بعد ثلاثين عاماً من العيش في إمارة دبي في الإمارات العربية المتحدة قام مدير الأبحاث في منظمة "نيو أمريكا" للأبحاث والعامل في معهد سنغافورة للعلاقات الدولية، باراغ كانا، بكتابة تحليل حول تصوره بتحول دبي إلى مركز للعالم مجدداً، خاصة بعد الأزمة الاقتصادية التي ضربت العالم، وأثرت في الإمارة. وقال كانا: "لقد شهدت خلال فترة طفولتي ونموي في دبي عندما كانت أبرز المعالم في الإمارة، مطعم دائري في منطقة خور الديرة، وسوق الذهب المتواضع في إمارة الشارقة القريبة، ولكن التغيير الجذري وقع تحت قيادة الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، ومن ثم تابع المشوار ابنه الثالث الشيخ محمد بن راشد، الحاكم الحالي لإمارة دبي، وهو أيضا رئيس الوزراء ونائب رئيس الدولة."
فندق أتلانتس الواقع على جزيرا الجميرا
وأضاف :"عقود من الاستثمار المركز على البنية التحتية ساعدت في إنشاء أحد أكثر الموانئ نشاطا في العالم، أي ميناء جبل علي، بالإضافة إلى إنشاء أكثر المطارات حركة في العالم"، مشيراً إلى أن "مول دبي، الواقع عند قاعدة برج خليفة الذي يعتبر أطول برج في العالم، تلقى أكثر من 65 مليون زيارة في عام 2012، وهو رقم يفوق أي موقع سياحي آخر حول العالم."
واستعان كانا بكتاب "The History of Future Cities"، أي "تاريخ مدن المستقبل،" لمؤلفه دانييل بروك، قائلاً :"وصف الكاتب مدينة دبي بكونها مركزاً للعالم بناءً على العديد من الحقائق، لكنه لم يكتف بوصف دبي كمدينة فحسب، بل وصفها بفكرة وبحلم مستقبلي جديد."
وأشار كانا إلى أن "الجغرافيا لها دورها في عملية إعادة إنعاش دبي، إذ أن أكبر تجارة للإمارات العربية المتحدة تكمن مع الصين والهند"، وأضاف "دبي تحتضن دبي أيضا عدداً من الشركات المستثمرة في إفريقيا، وتعد منزلاً لمراكز القوة المحلية مثل شركة موانئ دبي العالمية، التي تتحكم بالموانئ العاملة في جيبوتي وصولاً إلى السنغال، إضافة إلى خطوط الطيران الإماراتية التي تعتبر شركة الطيران الوحيدة الموفرة للرحلات المباشرة من دبي إلى أي مدينة رئيسية في العالم."
لقطة لمطار دبي
واستدل كابا أيضاً بالكتاب المرتقب لأحد رواد الأعمال في المجال التكنولوجي، كريس شورودير، الذي أشار فيه إلى أن دبي تعد "مدخلاً أساسياً للشركات التي تحاول الوصول إلى أكثر من 300 مليون مستهلك عربي."
وأضاف كابا في تحليله أن "أبرز المعيقات الجغرافية-السياسة التي يمكن أن تواجه دبي في نهوضها تتمثل بإيران، التي ستمضي هذا العقد منعزلة عن غيرها،" ولكنه أضاف: "ولكن مهما مرت إيران بظروف تنوعت بالحرب أو الدبلوماسية، سواء امتلكت أسلحة نووية أم لم تمتلكها، فإن الدولة الفارسية العملاقة ستظل فاتحة أبوابها أمام قطاعات الأعمال."
لقطة لوسط مدينة دبي وبرج خليفة أطول أبراج العالم
وأشار كابا إلى "أنه وبالرغم من أن البلد (أي الإمارات العربية المتحدة) تعد منفتحة ومتقبلة للتغيير والتقدم، إلا أن للحريات ثمنها، إذ ذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش في الآونة الأخيرة إلى انخفاض في مستويات الحرية في التعبير عن الرأي، والتستر في التعامل مع قطاعات العاملة في القطاع الخاص، بالإضافة إلى اتباع سياسات التخويف وسجن المعارضين، بالإضافة إلى استمرار الاتجار بالبشر، وضعف حماية العمالة الوافدة."
وأضاف كابا بأن التحدي الأكبر أمام الإمارات العربية المتحدة "يتمثل بديموغرافيا السكان فيها، إذ تعتبر الإمارات وقطر من الدول المميزة حول العالم، من حيث الاختفاء التدريجي لسكانها الأصليين بفعل التدفق الكبير من قبل الأجانب حول العالم."
جزيرة جميرا المبنية صناعياً من خلال صب الرمال في البحر
وأشار كابا إلى أنه "وفي الوقت ذاته تسجل دبي أعلى نسبة من المواليد الأجانب حول العالم، ورغم أنها لن تصل إلى قالب تندمج فيه الشعوب كما في نيويورك، إلا أنها ستحتاج للوصول إلى هذه المرحلة من الاستمرارية إلى التغيير من نظام إقطاعي قديم لتبتكر نموذجاً جاذباً للمصالح، الذي يتم من خلاله منح القادمين إلى البلاد إقامات طويلة، وأن يمتلك المواطنون والأجانب الحقوق والمسؤوليات ذاتها، وإن بادرت بذلك فإنها ستعتبر قدوة لغيرها من عشرات المدن الأخرى التي تتحول إلى حاضنات لمجتمعات متعددة الثقافات، وهذا بالضبط ما يتوقعه العالم من مركزه المستقبلي."
منقول