توسيع أختصاص محكمة قوى الأمن الداخلي / للمحامي سعد محمد العنبكي

مقدمه
حدوث أنتهاكات واضحه لحقوق الأنسان في العراق من طرف السلطه التنفيذيه في عدم أحترام الدستور والقانون وتقليص دور وزارة حقوق الأنسان في العراق . ومحاولة النيل من أستقلال القضاء العراقي .. لقد نظم الأمر رقم 60في 19شباط 2004الصادر من سلطة الأئتلاف , وظائف وزارة حقوق الأنسان في العراق ومن أول هذه الوظائف : (تعمل وزارة حقوق الأنسان عبر برامج مناسبه على أنشاء خدمات ومبادرات ودراسات وأيجاد أوضاع تؤدي الى حماية حقوق الأنسان في العراق وتعمل كذلك لمنع أنتهاك حقوق الأنسان في العراق .) الفقره السادسه من وظيفة الوزاره تنص (تقدم وزارة حقوق الأنسان النصح للمشرعين عما أذا كان التشريع المقترح متماشياً مع القانون الدولي لحقوق الأنسان , بما في ذلك الألتزامات التي أخذها العراق على عاتقه بموجب المعاهدات الدوليه لحقوق الأنسان التي أقرها العراق .. وجاء في القسم الثالث من الأمر رقم 6. ما يلي ((يضمن الوزير وجود مؤسسات تعمل لحماية الحقوق الأساسيه لجميع أفراد الشعب العراقي بمن فيهم النساء والأطفال . ويضمن أيضاً أن هذه المؤسسات تلقى العون المطلوب لتحقيق أهدافها , وأن الشعب العراقي يتلقى العلم والمعرفه حول حقوق الأنسان الأساسيه بما فيها المعايير والمبادئ المتصله بالقانون الدولي لحقوق الأنسان ..)) في فقره أخرى من هذا القسم الثالث ((للوزير أنشاء هيئه أستشاريه مؤلفه من ممثلين عن الوزارات الأخرى لتنسيق السياسات والبرامج المتعلقه بحقوق الأنسان والحريات الأساسيه لأفراد الشعب العراقي وتعمل هذه الهيئه لضمان أن التشريعات الجديده التي لم تدينها , تأخذ بعين الأعتبار ألتزامات العراق بموجب المعاهدات الدوليه لحقوق الأنسان التي أقرها العراق ووافق عليها ..)) كما أن دستور جمهورية العراق لعام 2005نرى فيه أن مجمل قواعده تستند على قيم ناتجه من عقيدة (حقوق الأنسان) ولايمكن أن تكون غير ذلك , أن الحق يكون شرعياً لأنه أنعكاس لأماني وأحاسيس جماعيه , أن الأحساس الجماعي للعراقيين كان بشكل دقيق منضوياً الى عقيدة حقوق الأنسان , من قانون أدارة الدوله العراقيه للمرحله الأنتقاليه , الى كتابة الدستور الدائم الذي صادق عليه الشعب العراقي بأستفتاء في 15/12/2005 وصدر بالوقائع العراقيه في 28/12/2005 ... هذه الأماني عقلانيه , لأن حقوق الأنسان , تعني الأنسانيه , والفرديه , والحريه .. أنسانيه فهي تبجل كقيمه أساسيه الأحترام المطلق لكرامة شخص الأنسان . وهي فرديه لأنها ترغب بتأسيس منطقة مستقله حول الفرد , من أجل أن تسمح له بأن يتملص من نفوذ الدوله وأجهزتها الوسطيه .. متحرراً يحترم النشاط الأنساني في تنوعه وتلقائيته , ويبحث في النتيجه عن تعددية تيارات الرأي في النظام السياسي , وعن المنافسه في المبادرات العامه أو الخاصه في النظام الأقتصادي ... بحث أول :- توسيع أختصاص محكمة قوى الأمن الداخلي -هناك خروقات أخرى منتهكه للدستور العراقي لعام 2005 وحقوق الأنسان العراقي لقد نصت الماده 99 من دستور جمهورية العراق لعام 2005 ((ينظم بقانون القضاء العسكري ويحدد أختصاص المحاكم العسكريه التي تقتصر على الجرائم ذات الطابع العسكري التي تقع من أفراد القوات المسلحه وقوات الأمن وفي الحدود التي يقررها القانون)) . لذا جاء نص الدستور في تحديد أختصاص المحاكم العسكريه مقتصراً على الجرائم ذات الطابع العسكري .. أن تحديد الأختصاص هو حمايه لحقوق رجل الشرطه العراقي كأنسان من الأنتهاك والأضطهاد في أطار جهاز عسكري يتميز بخضوع الأدنى الى الأعلى , وبالتالي قد يتعرض رجل الشرطه لضياع حقوقه كأنسان .. ولكن قانون أصول المحاكمات الجزائيه لقوى الأمن الداخلي رقم 17 لسنة 2008 قد جاء فيه أنتهاك واضح وخرق فاضح للماده 99 من الدستور العراقي المذكوره أعلاه . حيث نص في الماده 25 من قانون أصول المحاكمات الجزائيه لقوى الأمن الداخلي رقم 17 لسنة 2008 مايلي ((أولاً تختص محكمة قوى الأمن الداخلي بالنظر في الجرائم الآتيه : أ – الجرائم المنصوص عليها في قانون عقوبات قوى الأمن الداخلي , أو قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 أو القوانين العقابيه النافذه الأخرى أذا أرتكبها رجل الشرطه ولم يترتب عليها حق شخصي للغير .. ب – الجريمه التي يرتكبها رجل شرطه ضد رجل شرطه آخر سواء كانت متعلقه بالوظيفه أم بغيرها .. أن القانون وسع من أختصاص محكمة قوى الأمن الداخلي حيث أناط بها النظر في جرائم منصوص عليها في قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 وقوانين عقابيه نافذه . أن القانون قد تجاوز على النص الدستوري الذي أقتصر أختصاص المحاكم العسكريه على الجرائم ذات الطابع العسكري .. وهذا أنتهاك للدستور . ولحقوق رجل الشرطه كأنسان من طرف القانون .. وعندما نراجع أنواع الجرائم المنصوص عليها في قانون عقوبات قوى الأمن الداخلي رقم 14 لسنة 2008 .. فقد جاء في الفصل الثالث من القانون تحت عنوان الجرائم وقسمها القانون الى ثمانية فروع ولكن فرعين من هذه (الجرائم) أو التي أعتبرها القانونن (جرائم) لاعلاقه لها بالطابع العسكري , وقد سماها القانون الجرائم المخله بشرف الوظيفه /الفرع الخامس وجرائم ألحاق الأذى بالنفس /الفرع السادس .. أن الفرع الخامس – الذي سماه القانون جرائم مخله بشرف الوظيفه من الماده 15 الى نهاية الماده 17 من قانون عقوبات قوى الأمن الداخلي هي مخالفة للدستور ماده 99 ومنتهكه لحقوق الأنسان العراقي المنصوص عليها في الدستور وخصوصاً أحكام الماده 17 من الدستور العراقي لعام 2005 والتي تنص على مايلي أولاً ((لكل فرد الحق في الخصوصيه الشخصيه ..) وكذلك ماجاء في نص الماده 37 من الدستور العراقي –أولاً- أ – حرية الأنسان وكرامته مصونه .. وجاء في (ج) من نفس هذه الماده (يحرم جميع أنواع التعذيب النفسي والجسدي والمعامله غير الأنسانيه)) ومن نفس أصول المحاكمات الجزائيه لقوى الأمن الداخلي الماده 37 ثانياً ((تكفل الدوله حماية الفرد من الأكراه الفكري والسياسي والديني)) أن الماده 17 من قانون بكل فقراتها هي أكراه فكري وهي أيضاً منتهكه لحقوق الأنسان العراقي , حيث أقر الميثاق الدولي للحقوق المدنيه السياسيه الصادر من طرف الأمم المتحده والموقع عليه من طرف العراق بحق أحترام الحياة الخاصه للأنسان وأحترام الحياة العائليه .. أن الحياة الخاصه تترجم دائماً من طرف المحاكم الأوربيه على أنها الحق في الحريه الشخصيه .. أن الفرع الخامس المعنون بجرائم مخله بشرف الوظيفه , رافع لشعار التمييز بسبب السلوك وبسبب الجنس ضد رجل الشرطه العراقي . أن رجل الشرطه العراقي هو أنسان قبل كل شيئ ويجب أن نحافظ على قيمته الفعليه كأنسان وعلى مكانته في المجتمع وأمام زملائه في العمل , أن وظيفته كرجل شرطه , لاتمنح رؤوسائه أي حق في ممارسة التمييز والأضطهاد ضده من الرتبه الأعلى الى الرتبه الأدنى .. في أمريكا حالياً يوجد قانون يمنع فيه ضباط ومراتب الجيش الأمريكي من الأعلان عن توجهاتهم الجنسيه . وحالياً فأن الكونكرس الأمريكي يناقش قيادة الجيش بأالسماح بالأعلان عن التوجهات الجنسيه المذكوره .. في فرنسا أن أثنين من الشرطه في نيس جنوب فرنسا أقاموا دعوى أمام المحكمه الأداريه الفرنسيه مطالبين بأعادة حقوقهم في مسك خفارات ليليه , بعد منعهم مدير الشرطه من الخفارات الليليه بسبب توجهاتهم الجنسيه .. والقضيه أمام محكمة القضاء الأداري للنظر فيها ... أن الفرع السادس الذي سماه القانون جرائم ألحاق الأذى بالنفس من الماده 18 وحتى الماده 21 من قانون العقوبات الأمن الداخلي رقم 14 لسنة 2008 هو أيضاً أنتهاك لحقوق الأنسان .. من حيث المبدأ أن جهاز الشرطه العراقيه قائم على مبدأ التطوع بعقد لمدة محدده ممكن تجدد أو لا تجدد وأن المتطوع يعرف تماماً المسؤوليات التي تقع على رجل الشرطه .. وأن العقد هو تعبير عن أرادة متعاقدين .. فأذا أنهت الأداره العقد فللشرطي المطالبه بتعويض عن المده المتبقيه للعقد أذا الأنهاء غير قانوني , مبدأ الأستقاله موجود , وعدم تحديد العقد عند أنتهاء مدته هو أيضاً سبيل . أذن لماذا يلحق الشرطي أذى بنفسه ؟ لا توجد في العراق خدمه أجباريه متعسفه كما في السابق.. لماذا تحاسب رجل الشرطه العراقي بقسوه في حين أن حياته معرضه للخطر في كل لحظه بسبب واجبه المهني لذا أن تكون الطبابه المدنيه في وزارة الصحه هي المسؤوله عن فحص الحالات المؤذيه التي تصيب رجل الشرطه حتى يمكن ضمان الحياديه في التشخيص الطبي .. لذلك فأني أطالب بألغاء الفرع الخامس من المواد 15 وحتى نهاية الماده 17 وكذلك ألغاء الفرع السادس من الماده 18 وحتى نهاية الماده 21 من قانون عقوبات الأمن الداخلي لمخالفتها لأحكام الدستور .. المراجع 1- الدستور العراقي لعام 2005 الصادر في جريدة الوقائع العراقيه (4012) بتاريخ 28/12/2005 . 2- قانون عقوبات قوى الأمن الداخلي رقم 14 لسنة 2008 أعداد صباح الأنباري . 3- قانون أصول المحاكمات الجزائيه لقوى الأمن الداخلي رقم 17 لسنة 2008 أعداد صباح الأنباري .
سعد محمد سعيد العنبكي
محامي
دكتوراه في القانون