*
بلند الحيدري شاعر عراقي معروف، رحل عن هذا العالم عام 1996، وهو من جيل الرواد المؤسسين للقصيدة الحديثة المعاصرين لشعراء مثل بدر شاكر السياب، وعبد الوهاب البياتي، ونازك الملائكة. الناقد جاسم محمد جسام يعتقد أن بلند الحيدري لم يعط الاهتمام المناسب في النقد ضمن المنجز الأدبي العراقي، ويضيف: (الشاعر بلند الحيدري شاعر ظلم من قبل النقد كثيرا، ولنتحدث بصراحة، كان بلند الحيدري من جيل الأوائل الذين مارسوا الكتابة الحديثة، وأقصد بالكتابة الحديثة ما اصطلح عليه بالشعر الحديث). ولد بلند الحيدري في بغداد في السادس والعشرين من شهر أيلول عام 1926، وهو كردي الأصل، واسمه يعني (شامخ). والده كان ضابطا في الجيش العراقي. في بداية حياته تنقل بلند بين المدن الكردية مثل السليمانية واربيل بحكم عمل والده، وظهرت نوازع التمرد عند الشاعر على بيئته الاجتماعية المحيطة مع نضجه، إذ هجر عائلته وعاش بطريقة متمردة وقام بأعمال مختلفة مثل كتابة العرائض. كتاباته الشعرية كانت مواكبة للأحداث المحيطة به، واتسمت بنزعة واقعية كما يرى الناقد جاسم محمد جسام الذي يقول: (بلند الحيدري يمثل المدرسة الواقعية في الشعر، وكان له أسلوب خاص يتمثل في تعبيره عن ثيمات واقعية ومارسه بحرفية عالية). بالرغم من حياة التشرد التي عاشها كان بلند حريصا على تثقيف نفسه، إذ كان يذهب إلى المكتبة العامة على مدى أعوام ويبقى فيها حتى ساعة متأخرة من الليل، وصادق حارس المكتبة الذي كان يسمح له بالبقاء فيها بعد إقفالها. مؤلفاته التي ابتدأت مع ديوانه (خفقة الطين) عام 1946، استمرت مع صدور ديوانه (أغاني المدينة الميتة) عام 1951، وديوان (جئتم مع الفجر) عام 1961، و(خطوات في الغربة) عام 1965 والذي أصدره في بيروت، التي نشر منها كتبه الأخيرة وصولا إلى كتابه (زمن لكل الأزمنة) عام 1981, وتنقل بلند في غربته بين مدن عربية وعالمية كثيرة، حتى وفاته عام 1996 في مستشفى بمدينة نيويورك.
عبث ..
وستبتغين ... وترفضين
وستضحكين ... وتحزنين
ولكم سيحملك الخيال
لكن .. هناك
هناك في العبث الذي لا تدركينْ
ستظلُ ساعتك الانيقةْ
تلهو بأغنية عتيقةْ
ولن تري
ماتبصرينْ
ستتكتك اللَّحظات فيها كل حين
ستتكتك اللَّحظات
في المنفي الصَّغيرْ
ولا مصيرْ
وتمر عابثة بما تتأملين
لكنما
أنتِ التي لا تدركيْن
فستبغين ْْ ... وترفضين
وستضحكينَ ... وتحزنينْ
ولكَمْ سيحملك الخيال
فتحلمين