بسم الله الرحمن الرحيم
((اعْلَمُوا أنّمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا كَمَثَلِ غَيْث أَعْجَبَ الكُفّارُ نَبَاتَهُ ثُمّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصّْفَرّاً ثُمّ يَكُونُ حُطَامَاً وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَديدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرضوانُ وَمَا الحَيَاة الدُّنيَا إلاّ مَتَاعُ الغُرُور))
نلاحظ في معظم الآيات القرآنية أن الله سبحانه وتعالى يضرب مثل الحياة الدنيا بالزرع والمطر والغيث وغيرها من تشابيه العطاء الزاخر للعموم دون مقابل وتفرقة...
في هذه الآية المباركة يأتي الخطاب الأول بالعلم, وكأنه تنبيه وأمر وتحذير, فمن يعلم حقيقة شيء يُحسن التعاطي معه, وهنا يُعْلِمُنا الله سبحانه الحقيقة المجرّدة للحياة الدنيا كي لا نركن اليها ولا نطمئن لعطائها لإن من استهوته الدنيا واطمأن لها تتلاعب به يمنة ويسرة كأرجوحة الأطفال في يوم العيد يلهو بها فتأخذه نشوة الأهواء والميول حتى يترنح وهوغافل عما أُحيط به عندها تتزيّن له بأبهى حُللها الخدّاعة , وتغدق عليه من زينتها ولعبها حتى يغرق فيها فيلتذُّ بالأخذ منها ليُشبع جوعه فيأخذ منها دون حساب لأي مشاعر انسانية التي يتفلّت منها, عندها تصبح الدنيا دار استقراره التي يبدا بإعمارها ومبادلتها الزينة , فتتزيّن له ويتزيّن لها
((كالغيث!!! ياألله ما أروع هذا التعبير!!!))
فالغيث يأتي بعد القحط وحبس المطر ليسقي الأرض العطشى وكذلك الأنسان المتعطش للدنيا تأتيه كالغيث فيفرح ويركن اليها ويُعجب بها ويقول جاء الفرج ,,فيأخذ ويأخذ حتى يمتلء ويُتخم فيصفّر ,
(والإصفرار علامة الدنو من الموت) ثم يكون حطاماً وتأتي الآخرة ففي الحديث :
من مات قامت قيامته,,
ياربي ما هذا العذاب الشديد!!!!!!!!!!
لقد كنت في غفلة من هذا فبصرك اليوم حديد,
ربي ارجعوني لعلي أعمل صالحاً ,, كلا, إنك قد أخذت فرصتك وجئت حاملاً متاعك الباطل يُثقل ظهرك فلا مجال للرجوع لقد كانت آياتي تتلى عليك فلم تسمعها , أفمن وعدناه وعداً حسناً فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا!!!!!!!!!!!!!!!
الذي علم ووعى وعمل للآخرة وصدّق وعد الله وجاء خفيف الظهر من الأوزار سبقه عمله ليلقاه ويلقى معه رضوان الله ومغفرته ورحمته وما اعدّه له مما لاعين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يمنّ علينا بالعلم النافع والعمل الصالح الذي يرضاه لنا وننال به رضوانه ومغفرته ومرافقة النبي وآله صلى الله عليهم والحمد لله رب العالمين.
منقول