق كبير
بي مدلول عبارة المجتمع المدني في اللغة العربية وبي مفهومها في الفكر الأوربي . كما إن
مفهوم المجتمع المدني ظهر ليعبر عن التطور الذي عرفته أوربا في العصر الحديث، فمع بزوغ
القرن السابع عشر دخلت أوربا عصر التنوير المعروف بعصر النهضة، حيث بدأ الانتقال من
اقتصاد الإقطاع الزراعي إلى الصناعة والتجارة. وارتبطت الثورة الصناعية واختراع الآلاة
بحركة هجرة السكان من الريف إلى المدينة وانتقال العامل من المنزل أو الورشة إلى المصانع
الكبير الذي يضم أعدادا كبيرة من العمال فأصبحت هناك طبقتان إحداهما تعمل لدى الأخرى التي
تملك رأس المال، وبدأ التعارض يتضح بين مصالح العمال وأصحاب المصانع. كذلك ارتبط هذا
الوضع الجديد بظهور حق الملكية الخاصة وهو ما دفع كل مجموعة من الأفرا د إلى تأسيس
نقابات واتحادات ومنظمات للدفاع ع حقوقهم ومصالحهم الخاصة والمشتركة. وأصبحت هذه
الروابط تحظى بولاء وانتماء عدد كبير من الأفراد بغض النظر عما يوجد بينهم من اختلافات في
روابط طبيعية كالقرابة والدين والجنس واللون والطائفة... الخ ) 05 (. والسؤال الذي يطرح نفسه
هنا هو: بأي معنى يمكن الحديث إذا عن المجتمع المدني في البلدان العربية والتي تتميز بكونها
بلدان لم يتم فيها التحول بعد إلى المجتمع الصناعي التجاري، مجتمعات مازالت القبيلة والطائفة تقوم
فيه بدور كبير وحاسم. إن الحديث عن المجتمع المدني في البلدان العربية هو حديث عن مرحلة
تطورية لم تصل إلى مرحلة النضوج والاكتمال بعد، ولم نتعامل مع أدواتها ومعطياتها المعرفية
– العلمية والتكنولوجية والاقتصادية والصناعية. بصورة ايجابية. إذ انه على الرغم من كل ما
يتبين أمامنا من مظاهر العصر الحديث، أو الحداثة في العديد من البلدان العربية، إلا إن ذلك لا
يمثل سوى شكل ظاهري في الغالب لمجتمع تابع غير متبلور، تتعدد وتختلط فيه الأنماط
الاجتماعية كلها، تتيح للأنماط التقليدية إمكانية السيطرة في كثير من البلدان . يتجلى ذلك في بنية
العواصم والمدن العربية، التي يفترض أن تكون الحاضنة أو الحامل الأساسي والأول لمفهوم
المجتمع المدني وبلورته في المجتمع العربي، فهي بنية – مدن عربية – متريفة أو هي ريفية
أصلا، فضلا عن تكوينها من وحدات )أحياء( ذات تجمعات بشرية تتمحور حول خلفيات
اجتماعية أو مناطقية أو طائفية، محكومة بهذا الشكل أو ذاك بالمنظومة العربية الإسلامية التي
تشكل المرجعية المباشرة والفورية لمعظم الفئات الاجتماعية أفرادا أو جماعات سواء في الريف
أو )المدينة( المتريفة. هذا إذا أخذنا في الاعتبار إ هناك تصادم بين تلك المنظومة الثقافية وفكرة
الأسقف المفتوحة للحريات والحقوق في إطار التكوينات الاجتماعية ذات الصلة بفكرة )المجتمع
المدني( ومفهومه في الغرب) 06 (. هذا يعني إ نشوء مؤسسات المجتمع المدني