من أهل الدار
الصبر كميل يا زكية
تاريخ التسجيل: August-2012
الدولة: مُرني
الجنس: ذكر
المشاركات: 14,201 المواضيع: 2,060
صوتيات:
2
سوالف عراقية:
0
مزاجي: كده..اهو ^_^
آخر نشاط: 16/July/2024
تعريف الاعتراف وشروطه في الاثبات المدني والجنائي في القضاء العراقي وتطبيقاتة
تعريف الاعتراف
بادئ ذي بدء وعند الكلام عن الاعتراف ينبغي أن لا تغيب عن أذهاننا المقولة المشهورة والتي تتردد على السنة الناس بكثرة والتي مفادها إن (( الاعتراف سيد الأدلة )) فما هو الاعتراف ليمكن القول أنه (( سيد الأدلة )) ؟ لذا نجد لزاماً علينا أن نعرف الاعتراف في اللغة وفي الفقه القانوني .
الاعتراف لغة :-
يقال عرف فلان فلاناً ، وعَّرفه إذ وقفه على ذنبه ثم عنه وعَّرفه الأمر : اعلمه إياه وعَّرفه بيته اعلمه بمكانه ، واعترف القوم : يسألهم وقيل سألهم عن خبر ليعرفه () وأعّرف بالشيء : أقر به () والاعتراف الإقرار واصله إظهار معرفة الذنب وذلك ضد الجحود () قال تعالى :{ فَاعْتَرَفُوا بِذَنبِهِمْ فَسُحْقاً لِّأَصْحَابِ السَّعِير}() وقال تعالى :{ قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيل}() .
أما تعريف الاعتراف في اصطلاح الفقه القانوني فقد عرف بأنه (( إقرار المتهم على نفسه بارتكاب الوقائع المكونة للجريمة كلها أو بعضها )) والواضح من التعريف أن الاعتراف عمل إرادي ينسب به المتهم إلى نفسه ارتكاب وقائع معينة مما تتكون به الجريمة () .
فالاعتراف : هو إقرار المتهم بكل أو بعض الواقعة المنسوبة إليه أو بظرفها . وبعبارة أخرى هو إقرار المتهم بما يستوجب مسؤوليته أو بما يشددها . أما تقديره لما يمحو مسؤوليته أو يخففها فلا يعد اعترافاً بل ادعاء . وبعبارة أخرى فان الاعتراف هو إقرار المرء على نفسه بما يضرها بخلاف الشهادة فإنها إقرار المرء على غيره سواء بما يضر هذا الغير أم ينفعه () .
شروط الاعتراف
إن الاعتراف باعتباره دليلاً كافياً لإدانة المتهم لابد أن تتوافر فيه جملة شروط ليمكن الاعتداد به والركون إليه ولكون اعتراف المتهم على نفسه هو أقرب إلى الصحة من اعتراف غيره عليه (( إذ أن الإنسان في العادة لا يظلم نفسه )) .
أما إذا جاء الاعتراف خالياً من الشروط الواجب توافرها لصحته فهذا يعني ان الاعتراف شابه خلل وتسرب إليه الشك والظن والشك كما هو معروف يفسر لصالح المتهم ولكي يأخذ بالاعتراف لابد أن يطمئن إليه وتتولد القناعة بصحته لإعتباره من أقوى أدلة الإثبات في الدعوى الجزائية لابد أن تتوافر فيه الشروط الآتية () :-
أولاً :- أن تتوافر لدى المتهم المعترف الأهلية القانونية اللازمة للاعتراف .
لابد أن تتوافر في المتهم المعترف الأهلية اللازمة للاعتراف بان يكون لدى المتهم المعترف القدرة على فهم ماهية أفعاله وطبيعتها وان يكون مقدراً للآثار المترتبة على أفعاله ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتمتع بهذه الأهلية كل من صغير السن والمجنون والمصاب بعاهة عقلية ومن ثم فأن الاعترافات الصادرة من هذه الطائفة تكون غير مقبولة بالإثبات الجنائي .
أما سن المسؤولية الجزائية فهو تمام التاسعة من العمر حسب ما ورد في المادة (47) من قانون الإحداث العراقي رقم 76 لسنة 1983 .
يعرف الجنون (( Demine)) بأنه يمثل حالة الشخص الذي يكون عاجزاً عن توجيه تصرفاته على صورة صحيحة بسبب توقف قواه العقلية عن النمو أو انحرافها أو انحطاطها بشرط أن يكون في نطاق الحالات المرضية المعينة وعُرفَ الجنون أيضاً بأنه عدم قدرة الشخص على التوفيق بين أفكاره وشعوره وبين ما يحيط به لأسباب عقلية () .
الملاحظ أن المشرع العراقي وفي المادة (60) من قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 المعدل أضاف إلى لفظ الجنون تعبير ((عاهة العقل )) وهذا التعبير هو مصطلح مرن ومطاط تدخل تحته أصناف شتى من الأمراض العصبية والنفسية كالصرع والهستيريا وازدواج الشخصية (( شيزوفرينيا )) وغيرها من الأمراض الأخرى .
لقد دعى أحد الباحثين في الفقه الجنائي إلى وجوب التمييز بين ((عاهة العقل)) في ذاتها كمرض من الأمراض يصيب القوى الذهنية بالخلل والاضطراب وبين الجنون بعدّه مظهراً جنائياً للإصابة بها إذ يرتب عليه القانون أثراً محدداً مقتضاه امتناع قيام مسؤولية وهما سلامة الإدراك والإدارة ويطلق على هذه المظهر ((الجنون )) اصطلاحاً () .
من التطبيقات القضائية ما ذهبت إليه محكمة التمييز الاتحادية في أحد قراراتها إلى (( من تدقيق أوراق الدعوى وجد إن وكيلا المتهم قد أرفقا بعريضتي الطعن دفتر الخدمة العسكرية الصادر من مديرية تجنيد مدينة صدام / 1 بعدد (718172223) في 24/ 2/ 2003 المتضمن إعفاءه من الخدمة المسلحة وغير المسلحة لأصابته بمرض اضطراب النفسية حيث يقتضي التحقيق من سلامة قواه العقلية قبل إجراء محاكمته للوقوف على إذا ما كان يقدر مسؤولية فعله وقت الحادث من عدمه وهل يستطيع الدفاع عن نفسه أمام المحكمة في الوقت الحاضر من عدمه في الدعوى وإعادتها إلى محكمتها لغرض إحالة المتهم إلى اللجنة الطبية المختصة للأمراض العصبية والنفسية في مستشفى الرشاد لفحصه وبيان ما إذا كان يقدر مسؤولية نفسه أمام المحكمة في الوقت الحاضر من عدمه وعلى ضوء الجواب اتخاذ القرار المناسب ..... )) () .
ثانياً :- أن يكون الاعتراف صادراً عن إرادة حرة .
وليمكن الأخذ بالاعتراف لابد أن يدلي المتهم باعترافه بإرادة حرة بعيدة عن تأثير أي قوة أو مؤثرات خارجية وغيرها من الوسائل غير الشرعية التي تؤثر على هذه الإرادة الحرة أو تعدمها وان لا يكون المتهم قد أدلى باعترافه تحت تأثيره إكراه (( مادي أو معنوي )) أو الرهبة أو الوعود أو الوعيد والتهديد .
لابد من الإشارة إلى نص المادة (37 / الفقرة أولاً / ج ) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005() والتي نصت على (( يحرم جميع أنواع التعذيب النفسي والجسدي والمعاملة غير الإنسانية ولا عبرة بأي اعتراف انتزع بالإكراه أو التهديد أو التعذيب وللمتضرر المطالبة بالتعويض عن الضرر المادي أو المعنوي الذي أصابه وفق القانون )) ومن ثم لا يمكن بأي حال من الأحوال إكراه المتهم على الاعتراف () .
من التطبيقات القضائية ما ذهبت إليه محكمة التمييز الاتحادية في أحد قراراتها إلى (( على المحكمة أن تحيل المتهم على لجنة طبية لفحصه بغية التحقق من صحة ادعائه بأن إقراراه في دور التحقيق والذي تراجع عنه أمام المحكمة تم أخذه بالإكراه والتعذيب بعد قلع أظافر رجليه بواسطة البلايس )) () .
ثالثاً :- أن يكون الاعتراف صريحاً وواضحاً لا لبس فيه ولا غموض .
يشترط في اعتراف المتهم ليمكن الاعتماد عليه كدليل في الإدانة والحكم أن يكون صريحاً وواضحاً لا لبس فيه ولا غموض ينصب على الواقعة الإجرامية ومتطابقاً مع الظروف والوقائع المادية التي تستكشف من الجريمة .
وبناءاً على ما تقدم يشترط في اعتراف المتهم أن يكون على درجة من الوضوح التي لا يتحمل معها التأويل وان لا تكون المحكمة بنت قناعتها في إدانة المتهم على كلمات من أقوال المتهم قيلت في مراحل وفي مناسبات وأوقات مختلفة لذا يشترط في اعتراف المتهم أن يكون مطابقاً للحقيقة والواقع . فلوا اعترف المتهم بأنه قتل المجنى عليه خنقاً ثم اثبت تقرير الطب العدلي بأن المجنى عليه قتل بمادة سمية فلا يمكن اعتماد هذا الاعتراف دليل إثبات لمخالفته الحقيقة () .
من التطبيقات القضائية ما ذهبت إليه محكمة التمييز الاتحادية بقرار لها إلى أن (( اعتراف المتهم أمام قاضي التحقيق بعد أكثر من شهرين من تاريخ القبض عليه والذي لم يعزز بأي دليل آخر أو قرينة تؤيد صحة أقواله ولم يبين في اعترافاته تاريخ ارتكاب الجريمة التي اعترف بها يجعل هذا الاعتراف موضع شك والشك يفسر لصالح المتهم لذا تكون الأدلة بهذا الاعتراف المجرد غير كافية للإدانة)) () .
رابعاً :- أن يكون الاعتراف مستنداً على إجراءات صحيحة .
إن هذا الشرط يعني أن تكون الإجراءات التي اتبعت للحصول على اعتراف المتهم صحيحة وأصولية ومنسجمة مع النصوص القانونية النافذة وان تكون الإجراءات التي صدرت بحق المتهم منذ القبض عليه وتوفيقه قد جرت وفق القانون . وان يكون الاعتراف صدر أمام جهة مختصة باستجواب المتهم كأن تكون محكمة التحقيق أو محكمة الموضوع ويشترط في الاعتراف أن يكون قضائياً فالاعتراف القضائي هو ما يصدر من المتهم على نفسه أمام المحكمة (). كما أن للمحكمة الأخذ بإقرار المتهم أمام المحقق إذا ثبت لها بالدليل المقنع أنه لم يكن للمحقق وقت كافي لإحضاره أمام القاضي لتدوين أقواله المادة (217/ أ ) الأصولية.
منقول