لا نعرف سوى القليل عن حياة كلاوديوس بطليموس. فقد ولد فى مصر عام 10 بعد الميلاد على الأرجح. و أمضى جل حياته فى الأسكندرية، المدينة التى كانت شهيرة بمدارسها و علمائها فى ذلك الوقت.
ما كاد يبلغ سن الرشد حتى أطلع على أعمال " أيباركونيشيا " و أبحاثه. وكان هذا عالماً فلكياً رياضياً يونانياً، عاش قبل بطليموس بحوالى مائتى عام، وكان إيباركو من كبار علماء الفلك فى التاريخ القديم. وبدراسة أعماله أحس بطليموس برغبة جارفة فى التخصص و تكريس نفسه للعلوم، فأنصرف إليها بكل مافى عقله من قوة. وقد توفى بطليموس الفلكى و الجغرافى و الفيزيائى و الرياضى فى عام 78 بعد الميلاد.
كان بطليموس رجلاً دقيقاً فى تفكيره و أعماله، وضع نصب عينيه أن يطور نظريات إيباركو و أن ينظم المعلومات الفلكية التى كانت معروفة فى زمانه بطريقة كاملة و موضوعية. ومن أجل ذلك أمضى سنوات كثيرة فى عمل شاق، ووضع مؤلفاً ضخماً من ثلاثة عشر مجلداً أسماه " القواعد " أو
" التركيب الرياضى "، وهو من دون شك أعلى ما وصل إليه علم الفلك فى الزمن القديم.
فى هذا العمل الذى ترجمه العرب و أعجبوا به أشد الإعجاب تحت عنوان " المجسطى "، يعرض بطليموس طريقته الشهيرة فى تعريف " مركزية الأرض " فيقول : أن الأرض ثابتة فى السماء، ومن حولها تدور الكواكب و الشمس. وهذه، إلى جانب تلك، تقوم بحركات أخرى منها الحركات الفلكية، وهى دورات ثانوية صغيرة يتعين أن يقوم بها الكواكب.
أما فى علم الجغرافيا فوضع بطليموس خريطة الأرض، وكانت هى الخريطة الأساسية التى أستند إليها كبار الرحالة البحريين فى القرن السادس عشر.
وقد كان بطليموس جغرافياً عظيماً، ويحتوى كتابه " مدخل إلى الجغرافيا " مجموعة من الملاحظات و الدراسات، وعشرات الخرائط التى تكاد أن تكون فى غاية الدقة.
نصادف عن بطليموس العناوين الأتية :
شروح عن الساعة الشمسية، فرضيات الكواكب، الجداول الفلكية، التقويم الرصدى، خريطة نصف الكرة، قوانين إنكسار الضوء. هذه كلها عناوين وضعها بطليموس و ترك فيها أبحاثاً. وقد أستطاع أن يقوم بدراسات علمية رائعة و أن يعالج المسائل الرياضية الدقيقة لحساب المثلثات المستوية و المنحنية، و أن يستخدم الدرجات الأولية و الثانوية فى قياس الزوايا، و أن يعرف أرتفاع الأصوات الصادرة من شوكة رنانة، و أن يقوم بأبحاث أخرى متعددة.