تمييز التظلم الإداري عن غيره من التصرفات

التظلم الإداري والالتماس أو الاسترحام يختلف التظلم الإداري عن الالتماس لأن الأول يفترض وجود خلاف أو نزاع في الأقل بين الإدارة وصاحب الشأن في حين تُستبعد فكرة الخلاف أو النزاع في الالتماس، وإن طلب الالتماس وعدم نجاحه وتحقيق آثاره. لا يحول دون تقديم التظلم وورد بأن مجلس الدولة الفرنسي قد خطَّأ المحكمة الإدارية حين عَدّت الألتماس والتظلم تظلمين إداريين([12]).

كذلك التظلم يخاصم قرار إداري مُعين في حين ان الالتماس قد يكون إلى قرار لا يعتروه عيب مثل طلب تأجيل نقل موظف مراعاةً لظروف معينة وقد يقدم اعتراضاً إدارياً على الاجراءات التحضيرية أو الاعدادية للقرار الإداري وهنا لا يعد تظلماً لعدم مخاصمة قرار إداري وإنما يعد التماساً([13]).
وإن التظلم الإداري يتضمن صراحة طلباً بإعادة النظر في القرار الإداري المعيب إما بسحبه أو الغاءه أو تعديله وهذا ما لا يتوافر في الالتماس لاستبعاد النزاع أو الخلاف حول القرار الإداري الصادر. وإن التظلم الإداري يقوم على اعتبارات وإجراءات قانونية معينة ويقدم خلال ميعاد مُعين كي ينتج أثرهُ القانوني، بينما يغلب على الالتماس الاعتبارات الانسانية والظروف الشخصية ولا يولد نتائج قانونية كالتي يولدها التظلم الإداري([14]).
وإن الطلب المقدم لا يُعد تظلماً إدارياً ولا يندرج تحت هذا المفهوم إذا لم يتضمن ذكراً لفكرة النزاع([15]).
ويختلف التظلم الإداري عن الطعن القضائي فيما يأتي:
1-التظلم الإداري يقدم إلى الجهة الإدارية المختصة في حين يقدم الطعن القضائي أمام محكمة القضاء الإداري.
2-التظلم الإداري لا يخضع للشروط الشكلية المحددة في الطعن القضائي([16]).
3-السلطة الإدارية غير ملزمة بالرد على التظلم في حين أن المحكمة الإدارية ملزمة بالفصل في موضوع الدعوى.
4-الاختلاف في نتيجة نظر الطعن فالسلطة الإدارية تُصدر قراراً إدارياً ي حين أن المحكمة تفصل في الدعوى القضائية بحكم قضائي يخضع للنظام القانوني الذي يحكم الأحكا القضائية. المبحث الثالث أنواع التظلم الإداري/ حسب السلطة الإدارية التي يقدم إليها يُصنف التظلم الإداري بالنظر إلى السلطة الإدارية التي يقدم إليها التظلم إلى:
1.التظلم الولائي: هو التظلم الذي يقدم من صاحب الشأن أو ممثله القانوني إلى مصدر القرار الإداري قبل مخاصمة مشروعية القرار قضائياً، لغرض إعادة النظر في القرار المعيب أما سحبه أو تعديله أو الغائه، أو هو التماس يقدم إلى من صدر منهُ القرار المشكو منه ويطالب فيه الإدارة بدراسة قرارها ومراجعته([17]).
ومع الفائدة المتقابلة للإدارة والفرد المتضرر من القرار الإداري نجد أن الإدارة غالباً ما تُصر على قراراتها، وقد ذهبت إلى أبعد من ذلك من خلال توجب مقدمي الطلب والتظلم إلى مراجعة محكمة القضاء الإداري للحصول على قرار قضائي([18]).
2.التظلم الإداري الرئاسي ويقصد بالتظلم الرئاسي/ التظلم المقدم إلى الرئيس الإداري الأعلى لمصدر القرار الإداري، ويجب توجبه التظلم الرئاسي إلى السلطة الرئاسية لمصدر القرار الإداري وهي السلطة الإدارية التي تملك قانوناً حق رقابة مشروعية قرارات مصدر القرار، ويتولى من له حق الرقابة إجراء التحقيق الإداري وإتخاذ القرار المناسب([19]).
وتتضح أهمية التظلم الإداري الرئاسي بالمقارنة مع التظلم الإداري الولائي في إنه يمثل أداة رقابية على نشاطات المرؤوسين ويساعد على اكتشاف أوجه الخلل والقصور في الجهة الإدارية التي يشرف عليها الرئيس الإداري الأعلى فضلاً عن تزايد احتمالات توفر الضمانات الجيدة والموضوعية في نظر التظلم والفصل فيه من الرئيس الإداري وهو أمر قد لا يتوفر في التظلم الولائي لاسيما عندما ينتصر مصدر القرار لقراره ويأبى التراجع عنه، الأمر الذي قد يؤدي إلى تجاهل التظلم المقدم إليه، أو إلى رفضه دون وجه حق([20]).
وإن التطبيقات العملية في جمهورية العراقية كثيراً ما تأخذ بالتظلم الرئاسي من خلال تقديم التظلم لدى الوزير المختص أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة وخصوصاً عند صدور القرار من جهة لا تتمتع بالشخصية المعنوية وغالباً ما يراعى ذلك تمهيداً لتحقيق الإجراءات الشكلية عند رفع دعوى الألغاء لدى محكمة القضاء الإداري من جهة تحقيق الخصومة، والعديد من القوانين العراقية نظمت حالات الاعتراض على القرارات الإدارية لدى الوزير المختص والتي تعد بمثابة تظلم رئاسي([21]).
3.التظلم أمام اللجان الإدارية. يُشكل المشرع في بعض الأحيان لجاناً إدارية يناط بها صلاحية الفصل في بعض صور التظلم الإداري، ويحدد المشرع مهام تلك اللجان وطبيعة القرارات التي تصدر عنها، وفي التشريع العراقي توجد مثل هذه اللجان ومنها لجنة التحقق في قضايا المفصولين السياسيين المشكلة بموجب قانون المفصولين السياسيين رقم (24) لسنة 2005 ولجنة النظر في قضايا المتقاعدين في الهيئة الوطنية للتقاعد المؤسسة بموجب المادة (20) من قانون التقاعد الموحد رقم (27) لسنة 2006 ولجنة الاعتراضات على قرارات لجنة تصنيف المقاولين المشكلة بموجب تعليات تصنيف المقاولين رقم (1) لسنة 2008. المبحث الرابع أنواع التظلم الإداري من حيث الالتزام القانوني بتقديمه يمكن تصنيف التظلم الإداري وفقاً للالتزام القانوني إلى:
1.التظلم الأختياري (الجوازي)
2.التظلم الوجوبي.

1-التظلم الأختياري (الجوازي) يقصد بالتظلم الاختياري قيام المتظلم اختيارياً بعرض أوجه الطعن الموجهة من جانبه إلى القرار الإداري الصادر بشأنه على جهة الإدارة طالباً منها انصافه سواء من خلال إزالة وجه عدم المشروعية الذي شاب القرار محل التظلم، ومن ثم القيام بسحبه أو تعديله أو من خلال إزالة وجه عدم الملاءمة المنطوي عليه ذلك القرار(
[22]) أن التظلم الأختياري قد ينظر إليه كأحد طرق تصحيح الإدارة لقراراتها وتقليل حالات اللجوء إلى القضاء ولكن يجب مراعاة الدقة في المدد الواجبة والمحددة للطعن، لأن التظلم دليل على العلم اليقيني في الأمر الإداري – محل التظلم – فأن سلوك طريق التظلم وانتظار مرور مدة الثلاثين يوماً لغرض البت أو الرد عليه حقيقة أو حكماً قد يفوّت مدة الطعن أمام الجهة المختصة وهذا ما يحصل كثيراً في دعاوى الموظفين أمام مجلس الأنضباط العام وكثيراً ما ترد الدعوى استناداً إلى أحكام الفقرة (ثالثاً) من المادة (التاسعة والخمسين) من قانون الخدمة المدنية رقم (24) لسنة 1960.

ا2- التظلم الوجوبي يكون التظلم وجوبياً إذا الزم المشرع الشخص المعني بالالتجاء بتظلمه إلى الإدارة قبل رفع دعواه أمام القضاء فإذا أقام دعواه مباشرة دون اتباع هذا الاجراء أي تقديم التظلم وانتظار البت فيه كانت غير مقبولة(
[23]).

وقد صدقت المحكمة الاتحادية العليا بقرارها بالعدد/ 75/ اتحادية/ تمييز/ 2011 قرار محكمة القضاء الإداري بالدعوى (160/2011) برد دعوى المدعي لعدم التظلم. ومن أوضح الأمثلة على التظلم الوجوبي في جمهورية العراق ما نصت عليه الفقرة (و) من البند (ثانياً) من المادة (7) من قانون مجلس شورى الدولة رقم (65) لسنة 1979 "يشترط قبل تقديم الطعن إلى محكمة القضاء الإداري أن يتظلم صاحب الطعن لدى الجهة الإدارية المختصة التي عليها أن تبت في التظلم وفقاً للقانون خلال ثلاثين يوماً من تأريخ تسجيل التظلم لديها. وعند عدم البت في التظلم أو رفضه تقوم محكمة القضاء الإداري بتسجيل الطعن لديها بعد استيفاء الرسم القانوني". كذلك نص البند (ثانياً) من المادة (15) من قانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام رقم (14) لسنة 1991 "يشترط قبل تقديم الطعن لدى مجلس الانضباط العام على القرار الصادر بفرض العقوبة التظلم من القرار لدى الجهة التي أصدرته وذلك خلال (30) ثلاثون يوماً من تأريخ تبليغ الموظف بقرار فرض العقوبة وعلى الجهة المذكورة البت بهذا التظلم خلال (30) ثلاثين يوماً من تأريخ تقديمه وعند عدم البت فيه رغم انتهاء هذه المدة يُعد ذلك رفضاً للتظلم". وعلى مقدم التظلم انتظار مرور الثلاثين يوماً قبل إقامة الدعوى وهي المُهلة التي تنظر فيها الإدارة في التظلم وإن إقامة الدعوى قبل انتهاء المدة المذكورة تستوجب رد الدعوى وقد صدقت المحكمة الاتحادية العليا بقرارها بالعدد (31/اتحادية/ تمييز/ 2012) على قرار محكمة القضاء الإداري بالدعوى المرقمة (468/ق /2011) وذلك لتقديم التظلم بتأريخ 18/2/2011 وإقامة الدعوى بتأريخ 22/2/2012.
منقول