* العلوم عند المزارعين الاولين :
كانت الشعوب الزراعية فى الشرق الأدنى أول من عرف علم الفلك و الحساب و الهندسة. لعل تلك العلوم كانت تلبى حاجات تولدت من النشاط الزراعى. أجل، قد كان علم الفلك يساعد على معرفة الاحوال الجوية و الأمطار، و نشأت الهندسة من الحاجة إلى كيل الحقول، وكان الحساب وليد الحاجة إلى إحصاء المنتوجات الزراعية.
* التقنيون الأوائل :
هل كانت اختراعات إنسان ما قبل التاريخ حصيلة الصدفة ؟؟؟ لا شك أن ذلك الإنسان لعب دوراً معيناً، لكن ظهور أية تقنية جديدة كانت تتصل مباشرة بحاجة معينة أو ببعض المتطلبات الملحة. لكى يحفظ المزارع غلاله، لجأ الى جدل السلال بخيوط نباتية معينة. و عندما أكتشف النار، صار بإمكانه تليين اللحوم و حفظها زمناً أطول و رأى نفسه مدفوعاً هكذا إلى التفنن فى إشعال النار و أستخدامها. ولكى لا يسود كوخه بالدخان، أضاف المدخنة إلى مسكنه هذا. أما النسا فوجدن ان الناس تقسى الصلصال و تصهر المعادن بعد تكريرها من الصخور و التراب. وقد مهدت صناعة المعادن هذه لأختراع الأسلحة و الأدوات الجديدة. كل تلك الأكتشافات و الأختراعات ترتبط مباشرة أو غير مباشر بالنشاط الزراعى و كافة انواع الصيد.
* موقف علمى رائد :
نشأ العلم تدريجاً، أنطلاقاً من تلك الإختراعات التقنية و من أستخدامها على مر الزمن.
كان ذلك حين لم يعد الإنسان يكتفى بحل مشاكله العملية، بل نشأت لديه رغبة فى الكشف عن أسرار الاشياء و الظواهر الطبيعية التى تكتنفه. ظل الإنسان طوال آلاف السنين يراقب الفلك للأهتداء ليلاً، أو لمعرفة الأحوال الجوية فى زمن الزرع و الحصاد. وظل أيضاً يستعمل الشاقول و اللويحات المفرضة لمراقبة النجوم، وكان يستعين بظل الاوتاد ليقيس الساعات المولية.
وهكذا كان الإنسان القديم يحل مشاكله اليومية دون أن يتمكن من إشباع رغبته فى المعرفة.
لكنه فى هذه المرحلة بدأ يطرح على نفسه أسئلة علمية حول تعاقب الفصول ووضع الكواكب فى السماء و أنتظام دورانها، إلى ما هنالك من المواقف العلمية.
*معطيات فلكية ثابتة :
لقد أكتفى مراقبو الأفلاك قديماً بأكتشاف النجوم و منتظماتها، و بأعطائها أسماء معروفة، وكانوا يدونون ليلة فليلة، وبكل دقة، أشكال و أوضاع القمر و الكواكب، إلى أن أتيح للعلماء أستخلاص نتائج علمية أكثر أهمية. منها ما يتناول أوجه القمر و أوضاع الشمس و أنتظامها بالنسبة إلى النجوم، فبات ممكنا أحتساب أدوارها الزمنية، ومن ثم أستدراك الظاهر الفلكية ( كالبدر و الكسوف و الخسوف ) وكذلك الظواهر الأرضية المرتبطة بالظواهر الفلكية ( مثل دورة الفصول، وتعاقب الليل و النهار، وتقلبات الحرارة الجوية و الأمطار ).
ولم تزل تلك المعطيات الفلكية كما هى، و إن كانت حسابات الفلكيين تزداد دقة ووضوحاً.
* نشوء الرياضيات :
كان صياد العصر الحجرى القديم يعرف أن يعد الأشياء على أصابعه كالأسماك التى يصتادها. وظل الإنسان طوال آلاف السنين يعد الأيام و قطعان الغنم التى يملكها يقضم فرضات فى قضيب، أو بتكديس أكوم الحصى، وكانت هذه الأساليب البدائية تكفى حاجته المباشرة المحدودة. لكنه لم يتوصل آنذاك إلى موقف علمى بالمعنى الحقيقى.
نشأت الرياضيات يوم أبتكر الإنسان رموزاً عددية يختلف دلولها العددى بأختلاف أوضاع أرقامها، ووضع القاعدة العددية ( كالعشرات و الأسداس ) للتسلسل الكمى الحسابى.
تقدم هذا العلم الجديد بفضل تطوير الأنظمة الحسابية التى تسهل عمليات الجمع و الطرح و الضرب، مهما بلغت الأعداد.
* الطب و السحر و العلم :
رافق الطب الإنسان منذ أن وجد على الارض، لكونه عرضة للمرض بأستمرار، مما حدا به إلى البحث عن شتى الوسائل لمعالجته. فى العصر الحجرى، عرف الإنسان بعض العمليات الجراحية الهامة. فى العصور القديمة كانت المعارف الطبية التى حصلتها اقدم الشعوب المتحضرة تشير إلى أهمية الطب القديم، بحسب شهادة المؤرخ اليونانى هيرودوت ( القرن الخامس ق.م. ) حول الطب المصرى فى زمن الفراعنة : كان فى مصر كل طبيب يعالج مرضاً واحداً.
عاصرت هؤلاء المصريين شعوب أشور و بابل و الصين و الهند، وكانت قد حصلت قدراً كبيراً من المعارف الطبية. إلا إنها كانت كالشعب المصرى تعطى دوراً هاماً للسحر فى معالجة الأمراض الخطيرة.