شروط الإقرارالقضائي
القاضي عواد حسين ياسين العبيدي

الإقرار عمل إرادي مقصود يصدر عن المقر لصالح المقر له أمام القاضي . ولصحة الإقرار لابد من توافر شروط في المقر لصحة إقراره وكذلك الحال بالنسبة للمقر له كما أن للإقرار محل يرد عليه يدعى (بالمقر به) وهذا الأخير له شروط يجب توافرها للاعتداد بالإقرار وصحته وترتيب الآثار عليه لذا سنتناول شروط صحة الإقرار وباختصار في ثلاث فقرات وكالأتي () :-
أولاً :- المقـر
هو ذلك الشخص الذي يصدر عنه الإقرار ويشترط لصحة إقراره أن يكون إقرار الشخص صادراً عن ذي أهلية كما أن يصدر الإقرار عن رضا سليم عليه سنتطرق إلى هذين الشرطين بإيجاز شديد :-
الأهلية
الإقرار بالحق كالتصرف فيه لان الآثار الناتجة عن الإقرار هي نفس الآثار الناتجة عن التصرف بالحق . وعليه فأنه يشترط في المقر أن يتمتع بأهلية التصرف الكاملة . وعلى هذا الشرط نصت الفقرة الأولى من المادة (60) من قانون الإثبات (( يشترط في المقر أن يتمتع بالأهلية الكاملة فلا يصح إقرار الصغير والمجنون والمعتوه ولا يصح على هؤلاء إقرار أوليائهم أو أوصيائهم أو القوام عليهم )) وأجاز القانون إقرار الصغير المميز المأذون فيما أذن له به واعتبره صحيحاً فقد نصت المادة (61) من قانون الإثبات على (يكون لإقرار الصغير المميز المأذون حكم إقرار كامل الأهلية في الأمور المأذون فيها )).
سلامة الرضا
أي أن يصدر الإقرار عن إرادة حرة ينتفي معها كل إجبار مادياً كان أم معنوياً. وإن عبء الإثبات على عاتق من يدعي وقوع إكراه عليه أو إن إرادته كانت مشوبة بعيب من عيوب الإرادة ().
ثانياً / المقر لـه
إن الإقرار هو عمل إرادي يصدر عن إرادة منفردة وهي إرادة ((المقر)) لذا اشترط القانون أن يكون المقر كامل الأهلية وان يصدر إقراره عن رضا سليم ليمكن الاعتداد بالإقرار وترتب الآثار القانونية عليه .
أما المقر له فيشترط أن يكون شخصاً موجود حقيقة أو حكماً ومعلوماً وقت صدور الإقرار وعليه فأن جهالة المقر له تبطل الإقرار ولهذا فأن يصح أن يكون له طفلاً رضيعاً أو صغيراً مميزاً أو غير مميز . كما يصح الإقرار للشخص المعنوي لأنه شخص موجود حكماً وله أهلية التملك () .
ولا يشترط العقل لدى المقر له أن يكون مجنوناً أو معتوهاً أو مصاباً بأي مرض عقلي . وهذا ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة (62) من قانون الإثبات التي نصت عليه ((ثانياً / لا يشترط أن يكون المقر له عاقلا ً )) .
ثالثاً :- المقر به
المقر به هو الحق الذي جرى به الإقرار ، لأن الإقرار هو (إخبار الخصم ((بحق)) عليه لآخر ) () وقد نصتالمادة (63) من قانون الإثبات المعدلة بالقانون رقم (46) لسنة 2000 () على الشروط التي يلزم توافرها بالمقر به وهي ((يصح الإقرار بالمعلوم كما يصح الإقرار بالمجهول إلا في العقود التي لا تصح مع الجهالة فإذا أقر الخصم في عقد يصح الإقرار فيه مع الجهالة ، فليزم بتعين ما أقر به )) في حين هناك من شراح قانون الإثبات من يرى أن النص قبل التعديل كان أوضح وأدق () . كما نصت الفقرة ((أولاً)) من المادة ((64)) من قانون الإثبات على شرط آخر وهو (( يشترط في الإقرار ألا يكذبه واقع الحال )) . عليه ومن خلال قراءة النصوص القانونية المذكورة وتحليلها يمكن التوصل إلى الشروط الواجب توافرها في ((المقر به )) () وهي :-
معلوماً غير مجهول جهالة فاحشة
إن المقر به يجب يكون معلوماً في التصرفات التي لا تكون صحيحة مع الجهالة كالبيع والإيجار فأن الجهالة الفاحشة وليست اليسيرة بمحل هذه التصرفات يؤدي إلى عدم صحتها أصلاً فلا يصح الإقرار بها . ولكن لا يشترط ذلك في التصرفات التي مع الجهالة كالغضب والوديعة وجواز قبول الإقرار في هذه الحالة ضرورة استوجبها العمل على حفظ وضمان حقوق الناس قدر الإمكان .
أن يرد الإقرار على تصرف مشروع
أي إن لا يصح أن يكون المقر به تصرفاً مخالفاً للنظام العام أو الآداب وان لا يمنع المشرع إثبات الإقرار به وان يكون من الجائز التنازل . فلا يجوز أن يكون المقر به رباً فاحش أو دين أو قمار أو التعامل في تركه إنسان حي .
أن لا يكذبه ظاهر الحال
كما لو أقر شخص بأنه مدين لآخر بمبلغ كبير من المال في وقت لا يمكن أن يكون ذلك الشخص قد امتلك مثل هذا المال مطلق ، وكذلك إقرار شخص ببنوة آخر أكبر منه سناً .
أما في التطبيقات القضائية
فقد ذهبت محكمة التمييز في العراق في قرار لها ((إن مجرد كون المدعي عليه موسراً لا ينهض سبباً كافياً لإهدار حجية سند الكمبيال الذي حرره ولا يؤثر على تعامله مع الآخرين بالاستدانة لأن تكذيب الإقرار بظاهر الحال يعني أن يكون الإقرار محالاً من كل الوجوه ويجب عدم التوسع في هذا النص كي لا تهدر حجية السندات بمثل هذه الدفع غير المستند إلى دليل () .
وذهبت محكمة التمييز بقرار آخر لها إلى مبدأ مفاده (( لقد استقر الفقه والقضاء على إن المقصود بعبارة (( يشترط ألا يكذب ظاهر الحال الإقرار )) أن يكون الإقرار محالاً من كل الوجوه كما لو أقر شخص ببنوة آخر أكبر منه السن))() .