لم يكن الجندي ابن الناصرية يعلم ان خدمته لاهالي الفلوجة جزاؤها القتل تقطيعا وحرقا . كان يعمل مع زملائه تحت الشمس لعمل سدود ترابية تقي أهل الفلوجة خطر فيضان محتمل. هو يعمل للوطن وكل أهله، وابن الفلوجة هو كابن الناصرية او البصرة او الرمادي او اربيل. تعلّم من أهله إن العراق نسيج واحد، وإنه العشيرة الكبيرة التي ينتمي إليها الجميع. هاجمه مسلحون بعناوين وشعارات عديدة لكنها بعيدة عن أي دين أو منطق أو أخلاق أو ضمير. قطّعوه بالسكاكين ثم أحرقوا جثته. بالأمس سمعنا نعيق غراب من على إحدى منصات التحريض الطائفي المقيت، يدعو عشائر الجنوب الى سحب أبنائهم من الجيش.
أية دولة هذه ...؟
في الحويجة يرابط العسكري ابن المنطقة (من الجبور) منذ شهور في نقطته قرب ساحة الاعتصام يحمي أبناء عمه وأهل بلدته من أي خطر، لكن نعيق غراب أسود آخر قام بتحريض المعتصمين عليه فهاجمه عدد من «المعتصمين السلميين»، ليقتلوه ويصيبوا زملاءه بجروح بليغة. العديد من مراكز الشرطة المحلية تعرضت لهجمات قتل فيها رجال شرطة من المناطق الغربية نفسها. كل هذا لم يحرّك «غيرة» رجال عصابات انتحلوا صفة سياسيين يتولون مناصب رفيعة. لكن أفواههم الكريهة انتفضت عندما أراد الجيش الرد على النيران واستعادة هيبته أمام عصابات محترفة، فراحت تتهم الجيش بأنه الجاني، وإن قادته "يجب أن يقدموا الى المحاكمة" بل إن أحد رموز العصابات طالب بتسليم الضباط الى العصابات نفسها.
أية دولة هذه...؟
مئات من أفراد القوات الأمنية (جيشاً وشرطة) قتلوا خلال أشهر الاعتصامات والتظاهرات الأربع، على يد العصابات التي تسيطر على ساحات التظاهر وتقود جموع المغفلين الى الهلاك. الأسلحة تتكدس في الساحات والأموال تتحول من الدوحة الى بيروت الى العراق لتوفير «ما تحتاجه» هذه الساحات. كل هذا والغربان السود تنعق: ليس بيننا مندس. فمن يقوم بهذه الجرائم إذن؟.
عناصر العصابات الذين اطلقوا النار على الجيش وقتلوا بعض أفراده تم اعتقالهم مع أسلحتهم ومعهم هوياتهم التي تشير الى عضويتهم في هذه العصابات، لكن اللجنة المشكلة برئاسة السيد صالح المطلق، أطلقت سراحهم واعتذرت منهم، أما من قتل منهم في المواجهة مع الجيش فعدته شهيداً وسيحصل ذووه على كامل حقوق الشهداء، التي يعجز عن تحصيل بعضها ايتام من استشهدوا بعمليات ارهابية نفذتها هذه العصابات.
أي بلد هذا؟ أي ضمير هذا؟ أي قانون هذا؟ أي عراق هذا؟
الى أين نحن ذاهبون؟'